سبب نزول سورة المجادلة
تشير الآية الكريمة (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) إلى حالة خاصة، حيث كانت هذه الآية ناتجة عن الموقف الذي جمع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- مع خولة بنت حكيم. فقد جاءت لتناقش مع النبي -عليه الصلاة والسلام- قضية زوجها أوس بن الصامت الذي ظاهر منها.
تجدر الإشارة إلى أن خولة كانت تعاني من ظروف صعبة، إذ أخبرها النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- بأنها أصبحت محرَّمة عليه بسبب الظِهار، وكانت تجادل في موقفها، مبرزةً ما تعانيه كأم لأطفال صغار يحتاجون إلى رعاية وعناية.
استمرت خولة في حديثها مع النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- معبرةً عن قلقلها جراء تحريم زوجها لها، مؤكدةً استغاثتها بالله نظرًا لبراءتها وحاجتها، مما أدى إلى نزول هذه الآية لبيان حالها. وقد روت أم المؤمنين عائشة -رضيَ الله عنها- تفاصيل هذا الموقف، حيث بيّنت أن كلمة الله كانت تستمع إلى ما تقوله خولة عن زوجها وكيف أنها لم تستطع العيش دون رعايته.
أسباب نزول سورة المجادلة الأخرى
تتضمن سورة المجادلة عدة أسباب للنزول، وسنقوم بتفصيلها فيما يلي:
تحية اليهود للرسول
ورد في الآية الكريمة (وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ ۚ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا ۖ فَبِئْسَ الْمَصِيرُ) أنها تتعلق باليهود الذين كانوا يتحيّون النبي محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم- بعبارات تحمل في معناها الإساءات، مثل قولهم: “السام عليك يا محمد”، بمعنى الموت، بينما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يرد عليهم بكلمات طيبة.
كانوا يعتقدون أنهم بذلك يختبرون نبوة النبي لكن الله -عز وجل- أنزل هذه الآية لتبيين عذابهم في الآخرة.
نسخ آية الصدقة عند مناجاة الرسول
في الآية (أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ ۚ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)، تشير الآية إلى الحالة التي تم فيها نسخ الحكم السابق حول وجوب تقديم صدقة قبل مناجاة رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، بهدف التسهيل على المؤمنين.
محبة الصحابة لله تعالى
ذكرت الآية (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ…) سبب النزول يتعلق بأبي بكر الصديق -رضيَ الله عنه- الذي عاقب أبا قحافة حين سبّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأظهر استنكاره لذلك، بينما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يوجه له العتاب.
حادثة الإفساح في المجلس
في الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا…) خلفية النزول تتعلق بموقف النبي -عليه الصلاة والسلام- عند إكرام البدريين، عندما جاء عدة من الصحابة ولم يجدوا مكانًا للجلوس.
المنافق الذي ينقل أخبار الرسول لليهود
تمت الإشارة في الآية (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ ۚ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُون) إلى عبدالله بن نبتل، أحد المنافقين الذين كانوا يروّجون لأخبار النبي للآخرين، حيث يتنكرون للاتهامات الموجهة لهم.