أسباب الغفلة
الجهل وترك طلب العلم
يُعتبر الجهل بالله -عز وجل- وبأسمائه وصفاته وأفعاله، وكذلك الجهل بدين الله من أهم مظاهر الغفلة. فإن الشخص الذي يعلم أن الله مطلع عليه ويعلم السر وأخفى لا يُشبه من هو غافل عن ذكر الله مشغول بالدنيا، ولا يفرق بين الحلال والحرام. فقد كانت أول ما أنزل الله -تعالى- في كتابه هو “اقرأ”، فالقراءة تُعتبر غذاءً للروح وتُحرك الإيمان وتجعل الإنسان يتسلق إلى زاد ينفعه في الآخرة. لذا، فإن الجهل يُحيط بالإنسان من كل جانب مما يجعله في حالة غفلة عما هو قادم عليه.
وإذا نظرنا في أعمار الصحابة عند إسلامهم، نجد أن سيدنا أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- قد أسلما وتعلمّا وهما في سن متقدمة. وعليه، فإن الإنسان مهما بلغ من العمر فلا ينبغي له أن يتوقف عن طلب العلم، لأن غير العالم لا يساوي عند الله العالم.
طول الأمل
روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يزال قلب الكبير شابًا في اثنتين: في حب الدنيا وطول الأمل). إذ يبقى الإنسان، مهما بلغ من العمر، متفائلًا ويمتلك أملًا كبيرًا في الحياة، وغالبًا ما يغتر بصحته وثروته.
ولكن الموت يأتي بشكل غير متوقع، فلا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن قد آمنت من قبل. وكثرة الأمل وحب الدنيا يمكّن الإنسان من الغفلة عن الآخرة، مما يؤدي به إلى الوقوع في المحرمات والتقصير في العبادة.
كلما طالت آمال الشخص، انخفضت أعماله. وما أنت موقن بأنه قادم، ثِق بأنه قريب. وغالبًا ما يندم سكان القبور على ما كان ينبغي لهم القيام به من العمل الصالح. بينما يتنافس الناس في الدنيا على جمع الثروات، يندم أهل القبور على كون هذه الثروات أشغلتهم عن الحق وعبادة الله. فالدنيا اختبار وليست دار قرار، وخير زاد هي التقوى.
أسباب أخرى تؤدي إلى الغفلة
هناك العديد من الأسباب التي تسهم في حدوث الغفلة، وأهمها:
- التهاون في صلاة الجمعة أو تركها.
- المعاصي: حيث إن كثرة الذنوب تغلف القلب، وعليه يصبح من الصعب رؤية الحق أو الاستجابة له. فالمعصية تتبع المعصية دون توبة تباعد الشخص عن طريق الحقيقة.
- الإعراض واتباع الهوى: فكم من إنسان يستمع إلى آيات الله التي تحذره من النار وتدعوه للجنة لكنه يعرض ويتبع رغباته الدنيوية.
- الصحبة السئية: يتمنى العديد من الناس يوم القيامة لو اتبعوا الرسول ولم يأخذوا من رفقاء السوء أصدقاء. حيث يقول -تعالى-: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا* يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا* لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا).
- كثرة الضحك: حيث تدل كثرة الضحك على غفلة الإنسان عن أهوال القيامة والنار وعذاب الله. فهي قد تنسيه في كثير من الأحيان ما ينتظره من حساب وميزان. وقد رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لاَ تُكثروا الضَّحِكَ، فإنَّ كثرةَ الضَّحِكِ تميتُ القلبَ).
- كثرة الحديث في غير ذكر الله -تعالى-: عن عبد الله بن عمر، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تُكثِروا الكلامَ بغيرِ ذكرِ اللهِ فإنَّ كثرةَ الكلامِ بغيرِ ذكرِ اللهِ قسوةٌ للقلبِ، وإن أبعدَ الناسِ من اللهِ القلبُ القاسي).