أشعار الحب لعنترة بن شداد
تجلت مشاعر الحب عند عنترة بن شداد من خلال شعره، حيث وصف محبوبة قلبه، عبلة، بعبارات جمالية ورقيقة. كان يسهر الليالي من أجل كتابة قصائد تليق بمكانتها. نقدم لكم هنا مجموعة من أشعار الحب لعنترة بن شداد:
قصيدة “يا عبلة إن هواك قد جاز المدى”
زار الخيال خيال عبلة في الكرى،
لمتيّم نشوان محلول العرى.
فنهضت أشكو ما لقيت لبعدها،
فتنفست مسكًا يخالط عنبرا.
فضممتها كي أقبل ثغرها،
والدمع من جفني قد بل الثرى.
وكشفت برقعها فأشرق وجهها،
حتى أعاد الليل صبحًا مسفِرا.
عربية يهتز لين قوامها،
فيخاله العشاق رمحًا أسمرا.
محجوبة بصوارم وذوابل،
سمر ودون خبائِها أسد الشرى.
يا عبلة إن هواك قد جاز المدى،
وأنا المعانى فيك من دون الورى.
يا عبلة، حبك في عظامي مع دمي،
لما جرت روحي بجسمي قد جرى.
ولقد علقت بذيل من فخرت به،
عبس وسيف أبيه أفنى حميّرًا.
يا شأسي، جرني من غرام قاتل،
أبدًا أزيد به غرامًا مسعرا.
يا شأسي، لولا أن سلطان الهوى،
ماضي العزيمة ما تملك عنترًا.
أشاقك من عبلة الخيال المبهرج،
فقلبك منه لاعج يتوهج.
فقدت التي بانَت فبِت معذبًا،
وتلك احتواهَا عنك للبَين هودج.
كأن فؤادي يوم قمت مودّعًا،
عبيلة مني هاربٌ يتمعج.
خليلَيَّ ما أنساكما بل فداكما،
أبي وأبوهَا، أين أين المعَرَّج.
ألم ما بماء الدحرضين فكلا،
ديار التي في حبها بت ألهج.
ديارٌ لذات الخدر عبلة أصبح،
بها الأربَع الهوج العواصف ترهج.
ألا هل ترى إن شط عني مزارها،
وأزعجها عن أهلها الآن مزعج.
فهل تبلغني دارها شَدنيّةٌ،
هملَّعة بين القفار تهملِج.
ترِيكَ إذا ولّت سنامًا وكاهلًا،
وإن أقبلت صدرًا لها يتترجج.
عبيلة هذا در نظمٍ نظمته،
وأنتِ له سلكٌ وحسنٌ ومبهج.
وقد سِرتِ يا بنت الكرام مبادرًا،
وتَحتي مهريٌّ من الإبل أهوَج.
بأرضٍ تردّى الماء من هضباتها،
فأصبح فيها نبتها يتوهَّج.
وأورق فيها الآس والضال والغضا،
ونبقٌ ونسرينٌ ووردٌ وعوسج.
لئن أضحت الأطلال منها خواليا،
كأن لم يكن فيها من العيش مبهج.
فيا طالما مازحت فيها عبيلة،
ومازحَني فيها الغزال المغنَّج.
أغَنت مليح الدل أحور أَكحَلٌ،
أزجّ نقيّ الخدّ أبلج أَدعَج.
له حاجبٌ كالنون فوق جفونه،
وثغرٌ كزهِر الأقحوان مُفَلَّج.
ورِدفٌ له ثقلٌ وخصرٌ مهفَّه،
وخدٌ به وردٌ وساقٌ خَدَلَّج.
وبطنٌ كطَيِّ السابريَّة لين.
أقبّ لطيفٌ ضامِر الكَشح مدمَج.
لهوت بها والليل أرخى سدوله،
إلى أن بدا ضوء الصباح المبلجر.
أراعي نجوم الليل وهي كأنها،
قوارير فيها زئبقٌ يتراجج.
وتحتِي منها ساعدٌ فيه دملج.
مضيءٌ وفوقي آخرٌ فيه دملج.
وإخوان صدقٍ صادقين صحبتهم.
على غارةٍ من مثلها الخيل تسرج.
تطوف عليهم خندريسوٌ ما دامت،
ترى حبَبًا من فوقها حين تمازج.
أشعار الحب لعنترة بن شداد مكتوبة
تغزل عنترة بن شداد بمحامد محبوبته عبلة، ومدح صفاتها بشكل متكرر من خلال العديد من القصائد، حيث كان يفخر دائمًا بحبه لها. نقدم لكم هنا مجموعة من أشعار الحب لعنترة بن شداد مكتوبة:
قصيدة سلا القلب
سلا القلب عمّا كان يهوا ويطلب،
وأصبح لا يشكو ولا يتعتب.
صحا بعد سكر وانتخى بعد ذلة،
وقلب الذي يهوى العلى يتقلب.
إلى كم أداري من تريد مَذلَّتي،
وأبذل جهدي في رضاها وتغضب.
عبيلة أيام الجمال قليلةٌ،
لها دولةٌ معلومة ثم تذهب.
ألا يا عبلة قد زاد التصابي،
ألا يا عبلة قد زاد التصابي.
ولجّ اليوم قومك في عذابي،
وظل هواك ينمو كل يومٍ،
كما ينمو مشيبي في شبابي.
عتبت صروف دهري فيك،
حتى فني وأبيك عمري.
في العتاب ولاقَيت العدا،
وحفظت قومًا أضاعوني.
ولم يرعوا جنابي.
أجمل أشعار الحب لعنترة بن شداد
ظل عنترة بن شداد يكافح ليصل إلى حب عمره، عبلة، على الرغم من رفض سادة وكبراء قومه. لم يهتم عنترة بتلك الآراء وظل يكتب الشعر ويتغزل في محبوبته، عبلة. إليكم مجموعة من أجمل أشعار الحب لعنترة بن شداد:
قصيدة دعني أجد إلى العلياء
دعني أجد إلى العلياء في الطلب،
وأبلغ الغاية القصوى من الرتب.
لعَلّ عبلة تضيء وهي راضيةٌ،
على سوادي وتَمحو صورة الغضب.
إذا رأت سائر السادات سائرة،
تزور شعري بركن البيت في رجب.
يا عبلة قومي، انظري فعلي ولا تسلي،
عنّي الحسود الذي ينبيك بالكذب.
إذ أقبلت حدق الفرسان ترمقني،
وكل مِقدام حرب مال للهَرَبِ.
فما تركت لهم وجهًا لمنهزمٍ،
ولا طريقًا ينجّيهم من العطب.
فبادري وانظري طعنًا إذا نظرت،
عين الوليد إليه شاب وهو صبي.
خلِقت للحرب أحميها إذا بردت،
وأصطلي نارها في شدة اللهب.
بصاليٍ حَيثما جَرَدتَ سجدت.
له جباير الأعجام والعرب.
وقد طلبت من العلياء منزلةً،
بصاري لا بأمي لا ولا بأبي.
فمن أجاب نَجا ممّا يحاذره،
ومن أبَى ذاقَ طعم الحرب والحرَبِ.
قصيدة طيف الخيال
إن طيف الخيال يا عبل يشفي،
ويداوي به فؤادي الكئيب.
وهلاكي في الحب أهون عندي،
من حياتي إذا جفاني الحبيب.
يا نسيم الحجاز لولاك تطفا،
نار قلبي أذاب جسمي اللهيب.
لك مني إذا تنفست حر،
ولرياك من عبيلة طيب.
ولقد ناح في الغصون حمام،
فشجاني حنينه والنحيب.
بات يشكو فراق إلف بعيد،
وينادي أنا الوحيد الغريب.
يا حمام الغصون لو كنت مثلي،
عاشقًا لم يرقك غصن رطيب.
فاترك الوجد والهوى لمحب،
قلبه قد أذابه التعذيب.
كل يوم له عتاب مع الدهر،
وأمر يحار فيه اللبيب.
وبلايا ما تنقضي ورزايا،
ما لها من نهاية وخطوب.
قصيدة سأضمر وجدي
سأضمِر وجدي في فؤادي وأكتم،
وأسهَر ليلي والعواذل نوّم.
وأطمع من دهري بما لا أناله،
وألزَم منه ذُلَّ من ليس يرحم.
وأرجو التَداني منكِ يا ابنة مالكٍ،
ودون التَداني نار حربٍ تَضرم.
فمنّي بطيفٍ من خيالكِ واسألي،
إذا عاد عنّي كيف بات المتيم.
ولا تجزعي إن لجَّ قومكِ في دمي،
فما لي بعد الهجر لحمٌ ولا دم.
ألم تسمعي نَوْح الحمائم في الدجى،
فمن بعض أشجاني ونوحي تعلموا.
ولم يبقَ لي يا عبلة شخصٌ معرّفٌ،
سوى كبدٍ حرى تذوب فأسقم.
وتلك عظامٌ بالياتٌ وأضلاعٌ،
على جلدها جيش الصدود مخيّم.
وإن عشت من بعد الفراق فما أن،
كما أَدّعي أني بعبلة مغرم.
وإن نام جفني كان نومي علالةً،
أقول لعَلّ الطيف يَأتي يُسلّم.
أحن إلى تلك المنازل كلّم،
غدًا طائرٌ في أيكةٍ يترنّم.
بكيت من البين المُشتى وإني،
صبورٌ على طعن القنا لو علمتم.
أشعار الحب لعنترة بن شداد رومانسية
كان عنترة بن شداد يعشق عبلة عشقًا حقيقيًا نابِعًا من القلب، وكان دائمًا ما يحارب من أجلها، حتى أنه لقّب بمجنون عبلة. إليكم مجموعة من أشعار الحب لعنترة بن شداد رومانسية:
قصيدة “عجبت عبيلة”
عجِبت عبيلة من فتى متبذِلٍ،
عاري الأشاجع شاحبٍ كالمُنصلِ.
شعث المفارق منهجٍ سِرباله،
لم يدهن حولًا ولم يتراجل.
لا يكتسي إلا الحديد إذا اكتسى،
وكذاك كل مغاورٍ مستبسلِ.
قد طالما لبس الحديد فإنما،
صدأ الحديد بجِلده لم يغسلِ.
فتضاحكت عجبًا وقالت يا فتى،
لا خير فيك كأنها لم تحفلِ.
فعجبت منها حين زلّت عينه،
عن ماجدٍ طلق اليدين شمردلِ.
لا تصرميني يا عبلة وراجعي،
فِيَّ البصيرةَ نظرةَ المتأمّلِ.
فلرب أملح منكِ دلًا فاعلمي،
وأقرّ في الدنيا لعين المجتلي.
وصلت حبالي بالذي أنا أهله،
من ودّها وأنا رخيّ المطوّلِ.
يا عبلة، كم من غمرةٍ باشرته،
بالنفس ما كادت لعمرك تنجلي.
فيها لوامع لَو شهدتِ زهائَه،
لسلوتِ بعد تخضبٍ وتكحلِ.
إما تريني قد نحلت ومن يكن،
غرضًا لأطراف الأسنة يَنْحَلِ.
فلرب أبلج مثل بعلِك بادِنٍ،
ضخمٍ على ظهر الجواد مهيّلِ.
غادرته متعفّرًا أوصاله،
والقوم بين مجروحٍ ومجدّلِ.
فيهم أخو ثقةٍ يضارب نازل،
بالمشرفيِّ وفارسٌ لم ينزِلِ.
ورماحنا تكف النجيع صدوره،
وسيوفنا تخلي الرقاب فتختلي.
والهام تندر بالصعيد كأنَّم،
تلقي السيوف بها رؤوس الحنظلِ.
ولقد لقيت الموت يوم لقيته
متسربلًا والسيف لم يتسربلِ.
فرأيتنا ما بيننا من حاجزٍ،
إلا المجنِّ ونصل أبيض مِفصلِ.
ذكرٍ أشق به الجماجم في الوغى،
وأقول لا تقطع يمين الصيقلِ.
ولرب مشعلٍ وزعت رِعالَه،
بمقلصٍ نهدِ المراكِل هيكلِ.
سليس المعذَّر لاحقٍ أقرابه،
متقلّبٍ عَبثًا بفأس المسحَلِ.
نهدِ القَطاة كأنها من صخرةٍ،
ملساءَ يغشاها المسيل بمحفَلِ.
وكأن هادِيَه إذا استقبلته،
جذعٌ أذلّ وكان غير مذلّلِ.
وكأن متنَيهِ إذا جَرّدتَه،
ونزعتَ عن الجلّ متنا إِيِلِ.
وله حوافِر موثَقٌ تركيبه،
صم النسور كأنها من جندَلِ.
وله عسيبٌ ذو سبيبٍ سابغٍ،
مثل الرداء على الغني المفضلِ.
سليس العنان إلى القتال فعينه،
قبلاء شاخِصةٌ كعين الأحوَلِ.
وكأن مشيته إذا نهنهته،
بالنكل مِشيَة شارِبٍ مستعجلِ.
فعليه أقتحم الهيّاج تقَحّم،
فيها وأنقض إنقضاض الأجدل.