أسس العلاقات الدولية في الإسلام
تستند العلاقات الإسلامية إلى مجموعة من الأسس الهامة التي أقرها ديننا الحنيف، والتي تُعتبر من الضروريات الأساسية للحياة. وتتمثل هذه الأسس فيما يلي:
الوحدة الإنسانية
تشمل الوحدة الإنسانية مبدأ المساواة بين الأفراد، مع رفض كل أشكال التمييز والعنصرية المعتمدة على العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة. يقول الله تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، مما يوضح أن معيار التفاضل بين الناس هو التقوى. كما أن هذه الآية تُخاطب البشرية جمعاء، دون تمييز بين المسلمين وغيرهم، مما يدل على شمولية هذا المبدأ عبر الزمان والمكان.
الصلة الإنسانية
ينظر الإسلام إلى البشر كأمة واحدة تنتمي إلى أب واحد هو آدم -عليه السلام-، ويؤكد على أن العلاقات الإنسانية يجب أن تقوم على أساس العدالة والإحسان. وقد أباح الله -تعالى- التعامل مع من لم يمسنا بسوء من غير المسلمين، حيث يتعين على المسلمين تعزيز الصلات الطيبة مع هذه الفئات.
المساواة بين الأفراد
تحظى المساواة كأحد المبادئ الأساسية بموافقة عالمية، حيث توصل الناس إلى ضرورة إقرار حقوق الآخرين في ظل المعاناة التي يتعرضون لها من الظلم. وقد جاءت الأديان السماوية لتؤكد على ضرورة إرساء هذا المبدأ لمواجهة أشكال الظلم المختلفة.
التعاون الإنساني
كون البشر يعودون إلى أصل واحد يجعل التعاون أمرًا حيويًا لتلبية احتياجاتهم. وتهدف الاختلافات بين البشر في اللغة واللون إلى تعزيز التعارف والتفاهم والإيجابية في التفاعل فيما بينهم.
أكد الله -تعالى- على أهمية التعاون بين الناس لأجل تعزيز الخير، ونبذ الشر والعدوان، حيث يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ). وقد أرسى النبي -صلى الله عليه وسلم- علاقات تعاون مع القوم الذين عاش معهم في المدينة، مُبرمًا معاهدات مثل صلح الحديبية لتعزيز الروابط الإنسانية.
مفهوم العلاقات الدولية
تعرف العلاقات الدولية بأنها الروابط القائمة بين الدول التي تستند إلى قواعد وضوابط تحكم سلوكها كدول ذات سيادة. تشمل هذه العلاقات جانبي السلم والحرب.
من جهة السلم، فإن السيادة الداخلية للدولة في البلدان الإسلامية تعني حاكمية الإسلام فيها، مما يشمل إدارة شؤون المجتمعات بما فيها من شعوب مسلمة وغير مسلمة. وبالتالي، فإن مفهوم السياسة لدى المسلمين يمثل قواعد الحكم الإسلامي وعلاقتهم مع غير المسلمين.
أما فيما يخص السياسة الخارجية، فإنها تتناول تعامل الدولة الإسلامية مع الدول الأخرى عبر مجالات عدة، مثل التجارة والمعاهدات. وفيما يتعلق بالحرب، فإنها تتعلق بقضية الجهاد في سبيل الله وأحكامها، والتي يُعتبرها العلماء “أحكام السير أو أحكام المغازي”.
كما توضح هذه المفاهيم الفروق بين الجهاد والحرب، وموضوع الصلح والهدنة والمعاهدات الحربية، ومفهوم الجزية والغنائم، مما يُميز الإسلام بطرحه لمبادئ التوازن والاعتدال في بناء العلاقات الدولية مع الأمم المختلفة.
الأحكام الإسلامية التي تنظم العلاقات الدولية
تحتوي الشريعة الإسلامية على مجموعة من القواعد العامة التي تحكم العلاقات بين الدول، ومن أبرزها:
- مبدأ العدالة
في سياق الأوضاع السلمية، تُحفظ جميع الحقوق بين الدول، ولكن الأمر يتطلب مزيدًا من الحذر أثناء الحروب. ديننا الحنيف يحظر الاعتداء على من لا علاقة له بالحرب مثل النساء والأطفال والشيوخ، كما يُمنع تدمير الممتلكات، حتى إن الاعتداء على الجثث محرم.
- عدم مفاجأة الخصوم بالحرب دون إنذار مسبق.
- تطبيق العقوبات على المعتدين بالمثل.
- الهدف الأساسي من بناء العلاقات الدولية هو الدعوة الإسلامية.
- يُعتبر السلام الأصل في العلاقات الدولية، بينما الحرب تُعد أمرًا طارئًا.
- لقد شرع الإسلام الحرب للدفاع عن الحق ونشر قيم العدل والتسامح، وهو ما يُعرف بالجهاد في سبيل الله.