ما هي الأسباب وراء العنف الأسري؟
عُرفت الأسرة بأنها الحماية الأساسية للإنسان، إلا أن بعض الأسر قد تكون مرتعًا للعنف. ورغم أن العنف الأسري لا يُبرر، إلا أنه يشير إلى مجموعة من الأسباب التي يجب تناولها، ومنها:
افتقار الوازع الديني
جميع الأديان السماوية ترفض أشكال العنف بمختلف أنواعها. عنيت الشريعة الإسلامية بالأسرة، حيث عملت على تعزيز استقرارها وترابطها، وأكدت على أهمية التعامل الحسن مع الزوجة، ومنع أي نوع من الإساءة أو الاعتداء عليها جسديًا أو لفظيًا، كما جاء في قوله تعالى: “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف”.
التربية الخاطئة
تشير التربية الخاطئة إلى التنشئة الاجتماعية التي يتلقاها الفرد، حيث قد تُخضعه لرؤية أن العنف سلوك طبيعي يمارس داخل المنزل. يُسهم هذا التأثير في تكوين قناعات غير سليمة لدى الأفراد، مما يدفع البعض لممارسة العنف ضد أفراد أسرهم. يعزز المجتمع أحيانًا موروثًا تقليديًا يفرق بين الذكور والإناث، بالإضافة إلى نشر فكرة الرجولة والقوة.
ومن المفاهيم الخاطئة أيضًا الاعتقاد بأن العنف اللفظي أو الجسدي الذي يُمارس على الأطفال قد يُعزز من شخصيتهم ويجعل منهم رجالًا. في الحقيقة، هذا السلوك يُسبب مشكلات نفسية ويضعف الشخصية.
غياب الحوار الأسري
يعد الحوار بين أفراد الأسرة عنصرًا أساسيًا في تقليل الفجوات بين الأجيال. يُساعد على تقارب وجهات النظر ويساهم في تقوية الروابط الأسرية. ومع غياب هذا الحوار، تتفاقم الخلافات بين الأباء والأبناء بسبب اختلاف الثقافات والآراء، مما يؤدي إلى تفشي العنف النفسي ونتائج سلبية بعيدة المدى.
التحديات الاقتصادية
تؤدي الضغوط الاقتصادية كارتفاع تكاليف المعيشة وصعوبة تأمين حاجيات الأسرة، إلى تفريغ مشاعر الغضب على أفراد الأسرة. يُعتبر الفقر والبطالة والديون عبئًا يثقل كاهل الأب، مما يزيد من الضغوط النفسية ويتسبب في تحميل أفراد العائلة أعباء غير قادرة على تحملها.
تشير الدراسات الاجتماعية الحديثة إلى أن العنف الأسري يتزايد بمعدل خمس مرات في الأسر التي تعيش تحت خط الفقر مقارنةً بتلك التي تعيش فوقه.
الانحرافات الأخلاقية والسلوكية
سُجلت زيادة في السلوكيات الخاطئة، مثل تعاطي المخدرات والكحول، مما قد يؤدي إلى تصرفات عنيفة وانحرافات أخلاقية نتيجة تأثير تلك المواد على العقل.
تأثير وسائل الإعلام
أظهرت الدراسات وجود علاقة بين ارتفاع معدلات الجريمة وزيادة المشاهد العنيفة على شاشات التلفاز. ويُذكر أن منظمة الائتلاف الدولي ضد العنف التلفزيوني أجرت دراسة استمرت على مدى 22 عامًا، أكدت وجود آثار طويلة الأمد للتعرض للمحتوى العنيف عبر التلفزيون، تمتد حتى 20 عامًا.
أفادت الدراسة بوجود ارتباط مباشر بين الأفلام العنيفة في الستينيات وزيادة الجريمة في السبعينيات والثمانينيات. وذكرت المنظمة أن ما بين 25% و50% من أعمال العنف عالميًا يُعزى إلى مشاهد العنف في التلفزيون والسينما.
كما أُشير إلى أن العروض التلفزيونية الأمريكية العنيفة التي تُعرض على الصعيد الدولي قد ساهمت في تفشي الجريمة. يؤكد الدكتور رويل هيوزمان أن مثل هذه العروض تُسهم في تعزيز السلوك العدواني لدى الأطفال، مما يجعلهم أكثر ميلاً للجريمة في مراحل حياتهم اللاحقة.