قصيدة دع الأيام تفعل ما تشاء
دع الأيام تفعل ما تشاء،
وطيب نفساً إذا حَكَمَ القضاء.
ولا تجزع لنازلة الليالي،
فما لحوادث الدنيا بقاء.
وكن رجلاً على الأهوال جلداً،
وشيمتك السماحة والوفاء.
وإن كثرت عيوبك في البرايا،
سرك أن يكون لها غطاء.
تستتر بالسخاء، فكل عيب،
يغطيه كما قيل: السخاء.
ولا تَرَ للأعادي قط ذلاً،
فإن شَمَاتة الأعداء بلاء.
ولا ترجو السماحة من بخيل،
فما في النار للظمآن ماء.
ورزقك ليس ينقصه التأنّي،
وليس يزيد في الرزق العناء.
ولا حزن يدوم ولا سرور،
ولا بؤس عليك ولا رخاء.
ومن نزلت بساحته المنايا،
فلا أرض تقيه ولا سماء.
وأرض الله واسعة ولكن،
إذا نزل القضاء ضاق الفضاء.
دع الأيام تغدر كل حين،
فما يغني عن الموت الدواء.
أبيات قصيرة للشافعي حول الصبر
- يقول الشاعر:
ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعاً،
وعند الله منها المخرج.
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها،
فرجت وكنت أظنها لا تفرج.
- ويقول الشاعر أيضاً:
لا تحملن لمَن يمنّ
من الأنام عليك منه.
واختر لنفسك حظها،
واصبر فإن الصبر جُنّة.
مِنَنُ الرجال على القلوب،
أشد من وقع الأسِنّة.
- ويقول الشاعر أيضاً:
صبرا جميلا ما أقرب الفرج،
من راقب الله في الأمور نجا.
من صدق الله لم ينله أذى،
ومن رجاه يكون حيث رجا.
- ويقول الشاعر أيضاً:
أصبحت مطرّحاً في معشرٍ جاهلوا،
حق الأديب فباعوا الرأس بالذنب.
والناس يجمعهم شمل، وبينهم،
في العقل فرق وفي الآداب والحسب.
كمثل ما الذهب الإبريز يشركه،
في لونه الصفُر، والتفضيل للذهب.
والعود لو لم تطب منه روائحه،
لم يفرق الناس بين العود والحطب.
- ويقول الشاعر أيضاً:
إذا سبّني نذلٌ تزايدتُ رفعة،
وما العيب إلا أن أكون مساببه.
ولو لم تكن نفسي عليَّ عزيزة،
لمكنتُها من كل نذل تحاربه.
ولو أنني أسعى لنفعي وجدتني،
كثير التواني للذي أنا طالبه.
ولكنني أسعى لأنفع صاحبي،
وعار على الشبّعان إن جاع صاحبه.
أشعار الشافعي في الصبر والرضا والأمل
وما كنت أرضى من زماني بما ترى،
ولكنني راضٍ بما حكم الدهر.
فإن كانت الأيام خانت عهودنا،
فإني بها راضٍ ولكنها قهر.
محن الزمان كثيرة لا تنقضي،
وسروره يأتيك كالأعياد.
ملك الأكابر فاسترق رقابهم،
وتراه رقاً في يد الأوغاد.
إذا أصبحت عندي قوت يومي،
فخل الهم عني يا سعيد.
ولا تخطر هموم غد ببالي،
فإن غداً له رزق جديد.
أسلم إن أراد الله أمراً،
فاترك ما أريد لما يريد.
وما لإرادتي وجه إذا ما،
أراد الله لي ما لا يريد.
صبراً جميلاً ما أقرب الفرج،
من راقب الله في الأمور نجا.
من صدق الله لم ينله أذى،
ومن رجاه يكون حيث رجا.
سيفتح باب إذا سد باب،
نعم وتهون الأمور الصعاب.
ويتسع الحال من بعد ما،
تضيق المذاهب فيها الرحاب.
مع العسر يسران هون عليك،
فلا الهم يجدي ولا الاكتئاب.
فكم ضقت ذرعاً بما هبته،
فلم ير من ذاك قدر يهاب.
وكم برد خفته من سحاب،
فعوفيت وانجاب عنك السحاب.
ورزق أتاك ولم تأته،
ولا أرق العين منه الطلاب.
وناء عن الأهل ذي غربة،
أتيحت له بعد يأس غياب.
وناج من البحر من بعد ما،
علاه من الموج طام عباب.
إذا احتجب الناس عن سائل،
فما دون سائل ربي حجاب.
يعود بفضل علي من رجاه،
وراجيه في كل حين يجاب.
فلا تأس يوم على فائت،
وعندك منه رضا واحتساب.
اتهزأ بالدعاء وتزدريه،
ولا تدري بما صنع الدعاء.
سهام الليل لا تخطئ ولكن،
لها أمد وللأمد انقضاء.
مقتطفات من شعر الإمام الشافعي في الصبر
- يقول الشاعر في الصبر على طلب العلم:
اصبر على مرّ الجفا من معلم،
فإن رسوب العلم في نفراته.
ومن لم يذق مرّ التعلم ساعة،
تجرّع نل الجهل طول حياته.
ومن فاته التعليم وقت شبابه،
فكبّر عليه أربعاً لوفاته.
وذات الفتى – والله – بالعلم والتقى،
إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته.
- ويقول الشاعر في الصبر على كلام الخصوم:
قالوا سكتُّ وقد خوصمتُ قلتُ لهم،
إن الجواب لباب الشر مفتاح.
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف،
وفيه أيضاً لصون العرض إصلاح.
أما ترى الأُسد تُخشى وهي صامتة؟
والكلب يخسى لعمري وهو نباح.
- ويقول الشاعر في الصبر على الظلم:
ورب ظلوم كفيت بحربه،
فأوقعه المقدور أي وقوع.
فما كان لي الإسلام إلا تعبدا،
ودعوات لا تتقى بدرع.
وحسبك أن ينجو الظلوم وخلفه،
سهام دعاء من قسٍ ركوع.
مُريَّشة بالهدب من كل ساهر،
منهلة أطرافها بدموع.
- ويقول الشاعر في الصبر على الوحدة:
إذا لم أجد خلا تقيا فوحدتي،
ألذ وأشهى من غوى أعاشره.
وأجلس وحدي للعبادة آمناً،
أقر لعيني من جليس أحاذره.
- وقال الشاعر أيضاً:
ولما أتيت الناس أطلب عندهم،
أخا ثقة عند ابتلاء الشدائد.
تقلبت في دهري رخاءً وشدة،
وناديت في الأحياء هل من مساعد؟
فلم أر فيما ساءني غير شامت،
ولم أر فيما سرّني غير حاسد.
- كما قال الشاعر:
تموت الأسد في الغابات جوعاً،
ولحم الضأن تأكله الكلاب.
وعبد قد ينام على حرير،
وذو نسب مفارشه التراب.
قدمنا لكم فيما سبق أجمل أشعار وأقوال الشافعي في الصبر.