أشعار الحب والشغف لجميل بثينة

من قصيدة “ألا هلْ إلى إلمامة أن ألمها”

ألا هلْ إلى إلمامة، أن ألمها

بُثينة، في يوم من الأيام، دربٌ

بينما يسلو الناسُ عن طلبِ الصّبا

وينسى، اتّباعَ الوصل منكِ، الحبيب

فإن هي قالتْ: لا سبيلَ، فقل لها:

عناءٌ، على العذريّ منكِ، طويلُ

ألا، لا أُبالي جَفوة َ الناس، إذا بدا

لنا منكِ، رأيٌ، يا بُثَيْنَ، جميل

وما لم تُطِيعي كاشحاً، أو تَبدّلي

بنا بدلاً، أو كانَ منكِ ذُهُول

وإنّ صباباتي بكم لكثيرة ،

بثينَ، ونسيانيكمُ لقليلُ

يَقِيكِ جميلٌ كلّ سوءٍ، أما له

لديكِ حَديثٌ، أو إليكِ رسول

وقد قلتُ، في حبّي لكمْ وصبابتي

مَحاسِنَ شِعرٍ، ذِكرُهُنّ يطولُ

فإنْ لم يكنْ قولي رضاكِ، فعلميّ

هبوبَ الصبا، يا بثنَ، كيفَ أقولُ

فما غابَ عن عيني خيالكِ لحظة

ولا زالَ عنها والخيالُ يزولُ

قصيدة “لقد فرحَ الواشون أن صرمتْ حبلي”

لقد فرحَ الواشون أن صرمتْ حبلي

بُثينة ، أو أبدتْ لنا جانبَ البُخلِ

يقولون: مهلاً، يا جميلُ، وإنني

لأقسِمُ ما لي عن بُثينة َ من مَهلِ

أحِلماً؟ فقبلَ اليوم كان أوانُه

أمَ اخشى؟ فقبلَ اليوم أوعدتُ بالقتلِ

لقد أنكحوا جهلاً نبيهاً ظعينة

لطيفة َ طيِّ الكَشحِ، ذاتَ شوًى خَدل

وكم قد رأينا ساعياً بنميمة

لأخرَ ، لم يعمدِ بكفٍ ولا رجلٍ

إذا ما تراجعنا الذي كان بيننا

جرى الدمعُ من عينَي بُثينة َ بالكُحل

ولو تركتْ عقلي معي ما طلبتها

ولكنْ طلابيها لما فات من عقلي

فيا ويحَ نفسي حسبُ نفسي الذي بها

ويا ويحَ أهل! ما أصيب به أهلي

وقالتْ لأترابٍ لها، لا زعانفٍ

قِصارٍ، ولا كُسّ الثنايا، ولا ثُعْل

إذا حَمِيَتْ شمسُ النهار، اتّقينها

بأكسية الديباجِ، والخزّ ذي الحملِ

تداعينَ، فاستعجمنَ مشياً بذي الغضا،

دبيبَ القطا الكُدريّ في الدمِثِ السّهل

إذا ارتعنَ، أو فزعنَ، قمنَ حوالها

قِيامَ بناتِ الماءِ في جانبِ الضَّحل

أرانيّ لا ألقَى بُثينة َ مرة،

من الدهرِ، إلاّ خائفاً، أو على رَحْل

خليليّ، فيما عِشتما، هَلْ رَأيتُما

قتيلاً بكى ، من حبّ قاتلهِ، قبلي

أبيتُ، مع الهلاك، ضيفاً لأهلها،

وأهلي قريبٌ موسعونَ، ذوو فضلِ

ألا أيّها البيت الذي حِيلَ دونه

بنا أنت من بيتٍ، وأهلُكَ من أهلِ

بنا أنت من بيتٍ، وحولَك لذة ٌ

وظِلُّكَ لو يُسطاعُ بالباردِ السّهل

ثلاثة ُ أبياتٍ: فبيتٌ أحبه

وبيتان ليسا من هَوايَ ولا شَكلي

كِلانا بكى ، أو كاد يبكي صَبابَةً

إلى إلفِه، واستعجلتْ عبرَةً قبلي

أعاذلتي أكثرتِ، جهلاً، من العذلِ

على غيرِ شيءٍ من مَلامي ومن عذلي

نأيتُ فلم يحدثْ ليَ النأيُ سلوةً

ولم ألفِ طولَ النأي عن خلةٍ يسلي

ولستُ على بذلِ الصّفاءِ هَوِيتُها

ولكن سَبتني بالدلالِ وبالبُخل

ألا لا أرى اثنَينِ أحسنَ شِيمَةً

على حدثان الدهر، مني، ومن جملِ

فإن وُجدَتْ نَعْلٌ بأرضٍ مَضِلّةٍ

من الأرضِ، يوماً، فاعلمي أنها نعلي

قصيدة “أتانيَ عن مَروانَ بالغَيبِ أنّه”

أتانيَ عن مَروانَ، بالغَيبِ أنّه

مُقيِّدٌ دمِي، أو قاطِعٌ من لِسانيا

ففي العِيسِ منجاة ٌ وفي الأرضِ مذهَبٌ

إذا نحنُ رفعنا لهنّ المثانيا

وردّ الهوى اثنانُ، حتى استفزني

من الحبِّ، مَعطوفُ الهوى من بلاديا

أقولُ لداعي الحبّ، والحجرُ بيننا

ووادي القُرى: لَبّيك! لمّا دعانيا

وعاودتُ من خِلّ قديمٍ صبابتي

وأظهرتُ من وجْدي الذي كان خافياً

وقالوا: بهِ داءٌ عَياءٌ أصابه

وقد علمتْ نفسي مكانَ دوائيا

أمضروبة ٌ ليلى على أن أزورَها

ومتخذٌ ذنباً لها أن ترانيا

هي السّحرُ، إلاّ أنّ للسحرِ رُقْيةً

وإنيَ لا ألفي لها، الدهرَ، راقيا

أُحِبّ الأيامَى، إذ بُثينة ُ أيّمٌ

وأحببتُ، لما أن غنيتِ، الغوانيا

أُحِبّ من الأسماءِ ما وافَقَ اسمَها

وأشبههُ، أو كانَ منه مدانيا

وددتُ، على حبِّ الحياة، لو أنها

يزاد لها، في عمرها، من حياتنا

وأخبرتماني أنّ تَيْمَاءَ مَنْزِلٌ

لليلى، إذا ما الصيفُ ألقى المراسيا

فهذي شُهور الصيفِ عنّا قد انقضَتْ،

فما للنوى ترمي بليلى المراميا

وأنتِ التي إن شئتِ أشقيتِ عيشتي

وإنْ شئتِ، بعد الله، أنعمتِ بالِيا

وأنتِ التي ما من صديقٍ ولا عداً

يرى نِضْوَ ما أبقيتِ، إلاّ رثى ليا

وما زلتِ بي، يا بثنَ، حتى لو أنني،

من الوجدِ أستبكي الحمامَ ، بكى ليا

إذا خدرتْ رجلي، وقيل شفاؤها

دُعاءُ حبيبٍ، كنتِ أنتِ دُعائِيا

إذا ما لَدِيغٌ أبرأ الحَلْيُ داءهُ،

فحليكِ أمسى، يا بثينة ُ، دائيا

وما أحدَثَ النأيُ المفرِّقُ بيننا

سلواً، ولا طولُ اجتماعٍ تقاليا

ولا زادني الواشونَ إلاّ صبَابةً

ولا كثرةُ الواشينَ إلاّ تمادينا

ألم تعلمي يا عذبة َ الريق أنني

أظلُّ، إذا لم ألقَ وجهكِ، صاديا

لقد خِفْتُ أن ألقَى المنيّة بَغتَة

وفي النفسِ حاجاتٌ إليكِ كما هيا

وإني لينسيني لقاؤكِ، كلما

لقِيتُكِ يوماً، أن أبُثّكِ ما بِيا

قصيدة “رسمِ دارٍ وقفتُ في طَلَلِه”

رسمِ دارٍ وقفتُ في طَلَلِه

كدتُ أقضي، الغداة من جللهِ

مُوحِشاً، ما ترى به أحَداً

تنتسجُ الريحُ تربَ معتدلهِ

وصريعاً منَ الثمام ترى

عارماتِ المدبِّ في أسلهِ

بينَ علياءَ وابشٍ، قبلي

فالغميمُ الذي إلى جبلهِ

واقفاً في ديارٍ أمّ حسينٍ

من ضُحَى يومه إلى أُصُلِه

يا خليليّ، إن أُمّ حسينٍ

حين يدنو الضجيجُ منَ عللهِ

روضة ٌ ذاتُ حَنوة ٍ وخُزَامَى

جادَ فيها الربيعُ من سبلهِ

بينَما هُنّ بالأراكِ معاً

إذ بدا راكبٌ على جَمَلِه

فتأطرنَ، ثمّ قلنَ لها

أكرِمِيهِ، حُيّيتِ، في نُزُلِه

فَظَلِلْنا بنعمةٍ، واتّكأنا،

وشربنا الحلالَ منْ قللهِ

قد أصونُ الحديثَ دونَ أخٍ

لا أخافُ الأذاة َ من قِبَلِه

غيرَ ما بغضةٍ، ولا لاجتنابٍ

غيرَ أني ألتُ من وجلهِ

وخليلٍ، صافيتُ مرضياً

وخليلٍ، فارقتُ منِمللهِ