أسرار ودعائي لأستودع أمري إلى الله

تفويض الأمر إلى الله وفقًا للقرآن الكريم

  • تم تناول مفهوم تفويض الأمر إلى الله في القرآن، حيث جاء في سورة غافر على لسان مؤمن آل فرعون أثناء محاورته مع قومه.
  • عندما دعا قومه للإيمان رافضًا دعوتهم للكفر، قال: “فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ” (غافر).
  • تحدث لهم بكلمات الحق، معتمدًا على الله تعالى، واثقًا بقوله: “وأفوض أمري إلى الله”.

يمكنكم التعرف على:

ما هو معنى “وأفوض أمري إلى الله”؟

  • يشرح علماء التفسير معنى قوله تعالى “وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ” بأنه يعني ترك الشأن لله وحده ليدبره كما يشاء.
  • وهو أيضًا تسليم الأمور بعواقبها ونتائجها لله سبحانه وتعالى.
    • مؤمن آل فرعون كان يقوم بدوره في دعوة قومه وإرشادهم إلى طريق الحق.
  • عندما عصوه ودعوه للكفر، ذكرهم بأن الأمر في النهاية بيد الله، حيث فوض الأمر إليه القادر على رد كفرهم وطغيانهم.
  • وهذا يعكس مدى التوكل على الله واليقين بقدرته في كفايته لعباده، كما قال تعالى “أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ” (الزمر).
  • تحتوي قصة مؤمن آل فرعون على أسرار عديدة حول “وأفوض أمري إلى الله” تزيد من إيمان العبد.

أوقات يتأكد فيها التفويض إلى الله

  • توجد مواضع معينة يفضل فيها الشرع تفويض الأمر إلى الله، على الرغم من أن الاعتماد عليه دائم.
  • تلك المواضع تؤكد على تجلي أسرار “وأفوض أمري إلى الله” وما وراءها من حكم.
  • من هذه المواضع، عند النوم، حيث يُعتبر النوم موتة صغيرة، وعلى العبد تفويض أموره لله.
  • إن قبضت روحه، تكون عبادته القلبية هي تفويض الأمر لله سبحانه.
  • كما ورد في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا أتيْتَ مَضجَعَكَ، فتوضَّأْ ووضوءَكَ للصلاةِ، ثمَّ اضْطجِعْ على شِقِّكَ الأيْمَنِ، ثمَّ قُلْ: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك…” صحيح الجامع.
  • ومن المواضع أيضًا عند الفقر، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ… فَأَنْزَلَهَا بِاللَّهِ فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ” (جامع الترمذي).
  • علاوة على ذلك، عند مواجهة مصيبة أو كرب، يكون العبد موقنًا بأن ما أصابه كان مقدرًا له.
  • فقد قال تعالى: “قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ” (التوبة).
  • أيضًا عند الخروج من المنزل، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “إذا خرَجَ الرَّجُلُ من بَيتِه، فقال: باسمِ اللهِ، تَوكَّلتُ على اللهِ…” (تخريج سنن أبي داوود).

تفويض الأمر إلى الله وأخذ الأسباب

  • يعتقد بعض الأشخاص أن تفويض الأمر إلى الله يتعارض مع الأخذ بالأسباب، وهو اعتقاد غير صحيح.
  • المتوكل على الله هو من يعمل جاهدًا في تحصيل الأسباب أيضًا.
  • الأخذ بالأسباب هو أمر مطلوب، فعن أنس رضي الله عنه قال: “يا رسول الله، أعقلها وأتوكّل، أو أطلقها وأتوكّل؟” فقال: “أعقلها وتوكّل” (سنن الترمذي 2517).
  • يجب على العبد أخذ الأسباب حتى لو كانت ضعيفة بنظره.
    • فالله أمر مريم بهزّ جذع النخلة.
  • قال لها: “وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا” (مريم: 25).
  • ومعلوم أن هزّها للنخلة يعتبر من أضعف الأسباب.
  • لكن الله أمرها به تأكيدًا لمبدأ الأخذ بالأسباب، حتى وإن كانت ضعيفة، حيث يكون اعتماد القلب على الله وحده.
  • فحتى إذا كان السبب قويًا، يمكن لله تعالى إبطال تأثيره كما يمكن أن يحقق التأثير من السبب الضعيف.

يمكنكم قراءة مقالنا حول:

أسرار “وأفوض أمري إلى الله”

  • تفويض الأمر إلى الله يحمل ثمرات كثيرة تعكس عظمتها، حيث تتجلى فيها أسرار “أفوض أمري إلى الله”.
  • أول هذه الثمرات هي ضمان الوقاية والحماية من الله، وكذلك رد كيد الأعداء.
  • قال تعالى عن مؤمن آل فرعون: “فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ۖ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ” (غافر).
  • الثمرات الثانية هي تحقيق النصر على الأعداء والتمكين.
    • قد يكون النصر في الدنيا أو بالعذاب في الآخرة.
  • قال تعالى: “إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ…” (آل عمران).
  • الثمرة الثالثة هي أن من فوض أمره إلى الله يكون محبوبًا لدى الله، فقد قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” (آل عمران).
  • كما سينال جنة الله التي عرضها السموات والأرض، وهي الثمرة الرابعة.
  • قال تعالى: “والَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ… عَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ” (العنكبوت: 58).

أمثلة من تفويض الأنبياء أمورهم إلى الله

  • نبدأ برسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عندما كان مع أصحابه في حمراء الأسد وجمع لهم أبو سفيان.
  • قال تعالى: “الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ” (آل عمران 173).
  • وعن ابن عباس رضي الله عنه، قال: “حَسْبُنَا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ” قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم عندما قالوا: “إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ…” (صحيح البخاري).
  • كما ذكر الله عز وجل قصة هود عليه السلام عندما عصاه قومه ولم يؤمنوا به، بل سبوه وأهانوه.
    • قال تعالى: “قالُوا يا هودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ…” (هود 53-56).
  • أما عن نوح عليه السلام، فقال: “وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ…” (يونس).

أمثلة من تفويض الصالحين أمورهم إلى الله

  • ذكرت سورة التحريم قصة مؤمن آل فرعون، الذي يمثل نموذجاً ناصعًا للتفويض إلى الله بالرغم من المصاعب.
  • وأيضًا تُروى في القرآن الكريم قصة أم موسى، التي فوضت أمرها إلى الله لرعاية ابنها موسى.
  • قال تعالى: “وَأَوْحَيْنَا إِلَى أمِّ موسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي…”