أسباب عدم استجابة الدعاء
يُعتبر الدعاء عبادة أساسية في الإسلام، حيث يُعتبر وسيلة للتواصل بين العبد وربه. عندما يحتاج المسلم إلى شيء، يرفع يديه إلى الله -تعالى- بالدعاء، وهو وعدٌ من الله -تعالى- بأنه سيستجيب لدعاء عباده، كما جاء في قوله: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ). ومع ذلك، هناك عدة عوامل قد تمنع استجابة الدعاء، وسيتم تناولها فيما يلي:
تناول المال الحرام
يشترط لاستجابة الدعاء أن يكون القلب مليئاً بالإيمان ومتمسكاً بتعاليم الدين. إن تناول المال الحرام من رشوة، ربا، سرقة أو احتيال يُشير إلى قسوة القلب وارتكاب الذنوب، مما يؤثر سلباً على استجابة الدعاء. فشخص يقوم بأكل المال الحرام يدعو الله بقلب يخلو من الطاعة ويغمره المعصية، وهذا يعد مانعاً لاستجابة الدعاء.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا” وذكر حديثاً يتحدث عن رجل مسافر يرفع يديه للدعاء، بينما طعامه وشرابه ولباسه حرام، فكيف يُستجاب له؟ لذا، ينبغي لمن يرغب في قبول دعاءه من الله أن يستشعر نقاء الأموال في مآكله ومشربه وملبسه قبل الدعاء.
ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
عندما يتوجه المسلم بالدعاء، فهو يتمنى من الله -جل وعلا- الخير أو رفع المكروه، لكن إذا كان المسلم في حياته اليومية لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، قد يعاقبه الله بتقاعسه عن تلك الواجبات، وبالتالي، يُحرم من المعروف ويدفعه المنكر. فالجزاء من جنس العمل.
وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “والَّذي نَفسي بيدِهِ لَتأمُرُنَّ بالمَعروفِ ولَتنهوُنَّ عنِ المُنكرِ أو ليُشْكِنَّ اللَّهُ أن يبعثَ عليْكُم عِقاباً منهُ ثمَّ تَدعونَهُ فلا يستجيبُ لكُم”. لذا، من يرغب في الحصول على المعروف لنفسه يجب أن يقدمه للآخرين.
الذنوب والمعاصي
يتطلب الدعاء وجود قلب خاشع وحاضر، وهو ما لا يتحقق لمن يتورط في المعاصي والآثام، حيث تؤدي المعصية إلى قسوة القلب، والقلب القاسي لا يُستجاب له. قال الله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)، وهذا يعني أن على العبد تطهير قلبه ليتمكن من رؤية تغيير في حاله واستجابة دعائه.
سرعة الاستجابة وترك الدعاء
من المشكلات التي قد تظهر عند الدعاء هي استعجال الشخص للاستجابة. فإن دعا شخص ما الله في الصباح وطلب الاستجابة في المساء، فسيكون كمن يطلب أمراً وليس دعاءً. الدعاء يتطلب إظهار الخشية والرهبة والتعلق بالله -تعالى-.
يجب على الداعي أن يظهر حاجته واحتياجه، وأن يكون مداوماً على الدعاء. من لم يفعل ذلك فقد استعجل الاستجابة وترك الدعاء بقلوبهم، مما يؤدي إلى اليأس من الإجابة. قال -صلى الله عليه وسلم-: “يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ”.
الدعاء بإثم أو قطيعة رحم
أمر الله -تعالى- بالدعاء لقضاء حوائج الناس وتسهيل الأمور عليهم، ولكن إذا دعا شخص بإثم أو قطيعة رحم، فهذا يعني أنه استخدم الدعاء في معصية الله وفي إيذاء الخلق، مما يمنع الله -تعالى- استجابته. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ”.
حكمة الله وخيره في عدم قبول الدعاء
إن الله -تعالى- أكرم من أن يُهمل دعاء العبد الطائع، لذا قد يُستجاب دعاء المسلم بطرق مختلفة عما يطلبه. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “ما مِنْ مُسلِمٍ يَدْعو بدعوةٍ ليسَ فيها إثمٌ ولا قطيعةُ رَحِمٍ إلَّا أعطاهُ اللهُ إِحْدى ثلاثٍ: إمَّا أنْ يُعَجِّلَ لهُ دعوتَهُ، وإمَّا أنْ يدَّخِرَها لهُ في الآخِرةِ، وإمَّا أنْ يصرِفَ عنهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَها”.
يُستجاب دعاء المسلم بإحدى الطرق التالية:
- استجابة الله -تعالى- للدعاء في الدنيا.
- تخزين الله -تعالى- ثواب الدعاء في الآخرة.
- صرف الله -تعالى- عنه بلاءً أو سوءً بفضل هذا الدعاء، مثل صرف مرض أو مصيبة.