أشعار الشاعر ابن الرومي وأهميتها في الأدب العربي

ربيع الضحك في مواجهة آلام السكون

ابتسم الربيع بوجه الفصول الحزينة،

فأصبح ينمو العشب على القمم،

بين خضرة تعانقها الأكمام،

وحقول زاهية كيف لا،

يلتحم فيها الأطراف بتناغم،

حتى كأنه قد انتُزِع بجذور قوية.

يتلألأ ضوء الفجر ويدخل مساحاته،

متلألئًا بين أسحار الليل،

تجد الوحوش هنا تلبي احتياجاتها،

والطيور تتغذى بشغف.

فتكون الظباء تتجول في الخلاء،

والحمام يرفرف فوق الأزقة،

وتمتلئ الروابي بالألوان التي تتراقص

بين الزبرجد والياقوت، تتلألأ تحت اللآلئ.

ماء يتدفق على أوراق الشجر،

في مشهدٍ طبيعي رائع،

والبليغ يرتعش في قصوره المبنية،

ويهتز في فضاءات الجمال،

والحقبة الزهراء تتمايل مع الرياح،

لك وحدك حنين إلى الصبا،

فالربيع يحاكي الشباب،

بينما الصيف يتوارى كهرم،

أنتِ الشقائقُ المنعشة في ربى النعمان،

تتحلى بمحاسن سيدي النعم،

أصبحنا نرى الشقائق تُعبّر

عن النعم التي أنعم بها،

يوفر ترفاً لأعينٍ تتلألأ بها،

لتري الناس عَجائبَ الخلق،

لهبٌ يتسع في وضح النهار،

ويضيء في عتم الليل.

أعجبني كيف أضأت النار في الفحم،

بدلاً من أن تتأجج في سواد الظلال،

وكأنما لمعان السواد بين

ما أحمَرَّ تحت أشعة الشمس.

فرحت العيون وتصاعدت الدموع،

يا للشقائق إنها تتلألأ،

تتجاوزها الأبصار في هذا المزيج،

ما كان يمكن إهداء مثلها إلَّا موهبةٍ من خالق النسم.

دع اللوم، فما في اللوم قوة للنوائب

دع اللوم إن اللوم يُعين على الأزمات،

ولا تتخطى حدود المعاتب،

فليس كلّ من أقام في الخفاء مخلصًا،

ولا كلّ من شدّ الرحال بكاسب،

وفي السعي نوعٌ من الحكمة، وتُعتبر الأنفس نفائس،

وما بيّعها بحاجاتٍ عابرة،

وما يزال الأمل في البقاء مُفضلًا

على الممالك والأرباح مجهولة العواقب.

دعوتَني إلى حطب ناري، فلا تدعْ

لك الخير إذا حذرتَ شرور الغضب،

وأنكرتَ حُبي، وليس ذلك مانعي،

رغبتي أن أرتاد طرق النجاح.

ومن يلاق ما واجهتُ في كل مكانٍ،

من الشوك يزهد في الثمار العطرة،

لقد جعلتني الرحلات أزهد في الغنى،

وجعلتني أغتسل برفض الرغائب،

فأصبحتُ في الإثراء أقرب إلى الزهد.

أنتِ وحدك، يا صديقتي، ملكتي على قلبي

يا خليلاي، تيمتني وحدتي،

ففؤادي هنا يختصر المعنى،

غادةٌ زانها من الغصن قوامٌ،

ومن الذكرى مُقلتان وجيد،

وجمالها يستمدّ من وجهها ومن الخدِّ،

ذلك السواد ولون الورد،

أشعلت النيران من جمالِ وحيد،

فوق خدٍّ لا يُعيبُهُ تورد.

إنها باردةٌ في بريقها وسامية،

وهي للعاشقين جهدٌ هائل،

لم تؤذِ وجهها المُنير،

ورغم جمالها تصهر القلوب،

ما تصطليه من وجهتيها،

غير سنفونة من رحيقها الحي.

كأن الرضاب يحيي الوجد،

لو لا العزة والتصعيد.

دموعكما شفاء حتى وإن لم تصلح

دموعكما شفاء على الرغم من عدم الجدوى،

فقد جاد بما أودّى نظيركما عندي،

يا ابني، الذي أهدته كفّاي للثرى.

ألا قاتل الله المنايا ورميها،

التي اختارت قلوب الأهل،

بحثا عن الأمل المفقود،

فكيف اختارت الوصلة الأثمن،

في حين اعتبر الخير رفيقهن.

أصبحت تنهمر في الوداع،

تبعدك في قاع البعد،

ليست قادرة على محو الذكريات.

لقد زال الخطاب بحضورك.