يهتم العديد من الباحثين في تاريخ الحضارات بمعرفة الأسباب التي أدت إلى سقوط القسطنطينية، عاصمة الدولة البيزنطية التي استمرت لأكثر من خمسة عشر قرناً منذ بداية العصور الوسطى وحتى الفتح العثماني بقيادة السلطان محمد الفاتح. وتعد هذه الإمبراطورية واحدة من أقوى وأكثر الإمبراطوريات استقراراً في التاريخ، لذا يُسلط موقعنا الضوء على الأسباب التاريخية التي أدت إلى سقوط هذه المدينة العريقة، بالإضافة إلى تفاصيل تاريخ سقوطها.
أسباب سقوط القسطنطينية
فيما يلي أبرز الأسباب التي أدت إلى سقوط القسطنطينية في عام 1453:
- أثرت الصراعات المستمرة للإمبراطورية البيزنطية مع القوى المختلفة في البلقان، لا سيما مع الروم الكاثوليك، على تقليل حدود ممتلكاتها، مما أضعف القسطنطينية والأراضي الواقعة إلى الغرب منها، وذلك في منتصف القرن الخامس عشر.
- انخفض عدد سكان المدينة بشكل ملحوظ نتيجة للاحتلالات المتكررة، حيث انخفض العدد من نحو 400 ألف نسمة في القرن الثاني عشر إلى حوالي 40 ألف نسمة مع بداية عام 1450. وقد ساهمت الأراضي الشاسعة داخل الأسوار في تحقيق ذلك.
- كان هناك توتر مستمر في العلاقات بين الإمبراطورية البيزنطية وبقية القوى الأوروبية عبر القرون، بالإضافة إلى حدوث الانشقاق العظيم عام 1054، والذي أفضى إلى انقسام العالم المسيحي إلى كنيستين: الشرقية الأرثوذكسية والغربية الكاثوليكية.
- ساهم الاحتلال اللاتيني الذي شهدته القسطنطينية في القرن الثالث عشر في تكريس مشاعر العداء بين الأرثوذكس البيزنطيين والروم الكاثوليك، حيث كان يُعتقد أن السيطرة البيزنطية على القسطنطينية ضرورية لمواجهة النفوذ الإسلامي البحري والبري في البحر الأبيض المتوسط.
- تسببت الحروب الأهلية المتعاقبة في القرن الرابع عشر في استنزاف موارد الإمبراطورية البيزنطية، وفقدت الكثير من أراضيها خلال النزاعات مع العثمانيين.
- انتشر مرض الطاعون في البلاد خلال عام 1347، ولم يتخذ الحكام التدابير اللازمة لمكافحته، الأمر الذي زاد من شكاوى المواطنين.
متى سقطت القسطنطينية
سقطت مدينة القسطنطينية في 29 مايو 1453، حين كانت عاصمة الإمبراطورية البيزنطية، على يد الجيش العثماني بقيادة السلطان محمد الثاني. حيث شهدت الإمبراطورية البيزنطية تراجعاً حاداً في عهده، وانتهت فترة حكمها بعد حصار دام سبعة أسابيع، حيث طوّق محمد الثاني المدينة براً وبحراً، مستخدماً المدافع في قصف أسوارها بلا هوادة.
نتائج سقوط القسطنطينية
فيما يلي النتائج البارزة التي ترتبت على سقوط مدينة القسطنطينية:
- بعد سقوط المدينة، اتسم تصرف محمد الثاني وجيشه بالحذر، حيث امتنعوا بشكل كبير عن قتل المدنيين والنبلاء، وسمحوا لهم بالعودة إلى أوطانهم الأصلية، بينما استمروا في قتل الذين قاوموا بعد الاستسلام.
- شرع محمد الثاني في إعادة إسكان المدينة بأشخاص من خلفيات ثقافية متنوعة.
- نقل محمد الثاني العاصمة من إدرنة إلى القسطنطينية لتصبح مركزاً لإمبراطورية متعددة الثقافات، واستعد ليكون قيصر الروم ووريث الإمبراطورية الرومانية وجميع أراضيها، كما أطلق حملات توسعية في اليونان والبلقان بنهاية القرن الخامس عشر.
- مثل انتصار محمد الثاني في القسطنطينية تحولًا جذريًا في سلوك العالم المسيحي في الشرق، حيث افتقرت الممالك المسيحية لدرع الحماية الذي كان توفره الإمبراطورية البيزنطية ضد العثمانيين، مما مهد الطريق لوصولهم إلى البحر الأسود.
اعتمدت الممالك على المجر للتصدي لأي توسع عثماني جديد نحو الغرب، ويعتبر المؤرخون المعاصرون أن الهجرة الإغريقية إلى إيطاليا التي تلت هذا الحدث ساهمت في إنهاء العصور الوسطى وبدء عصر النهضة.
كم مرة سقطت المدينة
استعادت المدينة حريتها في عام 1261 على يد الإمبراطور البيزنطي ميخائيل الثامن باليولوج، ولكنها سقطت للمرة الثانية والأخيرة في عام 1453 على يد السلطان العثماني محمد الثاني.
لماذا سميت القسطنطينية بهذا الاسم
سُميت مدينة القسطنطينية نسبةً إلى الإمبراطور قسطنطين الذي أسس الإمبراطورية، وكانت تضم مقر بطريركية الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، وهو كاتدرائية آيا صوفيا.
أين تقع مدينة القسطنطينية حاليًا
المدينة اليوم تقع على مضيق البوسفور، وتعرف باسم إسطنبول. أنشأها المستعمرون اليونانيون وسميت بيزنطيوم، ومرت بمراحل من الحصار والتدمير قبل أن تستعيد مكانتها كموقع استراتيجي حيوي.
ما هو وضع المدينة حاليًا
تنقسم المدينة اليوم إلى قسمين بسبب مضيق البوسفور الذي يمر عبرها، مما يجعلها تقع في كل من آسيا وأوروبا. تُعتبر إسطنبول أكبر مدينة في تركيا، إذ تبلغ المساحة القديمة منها 23 كيلومتر مربع، بينما توسعت مساحتها الحالية بشكل ملحوظ.
في ختام هذا المقال، تم التعريف أبرز الأسباب التي أدت إلى سقوط مدينة القسطنطينية وتاريخ هذا الحدث، بالإضافة إلى أهم النتائج المترتبة على هذا السقوط، مع الإجابة عن بعض الأسئلة المتعلقة بالمدينة، مثل أسباب التسمية وموقعها الجغرافي ووضعها الحالي.