التنمر: مفهومه وآثاره
يُعدّ التنمر سلوكاً عدوانياً متكرراً يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال من خلال ترهيب وإساءة معاملة طفل آخر بقصد إيذائه جسدياً وعاطفياً. يعتمد هذا السلوك على ثلاثة عناصر رئيسية: تعمّده، تكراره، والتفاوت في القوة بين المتنمّر والضحية. يُحدث هذا السلوك تأثيرات سلبية عميقة ومشكلات خطيرة ومستدامة على الطفل المستهدف، كما يؤثر على المتنمّر نفسه بشكل مشابه.
أسباب التنمر بين الأطفال
فهم الأسباب الخاصة بهذا السلوك العدواني يعد خطوة مهمة لإيجاد الحلول المناسبة للقضاء على هذه الظاهرة المتنامية بين الأطفال، والتي تشكل تهديداً لصحة شبابنا النفسية والاجتماعية. من أبرز هذه الأسباب:
- قلة اهتمام الأهل بأطفالهم، مما يجعل الطفل المتنمّر يحاول تعويض ذلك من خلال جذب انتباه الآخرين، خاصةً في حالات الطلاق أو تعرض أحد الأبوين للإدمان.
- تعرّض الطفل للعنف من قبل والديه، حيث يؤثر الغضب الذي يُمارس تجاه الأبناء في تعزيز سلوك التنمر.
- قد يتعرض الطفل للتنمر من قبل أخيه الأكبر، حيث يسعى لتأكيد سلطته عليه لتعزيز شعوره بالأمان بعد تعرضه للتنمر من قِبَل أقرانه، بينما قد يلجأ الأخ الأصغر المتضرر من التنمر إلى الانتقام من أصدقائه.
- يُعتبر التنمر سلوكاً مكتسباً، لذا ينبغي أن يكون الآباء والمعلمون قدوةً حسنة للأطفال المحيطين بهم.
- قد يكون الطفل عدوانياً بفطرته ويبحث عن السيطرة على من حوله.
- يشعر المتنمر بالراحة أثناء فرض سلطته على الآخرين، مما يساهم في تعزيز سلوكه العدواني.
- يعاني المتنمّر من قلة الثقة بالنفس وحرمانه من تقدير الذات، مما يجعله يلجأ للتلاعب بالآخرين ونشر الشائعات عنهم.
- قد يكون انعدام المهارات الاجتماعية والتعامل الغير مناسب مع الآخرين أحد أسباب التنمر.
- تحفز مشاعر الغيرة الطفل على ممارسة التنمر، حيث يجعله ذلك يشعر بالتفوق على ضحاياه.
- يعتبر التنمر وسيلة دفاعية بالنسبة لبعض الأطفال للحماية من التنمر الدائم.
أنماط التنمر عند الأطفال
يمكن تصنيف أنواع التنمر إلى ثلاثة أشكال رئيسية:
- التنمر اللفظي: يتضمن استخدام عبارات مسيئة شفهياً أو كتابياً، مثل السخرية والتهديد وتوجيه تعليقات جنسية غير لائقة، بالإضافة إلى المضايقات.
- التنمر الاجتماعي: يشمل محاولة تشويه سمعة الضحية وإبعادها عن المجموعة، عبر استبعادها من الأنشطة الاجتماعية ونشر الشائعات.
- التنمر الجسدي: يتضمن الإيذاء الجسدي المباشر للطفل المستهدف، مثل الضرب أو الطرد أو الإيذاء الجسدي بشكل عام.
آثار التنمر على الطفل المُتنمَّر عليه
يتعرض الطفل المُتنمَّر عليه لمجموعة من المشاكل الجسدية، الاجتماعية، والنفسية، بالإضافة إلى تأثيرات سلبية على الصحة العقلية. من أبرز المشاكل المحتملة:
- الشعور بالاكتئاب، الذي قد يترتب عليه فقدان الشهية وصعوبة النوم، مما يؤثر سلباً على نشاطاته ولا ينحسر تأثيره حتى سن البلوغ.
- مشاكل نفسية أو صحية قد تنشأ نتيجة للتعرض المستمر للتنمر.
- تدهور في الأداء الأكاديمي، مصحوباً بانخفاض ملحوظ في درجاته وغيابه عن المدرسة.
أضرار التنمر على الطفل المُتنمِّر
قد يؤدي استمرار الطفل المتنمّر في ممارسة هذه السلوكيات العنيفة إلى مشاكل أخطر في مرحلة البلوغ، تشمل:
- إدمان الكحول والمخدرات في المرحلة المراهقة.
- ترك المدرسة واتباع سلوكيات شغب تخريب الممتلكات.
- تشكل سجل جنائي نتيجة الانخراط في أنشطة عنيفة.
- التورط في علاقات جنسية مبكرة.
- استمرار تأثير التنمر حتى بعد البلوغ، مما يؤدي إلى علاقات سيئة مع الأسرة والمجتمع.
استراتيجيات مساعدة الأطفال في مواجهة التنمر
يمكن مساعدتهم من خلال:
- الاستماع لهم وتوفير الدعم اللازم ومساعدتهم في التعبير عن تجاربهم بدون خوف.
- تشجيعهم ومدحهم عند الإفصاح عن مشاكلهم، ليؤكدوا أنهم يسلكون الطريق الصحيح.
- توفير شعور بالطمأنينة والدعم لهم ليشعروا بالأمان.
- التواصل مع المعلمين أو المرشدين في المدارس لبحث حال الطفل المتعرض للتنمر.
- تقديم النصائح حول كيفية التعامل مع حالات التنمر.
- تنمية الثقة بالنفس من خلال قضاء الوقت مع الأصدقاء الإيجابيين وممارسة الأنشطة الرياضية.
نصائح للأطفال لمواجهة المتنمرين
إليك مجموعة من النصائح التي يمكن تقديمها لطفلك للتصرف عند التعرض للتنمر:
- تجنب المتنمر، والحرص على أن يكون مع أصدقائه في أوقات الاستراحة.
- تعليم الطفل كيفية السيطرة على انفعالاته وعدم الاستجابة لل provocations.
- تشجيعهم على التصرف بشجاعة من خلال الابتعاد عن مصدر التنمر.
- حُثهم على اللجوء إلى شخص بالغ يثقون به مثل المعلم أو أحد الأبوين.
كيف يمكنني منع طفلي من التنمر؟
يمكنك معالجة سلوك التنمر من خلال تحديد الأسباب المحتملة وراءه، سواء كانت مشكلات عاطفية أو اجتماعية، ومناقشة المخاطر المرتبطة بالتنمر وأهمية التصرف بشكل مناسب. لا تنسى تذكير طفلك بالسلوكيات الجيدة وتعزيزها من خلال الإطراء على تصرفاته الإيجابية. من الضروري أيضاً التواصل مع المدرسة والعمل معاً لحل هذه المعضلة بشكل فعال.