أشعار الحب للشاعر العربي عنترة بن شداد

قصيدة عذابك يا ابنة السادات سهل

عذابك يا ابنة السادات سهل

ورد أبيك إنصاف وعدل

فاجوروا واطلبوا قتلي وظلمي

وتعذيبي فإني لا أملّ

ولا أسلو ولا أشفي الأعداء

فقد سادتي لهم فخر وفضل

أناس أنزلونا في مكانٍ

من العلياء فوق النجم يعلو

إذا جاروا عدلنا في هوانهم

وإن عزّوا لعزتهم نذلّ

وكيف يكون لي عزم وجسمي

تراه قد بقي منه الألقل

فيا طير الأراك بحق ربٍّ

بارك عساك تعلم أين حلوا

وتطلق عاشقاً من أسر قومٍ

له في حبهم أسر وغلّ

ينادوني وخيل الموت تجري

محلك لا يعادله محلّ

وقد أمسى يعيبوني بأمي

ولوني كلما عقدوا وحلوا

لقد هانت صروف الدهر عندي

وهانت أهله عندي وقلّوا

ولي في كل معركة حديثٌ

إذا سمعت به الأبطال ذلّوا

قطعت رقابهم وأسرّ منهم

وهم في عظم جمعهم استقلّوا

وأحصنت النساء بحد سيفي

وعدائي لعظم الخوف فلّوا

أثير عجاجها والخيل تجري

ثقلاً بالفوارس لا تملّ

وأرجع وهي قد ولّت خفافاً

محيّرةً من الشكوى تكِلّ

وأرضى بالإهانة مع أناسٍ

أراعيهم ولو قتلي أحلّوا

وأصبر للحبيب وإن جفاني

ولم أترك هواه ولسْتُ أسلو

عسى الأيام تُنعِمُ لي بقربٍ

وبعد الهجر مر العيش يحلو

قصيدة طربت وهاجتك الظباء السوارح

طَرِبتَ وهاجتك الظباء السوارح

غداة غدت منها سنيح وبارح

تغالَت بي الأشواق حتى كأنما

بزنَدين في جوفي من الوجد قادح

وقد كنت تُخفي حب سمراء حِقبَة

فبُحّ لِلان من الحب الذي أنت باح

لعمري لقد أعذرت لو تعذرينني

وخشّنت صدراً غيبه لك ناصح

أعاذل كم من يوم حرب شهدته

له منظر بادٍ المناوجِ كالح

فلم أر حيّاً صابروا مثل صبرنا

ولا كافحوا مثل الذين نكافح

إذا شئت لاقاني كمي مدجج

على أعوجيّ بالطعن مُسامح

نُزاحف زحفاً أو نلاقي كتيبةً

تُطاعِنُنا أو يذعر السرح صائح

فلما التقينا بالجفار تصعصعو

وردت على أعقابهن المسالح

وسارت رجالٌ نحو أخرى عليهم

الحديد كما تمشي الجمال الدوالح

إذا ما مشوا في السابغات حسبتهم

سيولاً وقد جاشت بهن الأباطح

فأشرعت رايات وتحت ظلاله

من القوم أبناء الحروب المراجح

ودُرنا كما دارت على قُطبها الرُحى

ودارت على هام الرجال الصفائح

هاجرةً حتى تغيب نورها

وأقبل ليلٌ يقبض الطرف ساحح

تداعى بنو عبس بكل مهندٍ

حسامٍ يزيل الهام والصّف جانح

وكل رُديني كأنّ سنانه شهابٌ

بدى في ظلمة الليل واضح

فخلّوا لنا عوذ النساء وجبّبوا

عبابيد منهم مستقيم وجامح

وكل كُعابٍ خذلتي الساق فخمةٍ

لها منصبٌ في آل ضبّة طامح

ترَكنا ضراراً بين عانٍ مُكبّلٍ

وبين قتيلٍ غاب عنه النواح

وعمروً وحبّاناً تركنا بقفرةٍ

تعودهما فيها الضِباع الكوالح

يجرّرن هاماً فلقتها رماحن

تزّيّل منهن اللُحى والمسائح

قصيدة هذه نار عبلة يا نديمي

هذه نار عبلةٍ يا نديمي

قد جلت ظلمة الظلام البهيم

تتلهّى ومثلها في فؤادي

نار شوق تزداد بالتضريم

أضرمتها بيضاء تهتز كالغصن

إذا ما انثنى بمرّ النسيم

وكسته أنفاسها أرج الندّ

فبتنا من طيبها في نعيم

كاعبٌ ريقها ألذ من الشهد

إذا ما زجته بنت الكروم

كلما ذُقت بارداً من لمّاه

خلته في فمي ك نار الجحيم

سرق البدر حسنها واستعارَت

سحر أشفانها ظباء الصريم

وغرامي بها غرام مقيم

وعذابي من الغرام المقيم

واتكالي على الذي كلما أظهر

ذلي يزيد في تعظيمي

ومُعيني على النوائب ليثٌ

هو ذخري وفارج همومي

ملكٌ تسجد الملوك لذكره

وتومي إليه بالتفخيم

وإذا سار سابَقته المناي

نحو أعداه قبل يوم القدوم

قصيدة جفون العذارى من خلال البراقع

جفون العذارى من خلال البراقع

أحدّ من البيض الرِقاق القواطع

إذا جُرّدَت ذلّ الشجاعة وأصبحت

محاجره قرحى بفيض المدامع

سقى الله عمي من يد الموت جرعةً

وشُلّت يداه بعد قطع الأصابع

كما قاد مثلي بالمحال إلى الردى

وعلّق آمالي بذيل المطامع

قد ودّعتني عبلةٌ يوم بينها

وداعاً يقيناً أنني غير راجع

وناحت وقالت كيف تصبح بعدنا

إذا غبت عنا في القفار الشواسع

وحقّك لا حاولت في الدهر سلوةً

ولا غيّرتني عن هواك مطامعي

فكن واثقاً مني بحسن موادةٍ

وعش ناعماً في غبطة غير جازع

فقلت لها يا عبلة إني مسافرٌ

ولو عرضت دوني حدود القواطع

خُلقنا لهذا الحب من قبل يومنا

فما يدخل التكذيب فيه مسامعي

أيا علم السعدي هَل أنا راجعٌ

وأنظر في قُطريك زهرة الأراجع

وتبصر عيني الربوتين وحاجرا

وسكان ذاك الجزع بين المراعي

وتجمعنا أرض الشربة واللِوى

ونرتع في أكناف تلك المَرابع

فيا نسَمات البان بالله خبري

عبيلة عن رحلي بأي المواضع

ويا برق بالأغادَة تَحيتي

وحيّ دياري في الحمى ومضاجعي

أيا صادحات الأيك إن متُّ فاِندبي

على تُربتي بين الطيور السواجع

ونوحي على من مات ظلماً ولم ينل

سوى البعد عن أحبابه والفجائع

ويا خيل فابكي فارساً كان يلتقي

صدور المنايا في غبار المعامع

فأمسى بعيداً في غرامٍ وذلةٍ

وقيدٍ ثقيلٍ من قيود التوابِع

ولستُ ببكٍ إن أتتني منّيّتي

ولكنني أهفو فتجري مدامعي

وليس بفخر وصفٌ بأسِي وشِدّتي

وقد شاع ذكري في جميع المجامع

بحق الهوى لا تعذبوني وأقصِروا

عن اللوم إن اللوم ليس بنافع

وكيف أطيق الصبر عمّن أحبّه

وقد أُضرمت نار الهوى في أضَالعي

قصيدة قف بالدّيار وصح إلى بيداه

قف بالدّيار وصح إلى بيداه

فعسى الدّيار تجيب من ناداها

دارٌ يَفوح المسك من عَرَصاتِها

والعود والنَدّ الذكي جناها

دارٌ لعبلة شطّ عنكَ مزارُها

ونأت لعَمري ما أراك تراها

ما بال عينك لا تملّ من البُكا

رمَدٌ بعينك أم جفاكَ كراها

يا صاحبي قف بالمطايا ساعةً

في دار عبلة سائلاً مغناها

أم كيف تسأل دمنةً عاديةً

سفَت الجنُوب دِمانَها وثراها

يا عبلة قد هام الفؤاد بذكركم

وأرى دُيوني ما يحل قضاها

يا عبلة إن تبكي عليّ بحُرقَةٍ

فلطالما بكَتِ الرجال نساها

يا عبلة إني في الكريهة ضيغَمٌ

شرسٌ إذا ما الطعن شقَّ جِباها

ودنت كِباشٌ من كِباشٍ تصطلي

نارَ الكريهة أو تخوض لظاها

ودنا الشجاع من الشجاع وأشرعت

سُمَرُ الرماح على اختلاف قناها

فهناك أطعَنُ في الوَغى فُرسانَها

طعناً يشقّ قلوبَها وكُلاها

وسلي الفوارس يُخبِروك بِهمّتي

ومواقفي في الحرب حين أطاها

وأزيدُها من نارِ حَربي شعلةً

وأثيرُها حتى تدور رحاها

قصيدة أرض الشّربة تُربها كالعَنبرِ

أرض الشّربة تُربها كالعَنبرِ

ونسيمها يسري بمسكٍ أذفرِ

وقبابها تحوي بدوراً طُلّعاً

من كل فاتنةٍ بطرفٍ أحنَرِ

يا عبلة حبك سالبٌ ألبابَنا

وعقولنا فتَعطّفي لا تَهجُري

يا عبلة لولا أن أراك بناظري

ما كنت ألقي كل صعبٍ مُنكَرِ

يا عبلة كم من غمرةٍ باشَرتها

بمثقّفٍ صلبِ القوائم أسمَرِ

فأتيتها والشمس في كبد السما

والقوم بين مُقدّمٍ ومؤخّرِ

ضجّوا فصحتُ عليهم فتجمّعوا

ودنا إليّ خميسُ ذاكَ العسكرِ

فشَككتُ هَذا بالقَنا وعَلَوتُ ذا

مع ذاك بالذِكرِ الحُسامِ الأبتَرِ

وقَصَدتُ قائدَهُم قَطعتُ وَريدَهُ

وقَتَلتُ منهُم كل قرمٍ أكبرِ

ترَكوا اللَبوسَ مع السلاح هزيمةً

يجرون في عُرض الفلاة المُقفِرِ

ونشَرتُ راياتِ المذلّة فوقهم

وقَسَمتُ سلبَهُمُ لكل غَضَنفرِ

ورَجعتُ عنهم لم يكن قصدي سوى

ذِكرٍ يدوم إلى أَوان المحشَرِ

من لم يَعِش متعزِّزاً بسِنانِهِ

سَيَموتُ مَوتَ الذلّ بين المعشرِ

لا بد للعمر النفيس من الفَنا

فاصرف زمانك في الأعزّ الأَفخرِ