أسباب قيام ثورة 23 يوليو 1952 لم تأتِ بغتة، إنما كانت نتيجة طبيعية لمعاناة دامت سنوات، وكانت الثورة المصرية هي المنطلق الأول لما وصلنا إليه الآن، فلولاها ما كُتب لنا الاستقلال يومًا.. وفي موقع سوبر بابا نتناول أسبابها تفصيلًا.
أسباب قيام ثورة 23 يوليو 1952
كان للثورات الكبرى في حياة الشعوب دورًا لا يُستهان به في تغيير الأنظمة القائمة، حيث عانت البلدان أزمات قاحلة فيها، فعزمت شعوبها على التغيير تحقيقًا للرغبات المكنونة.. وكان هذا شأن ثورة يوليو المصرية.
أحداث كثيرة خرجت من رحمها الثورة، إلا أن هناك أسباب بعينها كانت بمثابة الشرارة الأخيرة، فقد طفح الكيل بالشعب المصري وجيشه راغبين في الاستقلال.
- فشل مفاوضات الجلاء في الوصول إلى حل مرضي بصدد خروج الاحتلال من مصر.
- الهزيمة في حرب فلسطين كانت هي القشة التي قسمت ظهر البعير.. فهي النكبة التي لم ينساها المصريون للنظام الملكي، فقد كشفت عن فساده.
- مهّد حريق القاهرة إلى قيام الثورة على النظام الحاكم وحاشيته.. فكان الحريق بشعًا، ولم يتغافل الشعب عن أنّ الملك هو المتسبب الأول فيه.
- الطبقية الاجتماعية هي التي جعلت جموع الشعب المصري يلتف حول الضباط الأحرار، وكيف لا وهم يعانون من غياب العدالة، والتمييز، والتوزيع المجحف للثروات.
اقرأ أيضًا: أسباب الثورة الفرنسية المباشرة والغير مباشرة
أوضاع مصر قبيل اندلاع الثورة
شهدت مصر بعد الحرب العالمية الثانية كثير من الأزمات العسكرية والسياسية ومشكلات اجتماعية واقتصادية كبيرة كانت هي مدعاة لأسباب ثورة يوليو.. مما أثر مباشرة على المجتمع المصري.
أولًا: الأوضاع السياسية
بنهاية الحرب العالمية الثانية، كان المصريون يتوقعون أن شبح الإنجليز القابع في مصر سيزول عنها.. بيد أنّ بريطانيا لا زالت متمسكة بوجودها في مصر أكثر، وهذا ما أوضحته معاهدة 1936م.
- حدثت مفاوضات بين مصر وبريطانيا، آلت في نهاية المطاف إلى إلغاء معاهدة 1936 وإنشاء معاهدة جديدة.
- اتفق الطرفان على جلاء القوات البريطانية من الأراضي المصرية، ولكنه كان اتفاقًا واهيًا لم يُنفذ.
- عملت السلطات البريطانية على إثارة روح المعارضة في مصر، للحزب الأقوى على الأطلاق وهو حزب الوفد.
- كان مجلس الأمن مجرد هيئة سياسية يسير وفقًا لأهواء القوى الاستعمارية الكبرى، فلم يؤيد مصر في مطالبها بجلاء الإنجليز.
- زادت حدة الصراعات الحزبية لاسيما بين النقراشي والإخوان المسلمين.. مما أدى إلى وفاته في الأخير.
- كان الملك فاروق يقوم بصفقات الأسلحة الفاسدة.. مما جعل الوضع أقل استقرارًا.
ثانيًا: الأوضاع العسكرية
- لم يكن الجيش المصري مجهزًا بالأسلحة الصالحة للحرب أو الدفاع.. فقط تقدم طفيف في أسلحة الدفاع الجوي.
- في بعض الأحيان كان يُستخدم الجيش كأداة للقمع والإرهاب ضد أي حركة وطنية تقف عائقًا أمام مطامح النظام.
- لم يشارك الجيش المصري أية حملة حربية خارج حدود مصر في عهد الملك فاروق.
- اشتركت القوات المصرية -بالرغم من عدم جاهزيتها- في حرب فلسطين 1948م، مما أدى إلى هزيمة محققة، وهو تفكير غير مُخطط من الملك.
ثالثًا: الأوضاع الاقتصادية
- بعد الحرب العالمية الثانية وقبيل أن تندلع أسباب ثورة 23 يوليو 1952 كان الاقتصاد في مصر يُعاني من حالة تدهور واضطراب في كافة قطاعاته.
- التضخم المالي المشهود لم يُصاحبه زيادة في أجور العاملين أو مرتبات الموظفين.
- عانت الزراعة من الضعف والتدهور لاسيما في ظل الكثافة السكانية المرتفعة.
- أما عن الصناعة المصرية فقد عانت من ضعف بطيء في المواد التنموية خاصتها.
- نسبة العاملين كانت أقل مقارنة بالقوى العاملة.
- كانت مصر تُعاني من حالة العجز في الميزان التجاري، لأنها كانت تستورد أكثر مما تصدر.
- سوء الملكية الزراعية أدى إلى انخفاض الإنتاج الصناعي، مما أدى إلى عجز ملحوظ في الميزان التجاري.
رابعًا: الأوضاع الاجتماعية
- كان هناك خلل واضح في بناء المجتمع المصري، بوجود تفاوت حاد بين الطبقات.
- زيادة غنى الأغنياء، وزيادة فقر الفقراء أدى إلى اختفاء الطبقة الوسطى.
- غياب العدالة الاجتماعية.
- سوء توزيع الثروات.
- نشوء مظاهر الرفض الاجتماعي من الطبقات الكادحة.
- افتقار الفلاحين للقيادة السياسية الواعية والخبرات التنظيمية.
- غياب الوعي بالحقوق والواجبات.
- شهد المجتمع المصري تنظيم الاحتجاجات والإضرابات والاعتصامات في العمل.
- انتشار الرشوة والفساد بكافة أنواعه لاسيما الإداري.
- سيطر الإقطاعيون على المرافق، وكانوا هم أصحاب رؤوس الأموال.
اقرأ أيضًا: هل رأس الحسين في مصر
تشكيل حركة الضباط الأحرار
- بعد رجوع الجيش المصري مهزومًا من حرب فلسطين، تشكلت حركة الضباط الأحرار، ناعتًا إيّاها بذلك الاسم الراحل أنور السادات.
- فقد كانت الأوضاع السياسية والعسكرية تسوء يومًا بعد يوم، فرغبت جماعة الضباط الأحرار في القضاء على الاستعمار.. وإجلاء الاحتلال والنظام الفاسد عن أراضي مصر.
- عملت حركة الضباط الأحرار على تنظيم هيئة تأسيسية، يكون فيها كل ضابط من مجلس القيادة معنيًا بسلاح معين.
- لم يكن هدف تنظيم الضباط الأحرار الحصول على نفوذ جماهيري أو صلاحيات.
انطلاق ثورة يوليو 1952
- بعد أن تراءت أسباب ثورة يوليو أمام العيان.. بدأ الضباط في تنفيذ المخطط في تمام الساعة 12 بعد منتصف الليل.
- في فجر يوم 23 يوليو تمكن الضباط الأحرار من السيطرة على المناطق الحيوية.. كمبنى الإذاعة المصرية، ووزارة الحربية.
- أعلن الراحل أنور السادات عن البيان الذي ألهب حماسة الشعب المصري.. موضحًا فيه مخطط الضباط الأحرار.
- تم عزل الملك فاروق وتولية مكانه أحمد فوائد اعتبارًا بمجلس الوصاية.
مبادئ ثورة يوليو
بتلك المبادئ تم تحديد معالم الطريق أمام الثورة الحرة، وكانت تمهيدًا للحلول المواتية لكافة المشكلات التي عانى منها المجتمع المصري منذ أمد بعيد.
- مواجهة الاحتلال البريطاني الرابط في قناة السويس.
- القضاء على أعوان الاستعمار الخونة من المصريين.
- التخلص من سيطرة رأس المال على الحكم والاحتكار.
- العمل على تثبيت مبادئ العدالة الاجتماعية.
- مواجهة التحكم الإقطاعي.
- إقامة جيش وطني قادر على مواجهة المؤامرات القائمة لإضعافه.
- إنشاء حياة ديمقراطية بمعزل عن التزييف السياسي الذي طمس ملامح الحقيقة الوطنية.
اقرأ أيضًا: ترتيب محافظات مصر من حيث المساحة الزراعية
لماذا تُعد ثورة يوليو من أهم الأحداث التاريخية؟
لا يكون الحدث التاريخي هامًا بذاته إلا وقد ذاع صيته ورسخ في الأذهان.. فالقدر الكبير من الأهمية الذي اكتسبته ثورة يوليو ما كان إلا نتاجًا لتأثيرها في مُجريات الأمور.
- النتيجة الأهم لها تمثلت في جلاء الإنجليز من الأراضي المصرية بعد احتلال دام أكثر من 73 عام.
- تأميم قناة السويس المصرية شركة مساهمة مصرية.. وهو ما أغضب الدول العظمى جراء عدم سيطرتهم على ذلك المجرى الاستراتيجي الهام.
- إعلان الجمهورية بعد إسقاط الملكية التي عانى منها المجتمع المصري.. وهو ما تبعه حركات استقلالية في كثير من البلدان العربية متأثرين بالثورة المصرية.
- إقرار مجانية التعليم، فحدث طفرة فيه ملحوظة، لأنه من الحقوق الأصيلة للمواطنين.
- حركة الإصلاح الزراعي التي دعا لها ناصر كانت تجسيدًا لمبدأ العدالة الاجتماعية.
- لم تعد مصر تتبع إداريًا أي دولة أخرى.. فهي صاحبة سيادة، وظهرت على الساحة الدولية بشكل مؤثر.
- أصبحت مصر نموذجًا للدول المجاورة لها، فمن الناحية الإقليمية بات لها تأثير ملحوظ.
كانت ثورة يوليو 1952 نقطة تحول في تاريخ مصر المعاصر، لأنها غيرت من مساره وخلصت البلاد من ويلات الاحتلال الأجنبي.