أسباب معركة الخندق

أسباب غزوة الخندق

تجسد سبب غزوة الخندق في تآمر يهود بني النضير، الذين تم نقلهم من المدينة على يد الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى خيبر، حيث شعروا بالاستياء من تمتع المسلمين في المدينة بفترة من الاستقرار دون صدامات مع قريش. وقد نسقوا مع يهود خيبر، وأرسلوا وفدًا يتكون من قرابة عشرين من زعمائهم، مثل سلام بن أبي الحقيق، وحيي بن أخطب، وهذة بن قيس، وغيرهم، إلى مكة حيث دعاهم لتحريض قريش ضد النبي -صلى الله عليه وسلم- بغزو المدينة. وزعموا أن دينهم أفضل من دين الإسلام، مما دفع الله تعالى لإظهار خيانته لهم في قوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا). وقد استجاب قريش لمشاعرهم ورغبتهم في استعادة الهيبة، مما دعاهم للخروج في معركة مع تحالف من عشرة آلاف مقاتل بقيادة أبي سفيان بن حرب.

تعريف بغزوة الخندق

وقعت غزوة الخندق في شهر شوال من السنة الخامسة للهجرة، حيث عاش خلالها المؤمنون تجربة صعبة واجهوا فيها اختبارات شديدة. وقد كان هذا الحدث أحد المفاتيح الأساسية في انتشار الدعوة الإسلامية، حيث تم تسمية الغزوة بذلك نسبة إلى الخندق الذي حفره المسلمون بناءً على اقتراح سلمان الفارسي -رضي الله عنه-. عُرفت أيضًا بغزوة الأحزاب نظراً لكونها شهدت تحالفًا عريضًا من المشركين ضد المسلمين. كما تم تخصيص سورة في القرآن الكريم، وهي سورة الأحزاب، تتناول أحداث هذه الغزوة وما جرى فيها.

أهم أحداث غزوة الخندق

عندما علم النبي -صلى الله عليه وسلم- بتحركات الأحزاب، أمر بحفر الخندق بناءً على اقتراح سلمان الفارسي -رضي الله عنه-، وشجّع المسلمين على العمل بجد. في الوقت نفسه، حاول المنافقون زرع اليأس في قلوب المسلمين، ولكنهم واصلوا العمل بدعم من نبينا الذي كان يشرف عليهم. يُروى عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قوله: (لَمَّا كانَ يَوْمُ الأحْزَابِ، وخَنْدَقَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ… وكانَ كَثِيرَ الشَّعَرِ). كما تفاعلت الجماعة مع دعوة النبي حيث قالوا: “نحن الذين بايعوا محمداً… على الجهاد ما بقينا أبداً.” وتمت عملية حفر الخندق خلال فترة تقرب من العشرين يومًا.

  • أحد معجزات الغزوة كانت عندما بشّر النبي -صلى الله عليه وسلم- المسلمين بالفتوحات المقبلة، حيث تمكن من كسر صخرة منعتهم. وورد عن البراء بن عازب -رضي الله عنه-: (لما كان حين أمرنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بحَفْرِ الخَنْدَقِ عَرَضَتْ لنا في بعضِ الخَنْدَقِ صخرةٌ…).
  • قصة البركة في الطعام عندما ذهب جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- يسأل زوجته عن الموجود من الطعام. حينما أخبرته عن القليل الذي لديهم، دعا النبي ومن معه، وحدثت معجزة من خلال توزيع الطعام، حتى أشبعوا جميعاً من بركة النبي.

عندما وصلت القوات إلى المدينة، شعروا بالقلق عند رؤية الخندق، إذ كانت هذه الطريقة غير مألوفة في جزيرة العرب. حاول بعض الفرسان تجاوز الخندق ولكنهم واجهوا مقاومة شديدة. ثم ذهب حيي بن أخطب إلى بني قريظة ليطلب منهم نقض العهد مع النبي، مما وضع المسلمين في وضع حرجة. في تلك الأثناء، وصل نعيم بن مسعود -رضي الله عنه- وأخبر النبي عن إمكانية زرع الفتنة بين الأحزاب وبني قريظة. وقد نجح نعيم في تحقيق ذلك.

استمر المشركون في محاصرة المدينة حتى أرسل الله عليهم رياحًا شديدة أنذرتهم بما لا يحمد عقباه، مما دفعهم للعودة إلى ديارهم خائبين. وقد نزل على المسلمين النصر، حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ…).