أسماء الله الحسنى في القرآن الكريم
يتميز القرآن الكريم بالتكرار المستمر لأسماء الله الحسنى، حيث نجد أن كل سورة تحتوي تقريبًا على اسم من أسمائه العظمى. ومن بين هذه الإشارات، نذكر تلك التي وردت في خواتيم سورة الحشر، حيث يقول الله تعالى: (هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَـنُ الرَّحِيمُ* هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ* هُوَ اللَّـهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
تشمل الأسماء المذكورة في هذه الآيات: الله، العالِم، الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، العزيز، الحكيم.
كما تم ذكر عدد من أسماء الله الحسنى في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، مثلما ورد في صحيح ابن حبان: (هو اللهُ الَّذي لا إلهَ إلَّا هو الرَّحمنُ الرَّحيمُ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤمِنُ المُهَيْمِنُ العزيزُ الجبَّارُ المُتكَبِّرُ الخالقُ البارئُ المُصَوِّرُ الغفَّارُ القهَّارُ الوهَّابُ الرزَّاقُ الفتَّاحُ العليمُ القابضُ الباسطُ الخافضُ الرَّافعُ المُعِزُّ المُذِلُّ السَّميعُ البصيرُ الحكَمُ العَدْلُ اللَّطيفُ الخبيرُ الحليمُ العظيمُ الغفورُ الشَّكورُ العَلِيُّ الكبيرُ الحفيظُ المُقيتُ الحَسيبُ الجليلُ الكريمُ).
(الرَّقيبُ الواسعُ الحكيمُ الودودُ المَجيدُ المُجيبُ الباعثُ الشَّهيدُ الحقُّ الوكيلُ القويُّ المَتينُ الوَلِيُّ الحميدُ المُحصي المُبدِئُ المُعيدُ المُحيي المُميتُ الحيُّ القيُّومُ الواجدُ الماجِدُ الواحدُ الأحَدُ الصَّمدُ القادرُ المُقتَدِرُ المُقدِّمُ المُؤخِّرُ الأوَّلُ الآخِرُ الظَّاهرُ الباطنُ المُتعالِ البَرُّ التَّوَّابُ المُنتقِمُ العَفوُّ الرَّؤُوفُ مالِكُ المُلْكِ ذو الجَلالِ والإكرامِ المُقسِطُ المانعُ الغَنِيُّ المُغْنِي الجامعُ الضَّارُّ النَّافعُ النُّورُ الهادي البديعُ الباقي الوارثُ الرَّشيدُ الصَّبُورُ).
الدعاء باستخدام أسماء الله الحسنى في القرآن
تمثل أسماء الله الحسنى تجليات مدح وحمد وثناء على ذات المولى -تبارك وتعالى-، حيث ذكر القرآن الكريم في العديد من آياته فضل ذكر هذه الأسماء والدعاء بها، كقوله تعالى: (وَلِلَّـهِ الأَسماءُ الحُسنى فَادعوهُ بِها وَذَرُوا الَّذينَ يُلحِدُونَ في أَسمائِهِ سَيُجزَونَ ما كانوا يَعمَلونَ).
تكشف هذه الآية عن عظم جلال الله وسمو صفاته، إذ تتضمن أسماء الله الحسنى كل ما هو حسن، مما يعكس الكمال المطلق وعدم وجود أي نقص، حيث يدل كل اسم من أسمائه على الصفات التي اشتق منها.
الدعاء بأسماء الله الحسنى يشمل جميع أنواع الدعاء، سواء كان دعاء العبادة أو دعاء المسألة. فيستطيع المسلم أن يدعو بما يناسبه من الأسماء، كما في قوله: “اللهم اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم”، ويلفت النظر إلى بعض الآيات التي تناولت الدعاء، مثل قوله تعالى: (قُلِ ادعُوا اللَّـهَ أَوِ ادعُوا الرَّحمنَ أَيًّا ما تَدعُوا فَلَهُ الأَسماءُ الحُسنى وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِت بِها وَابتَغِ بَينَ ذلِكَ سَبيلًا).
وجه الخطاب هنا إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، حيث أوضح أن أي اسم من الأسماء الحسنى يمكن الدعاء به، فالله والرحمن هما من أسماء الله الحسنى. كما أن سبب نزول هذه الآية هو أن الكفار استمعوا إلى النبي وهو يدعو بـ: “يا الله يا رحمن”، مما جعلهم يعتقدون أنه يدعو إلى إلهين، فنزلت الآية لتوضح أن كلا الاسمَين يعودان لله سبحانه وتعالى.
تشجيع على حفظ وتأمل أسماء الله الحسنى
حثت العديد من الأحاديث النبوية على تعلّم وفهم أسماء الله الحسنى والعمل بمقتضاها. وقد جاء في حديث ضعيفة أن الرسول صلي الله عليه وسلم قال: (إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إلَّا واحِدًا، مَن أحْصاها دَخَلَ الجَنَّةَ). يُفهم من الإحصاء هنا أنه يجسد الرغبة في ذكر الأسماء وفهم معانيها.
يتضمن الدعاء بهذه الأسماء ذكر الاسم ومعرفته، والإيمان به، والاعتقاد في صفات الله -تعالى- كما يليق بجلاله، والعمل بمقتضى تلك الأسماء. وعندما يُقال بأن عدد أسماء الله الحسنى تسعة وتسعين، فهذا يُشير إلى الكثرة وليس الحصر.
وقد أفاد الشيخ النووي -رحمه الله- قائلًا: “لا يوجد حصر لأسماء الله بل إن هذه التسعة والتسعين اسمًا هي من يحصاها من ضمن الأسماء التي لا حصر لها، والمراد من الحديث هو الإخبار بدخول الجنة عبر إحصاء هذه الأسماء”.
وقد ورد عن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (اللهمَّ إنِّي أسأَلُك بكلِّ اسمٍ هو لك، سَمَّيتَ به نفسَك، أو أنزَلتَه في كتابِك، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو استأثَرتَ به في عِلمِ الغيبِ عندَك).