أشعار احتفالية بمناسبة ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم

قصيدة: بانت سعاد

قال كعب بن زهير:

بانت سعاد، فقلبي اليوم متبولٌ

مُتَيَّم نعم، إثرها لم يُفد مكبولٌ

وما سعادُ غداةَ البينِ إذ رحلوا

إلا أغنّ غضيضُ الطرفِ مكحولٌ

هَيفاءُ مُقبِلَة وأجزاءُ مُدبِرَةً

لا يُشتكي قِصَرٌ منها ولا طولٌ

تجلو عَوَارضَ ذي ظَلمٍ إذا ابتسمت

كأنّه مُنهَلٌ بالراح معلولٌ

شُجَّت بِذي شَبَمٍ من ماء مَحنِيَةٍ

صافٍ بأبطَحَ أضحى وهو مشمولٌ

تجلو الرياحُ القَذَى عنه وأفرطَهُ

من صَوب سائِرةٍ بيضٍ يَعاليلٌ

يا ويحَها خُلَّة لو أنها صدَقَت

ما وَعَدَت أو لو أن النُصح مقبولٌ

لكنها خُلَّةٌ قد سِيطَ مِن دَمِها

فَجعٌ ووَلعٌ وإخلافٌ وتَبديلٌ

فما تدومُ على حالٍ تكونُ بها

كما تلوّنُ في أثوابها الغولُ

وما تمسَّكُ بالوصل الذي زعمت

إلا كما تمسكُ الماءَ الغَرابيلُ

كانت مواعيدُ عُرقوبٍ لها مَثلاً

وما مواعيدُها إلا الأباطيلُ

أرجو وآمُل أن يعجلنَ في أَبَدٍ

وما لهنَّ طوالَ الدهرِ تعجيلٌ

فلا يغرَّنك ما مَنَّت وما وَعَدَت

إن الأمانِيَ والأحلامَ تَضليلٌ

أمست سُعادُ بأرضٍ لا يُبلِّغُها

إلا العتاق النَجيبات المراسيلُ

ولن يُبلِّغها إلا عُذافِرةٌ

فيها على الأين إيرقالٌ وتبغيلٌ

من كل نَضّاحَةِ الذفرى إذا عَرِقَت

عُرضتُها طاميُ الأعلامِ مَجهولٌ

ترمي الغيُوبَ بعيني مفرَدٍ لهَقٍ

إذا توقدت الحُزّان والميلٌ

ضخمٌ مُقَلَّدُها فَعَمُّ مُقَيَّدُها

في خلقها عن بنات الفَحلِ تفضيلٌ

حرفٌ أخاها أبوها من مُهجَّنةٍ

وعمُّها خالُها قوداءُ شِمليلٌ

يمشي القُرادُ عليها ثم يُزلقهُ

منها لَبانٌ وأقْرابٌ زَهاليلٌ

عَيرانةٌ قُذِفَت في اللحمِ عن عُرُضٍ

مِرفَقُها عن بناتِ الزورِ مَفتولٌ

كأنّ ما فاتَ عينيها ومَذبحَها

من خَطمها ومن اللحيين بَرطيلٌ

تمُرُّ مِثلَ عَسيبِ النخلِ ذا خصَلٍ

في غارِزٍ لم تخوّنه الأَحاليلٌ

قنواءُ في حُرَّتَيها للبصيرِ بها

عِتقٌ مُبينٌ وفي الخَدَّين سهيلٌ

تَخدي على يسَراتٍ وهي لاحقةٌ

ذَوابِلٌ وقعُهُن الأرضَ تحيلٌ

قصيدة: بمدح المصطفى تحيا القلوب

قال البوصيري:

بمدح المصطفى تحيا القلوبُ

وتُغفر الخطايا والذنوبُ

وأرجو أن أعيشَ به سعيداً

وألقاهُ وليس علي حوبٌ

نبي كامل الأوصاف تمت

محاسنه فقيل له الحبيبُ

يفرّج ذكره الكربات عنا

إذا نزلت بساحتنا الكروبُ

مدائحه تزيدُ القلب شوقاً

إليه كأنها حليٌ وطيبُ

وأذكره وليل الخطوب داجٍ

عليَّ فتنجلي عني الخطوبُ

وصفَت شمائل منه حساناً

فما أدري أمدحٌ أم نسيبُ

ومن لي أن أرى منه محيّاً

يسرّ بحسنِه القلب الكئيبُ

كأن حديثه زهرٌ نضيرٌ

وحامل زهره غصنٌ رطيبُ

ولي طرفٌ لمرآه مشوقٌ

ولي قلبٌ لذكراه طروبُ

تبوأ قاب قوسين اختصاصاً

ولا واشٍ هناكَ ولا رقيبُ

مناصبه السنيّة ليس فيها

لإنسانٍ ولا ملكٍ نصيبُ

رحيبُ الصدرِ ضاقَ الكونُ عما

تضمّنَ ذلك الصدرُ الرحيبُ

يجدد في قعودٍ أو قيامٍ

له شوقي المدرس والخطيبُ

على قدرٍ يمد الناس علماً

كما يُعطِيك أدويةً طبيبُ

وتستهدِي القلوبُ النورَ منه

كما استهدى من البحر القليبُ

بدت للناس منه شموسُ علمٍ

طوالعَ ما تزولُ ولا تغيبُ

وألهمنا به التقوى فشقتْ

لنا عمّا أكنّته الغيُوبُ

خلائقه مواهب دون كسبٍ

وشتانَ المواهبُ والكُسُوبُ

مهذبةٌ بنور الله ليست

كأخلاقٍ يهذبها اللبيبُ

وأدابُ النبوة معجزاتٌ

فكيف يَنالُها الرجل الأديبُ

أبَيَّنَ من الطِباعِ دماً وفَرثاً

وجاءت مثل ما جاء الحليبُ

سمعنا الوحيَ من فيه صريحاً

كغاديةٍ عزاليها تصوبُ

فلا قولٌ ولا عملٌ لديها

بفاحشةٍ ولا بهوى مشوبُ

وبالأهواء تختلفُ المساعي

وتفترقُ المذاهب والشعوبُ

ولما صار ذاك الغيث سيلاً

علاهُ من الثرى الزبدُ الغريبُ

فلا تنسبْ لقول الله ريباً

فما في قولِ ربِّك ما يريبُ

فإن تَخلقْ له الأعداءُ عيباً

فقولُ العائِبين هو المعيبُ

قصيدة: ولد الهدى

قال أحمد شوقي:

وُلِدَ الهدى فالكائناتُ ضياءُ

وفمُ الزمانِ تبسّمٌ وثناءُ

الروحُ والمَلأُ الملائكة حولهُ

للدينِ والدنيا به بشراءُ

والعرش يزهو والحظيرة تزدهي

والمنتهى والسدرة العَصماءُ

وحديقةُ الفرقان ضاحكَةُ الرُبا

بالترجمانِ شذيَّةٌ غنّاءُ

والوحي يقطرُ سلسلاً من سلسلٍ

واللوحُ والقلمُ البديعُ رُواءُ

نظِمت أسماءُ الرسلِ فهي صحيفةٌ

في اللوحِ واسمُ محمدٍ طُغراءُ

اسمُ الجلالةِ في بديعِ حروفهِ

ألفٌ هناكَ واسمُ طه الباءُ

يا خيرَ من جاءَ الوجودَ تحيّةً

من مُرسلِينَ إلى الهدى جاؤوا

بيتُ النبيين الذي لا يلتقي

إلا الحَنائِفُ فيه والحُنَفاءُ

خيرُ الأُبوَّةِ حازهُم لكَ آدمٌ

دون الأنامِ وأحرَزَت حوّاءُ

هم أدركوا عِزَّ النبوة وانتهت

فيها إليكَ العزّةُ القَعساءُ

خُلِقَت لبيتِكَ وهو مخلوقٌ لها

إنّ العَظائم كفؤُها العُظَماءُ

بكَ بشَّرَ اللهُ السماءَ فزُيِّنَت

وتضوعت مِسكاً بكَ الغبراءُ

وبدا محيّاك الذي قسَماتهُ

حقٌ وغرَّتهُ هدىً وحِياءُ

وعليهِ من نور النبوة رونقٌ

ومِنَ الخليلِ وهديهِ سيماءُ

قصيدة: وأحسن منك لم تر قط عيني

قال الشاعر حسان بن ثابت:

وأحسن منك لم ترَ قطُّ عيني

وأجمل منك لم تلد النساءُ

خُلِقتَ مبرأ من كل عيبٍ

كَأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كما تشاءُ

قصيدة: مولد الهادي سلاما

قال الشاعر صاحب الأبيات:

مولد الهادي سلامًا

أنت للأجيال عيد

نوركَ العالي تَسامى

من حمى البيت المجيد

يوم شرَّفت البرايا

كبّرت أرض الوجود

عندما نادى المنادي

جاء شمس العالمين

وازدهت بين البلاد

طلعة الهادي الأمين

رددَ الكون الأغانِي

باسمه في كل عيد

هل رأيتم يا عباد

منقذ الكون العظيمِ

حوله الأملاك جيشٌ

تحرس البدر اليتيمِ

من سناء البيت نورُ

مُشرق عَمَّ الوجود

قصيدة: فرش الوجود عيونه مستقبلا

قال الشاعر صاحب الأبيات:

فَرَشَ الوجودُ عيونه مُستقبلا

ألقَ النبوّة حامدًا ومُهللا

ومضى ربيع النور ينشر مسكَهُ

ويزُفُّ للدنيا النبيَّ المُرسلا

يتناقل الملكوتُ بشْرى المصطفى

والروحُ جبرائيلُ والمَلأُ العُلى

ومقامُ إبراهيمَ يشكر ربهُ

ومناةُ والهُبَلُ الأصمُّ تزلزلًا

وتنفَّسَ المستضعفون كأنهم

سُجَنَاء حُرِّرَ قيدُهُم إذ أقبلَ

بأبي وبي يا خيرَ مَنْ وطئَ الثرى

وبِهِ مَسارُ الحادثاتِ تَحوَّلَ

فَمُ العَدلَةِ بالجلالةِ ناطِقٌ

ودُجى الجهالةِ بالرسالةِ مُبتلى

وكِتابُ رب العالمين مُرتَّلٌ

وبلالُ يصدحُ بالأذان مُجلجلاً

وهُنا تلاقى المؤمنُون كأنهم

قُزَعُ الخريف فما أجَلَّ وأجْمَلا

وهُنا اليمانيُون خيرُ سُيوفِهمْ

بيدِ النبيِّ تذودُ عنه الجَحْفلا

ومتى دَعَاهُم للجهاد تسابقوا

لِجَوَابِهِ أيٌّ يكونُ الأولَ

فإذا رأَيْتَ اليومَ حُسْنَ فِعَالِهِمْ

فَهِيَ الأصالة لم ولن تتبدَّلَ

ولو اطَّلعت اليومَ يا علمَ الهُدى

لَرأيتَ حالَ المسلمين المُعظِلا

قصيدة: يا سيدي يا خير من وطئ الثرى

قال الشاعر صاحب الأبيات:

يا خيرَ مَنْ وطئَ الحصى أقدامُه

كلُّ الفضائل قَد حَباهُ الباري

مَنْ هَدْيُه هَدْيُ السماءِ ورِيحُه

أزكى وأنعشُ من شميمِ عَرارِ

يا أُسوةً يا قُدْوةً يا مَنْ بِه

سُبلُ الهدايةِ بُيِّنت للسَّاري

يا خاتمَ الرُسل الكرامِ وخيرَهُم

يا مصطفًى يا سيِّدَ الأبرار

أعلى الخليقةِ مَحْتِدًا وأروعةً

فهو الخِيارُ وخيرةُ الأخيار

بالنور أُرسلَ والكتابِ مبينًا

يُهدَى به بمشيئةِ الجبَّار

فاللهُ أظهرَ دِيْنَه كُرْهَ العِدَا

وانهارَ أُسُّ الباطلِ المُنهار