يعتبر العديد من محبي الأدب العربي شعر المتنبي في الحكمة من أبرز ما يمكن الاطلاع عليه في مسيرته الشعرية. تميز المتنبي برؤيته العميقة وفكره المتألق، حيث ترك بصمة لا تُنسى في تاريخ الشعر العربي. لقد تمكنت أشعاره من أن تعكس بدقة حقبته الزمنية والبيئة المحيطة به خلال العصر العباسي، مما جعل شعره يحتل مكانة مرموقة بين الشعراء ومحبي الأدب.
أشعار المتنبي في الحكمة
وفيما يلي مختارات من أشعار المتنبي في مجال الحكمة:
قال المتنبي:
صـحـب الـناس قبلنا ذا الزّمانا.
وعـنـاهـم مـن شأنه ما عنانا.
***
وتـولـّوا بغصّة كـلّه منـــــــ.
ــــــــــه وإن سـر بـعـضـهـم أحيانا.
***
ربـّمـا تـحـسن الصنيع لياليـــ.
ــــــــــــــه ولـكـن تـكـدر الإحـسـانا.
***
وكـأنـّا لم يرض فينا بريب الـــــــــــ.
ـدهر حـتـى أعـانه من أعانا.
***
كـلـمـا أنـبـت الـزمان قناة.
ركـّب الـمـرء في القناة سنانا.
***
ومـراد الـنـفوس أصغر من أن.
تـتـعـادى فـيـه وأن تـتـفانى.
***
غـيـر أن الـفـتى يلاقى المنايا.
كـالـحـات ولا يـلاقى الهوانا.
***
ولـو أن الـحـيـاة تـبقى لحى.
لـعـددنـا أضـلـنـا الشجعانا.
***
وإذا لـم يـكـن مـن الموت بد.
فـمـن الـعـجز أن تموت جبانا.
***
كل ما لم يكن من الصعب فى الأنـــــ.
ـفس سـهـل فـيها إذا هو كانا.
***
ومن أقواله الأخرى في الحكمة:
لكلِّ امرىءٍ مِنْ دَهْرِهِ ما تَعَوّدَا.
وعادَةُ سيفِ الدّوْلةِ الطَعنُ في العِدا.
***
وَإنْ يُكذِبَ الإرْجافَ عنهُ بضِدّهِ
وَيُمْسِي بما تَنوي أعاديهِ أسْعَدَا
***
وَرُبّ مُريدٍ ضَرَّهُ ضَرَّ نَفْسَهُ
وَهادٍ إليهِ الجيشَ أهدى وما هَدى
***
وَمُستَكْبِرٍ لم يَعرِفِ الله ساعَةً
رَأى سَيْفَهُ في كَفّهِ فتَشَهّدَ
***
أيضًا، كانت له أقوال أخرى حكيمة:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته.
وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا.
***
أبيني أبيناً نحن أهل منازل.
أبداً غراب البين فيها ينعق.
***
وإذا كانت النّفوس كبارا.
تعبت في مرادها الأجسام.
***
ما كلّ ما يتمنّاه المرء يدركه.
تجري الرّياح بما لا تشتهي السفن.
***
ومن صحب الدّنيا طويلاً.
تقلّبت على عينه حتّى يرى صدقها كذبا.
***
شرّ البلاد مكانٌ لا صديق به.
وشرّ ما يكسب الإنسان ما يصم.
***
وأتعب خلق الله من زاد همّه.
وقصّر عما تشتهي النفس وجدّه ودّه.
***
ومن يهن يسهل الهوان عليه.
ما لجرحٍ بميت إيلام.
***
لا تشتري العبد إلّا والعصا معه.
إنّ العبيد لأنجاسٌ مناكيد.
***
وما التأنيث لاسم الشّمس عيب.
ولا التّذكير فخرٌ للهلال.
***
مصائب قوم عند قوم فوائد.
أنا الغريق فما خوفي من البلل.
***
كما أدعوك للتعرف على:
قصيدة “أَرَقٌ عَلى أَرَقٍ”
تتسم أشعار المتنبي بتنوع ألوانها، حيث يحتل لون الحكمة مكانة بارزة في قصائده. لقد كان شاعرًا عبقريًا، قد أضاف لفن الشعر من خلال استيعابه للعديد من الثقافات، مما أسهم في عمق تجاربه الشعرية. إن الحكمة التي تضمنتها أشعاره تعكس تجاربه الحياتية وتطوره الفكري:
أَرَقٌ عَلى أَرَقٍ وَمِثلِيَ يَأرَق.
وَجَوىً يَزيدُ وَعَبرَةٌ تَتَرَقرَق.
***
جهد الصَبابَةِ أَن تَكونَ كَما أَرى.
عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وَقَلبٌ يَخفِق.
***
ما لاحَ بَرقٌ أَو تَرَنَّمَ طائِر.
إِلّا اِنثَنَيتُ وَلي فُؤادٌ شَيِّق.
***
جَرَّبتُ مِن نارِ الهَوى ما تَنطَفي.
نارُ الغَضى وَتَكِلُّ عَمّا تُحرِق.
***
وَعَذَلتُ أَهلَ العِشقِ حَتّى ذُقتُه.
فَعَجِبتُ كَيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَق.
***
نَبكي عَلى الدُنيا وَما مِن مَعشَرٍ.
جَمَعَتهُمُ الدُنيا فَلَم يَتَفَرَّقوا.
***
أَينَ الأَكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلى.
كَنَزوا الكُنوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا.
***
مِن كُلِّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بِجَيشِهِ.
حَتّى ثَوى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيِّق.
***
خُرسٌ إِذا نودوا كَأَن لَم يَعلَموا.
أَنَّ الكَلامَ لَهُم حَلالٌ مُطلَق.
***
أَمُريدَ مِثلِ مُحَمَّدٍ في عَصرِنا.
لا تَبلُنا بِطِلابِ ما لا يُلحَق.
***
لَم يَخلُقِ الرَحمَنُ مِثلَ مُحَمَّدٍ.
أَبَداً وَظَنّي أَنَّهُ لا يَخلُق.
***
يا ذا الَّذي يَهَبُ الجَزيلَ وَعِندَه.
أَنّي عَلَيهِ بِأَخذِهِ أَتَصَدَّق.
***
أَمطِر عَلَيَّ سَحابَ جودِكَ ثَرَّةً.
وَاِنظُر إِلَيَّ بِرَحمَةٍ لا أَغرَق.
***
كَذَبَ اِبنُ فاعِلَةٍ يَقولُ بِجَهلِهِ.
ماتَ الكِرامُ وَأَنتَ حَيٌّ تُرزَق.
كما يمكنكم الاطلاع على: