أروع الأشعار عن الطبيعة وجمالها
- يشير الشاعر ابن سهل الأندلسي في شعره:
الأرض تزينت برداءٍ أخضر
ودموع الندى تُنثر جواهرها في أحضانها
ومرت الزهور فكأنّي بها كافوراً
وخالطتُ تربها فظننتُه مسكاً أذفر
وكأن سوسنها يصافح وردها
ثغر يقبل منه خدًا أحمرا
بين الرياض، النهر يبدو
كأنه سيفٌ متعلقٌ في نسيج أخضر
تجري في صفحته نسمات الصبا فكأنها
يدٌ تُحسن تزيين الصحيفة بأسطرها
وكأنّه حين يظهر ناصعاً فضيّاً
يجعله كف الشمس ذهبا أصفر
أو كأن الخدود قد بدت لنا مبيضة
فارتدّت بالخجل البياض معصفرا
والطير صادفت في تلك الأنحاء
لم تتخذ إلا الأراكة منبرا
- ويقول الشاعر أحمد شوقي:
تلك الطبيعة، قف بنا يا ساري
حتى أريك بدائع صنع الباري
الأرض من حولك والسماء اهتزتا
لروائع الآيات والآثار
من كل ناطقة الجلال، كأنها
أم الكتاب على لسان القاري
- كما يقول أيضاً:
أمن البحر صائغ عبقري
بالرمال البيضاء مُغري
طاف تحت الضحى عليهنّ والجو
يهرُ في سوقه يُباع ويُشرى
جئنا من معاصم ونحور
فألبس معصماً وآخر عرّى
وأبى أن يُقلّد الدرّ واليا
قُوت نحراً وقد ألبس الماس نحرا
وترى خاتماً وراء بنان
روبناتٍ من الخواتم صفراء
وسوار يزين زند كعاب
وسوار من زند حسناء فرّى
وترى الغيد لؤلؤاً ثَمّ رطباً
وجماناً حولي الماء نثراً
وكأن السماء والماء شقّا
صدفاً حُمّلا رفيعاً ودرا
وكأن السماء والماء عرس
مترع المهراجان لمحة وعطرا
أو ربيع من ريشة الفن أبهى
من ربيع الروابي وأفتن زهرا
قصيدة الطبيعة
- الشاعر إيليا أبو ماضي يقول:
روض إذا زرته كئيبا
نفّس عن قلبك الكروبا
يُعيد قلب الخليل مغرّا
وينسى العاشق الحبيبا
إذا بكاه الغمام شقّت
من الأسى زهرة الجيوبا
تلقى لديه الصّفا ضروبا
ولست تلقى له ضريبا
وشاه قطر الندى فأضحى
رداءه معلما قشيبا
فمن غصون تميس تيها
ومن زهور تضوع طيبا
ومن طيور إذا تغنّت
عاد المعنى بها طروبا
ونرجس كالرقيب يرنو
وليس ما يقتضي رقيبا
وأقحوان يريك درّا
وجلّنار حكى اللهيبا
وجدول لا يزال يجري
كأنّه يقتفي مريبا
تسمع طورًا له خريرا
وتارة في الثرى دبيبا
إذا ترامى على جديب
أمسى به مربعا خصيبا
أو يتجنّى على خصيب
أعاده قاحلاً جديبا
صحّ فلو جاءه عليل
لم يأت من بعده طبيبا
وكل معنى به جميل
يعلّم الشاعر النسيبا
أرض إذا زارها غريب
أصبح عن أرضه غريبا
أروع الأشعار حول الطبيعة
- تقول الشاعرة نازك الملائكة:
أيها الشاعرون، يا عشاق النبض
وروح الخيال والأغاني
ابعدوا، ابعدوا عن الحب، وانجوا
بأغانيكم من الآثام
اهربوا، لا تدنّسوا عالم الفنّ
بذه العواطف الآدمية
احفظوا للفنون معبدها الساكن
وغنوا أنغامها القدسية
قد نعمتم من الحياة بأحلى
ما عليها، وفزتم بجناها
يعمه الآخرون في ليلها الداجي
وأنتم تحيون تحت سناها
اقنعوا باكتئابكم واعشقوا الفن
وعيشوا في عزلة الأنبياء
وغدا تهتف العصور بذكراكم
وتحيون في رحاب السماء
اقنعوا من حياتكم بهوى الفن
وسحر الطبيعة المعبود
واحلموا بالطيور في ظلل الأضواء
صادف بين التحليق والتغريد
اعشقوا الثلج في سفوح جبال الأرض
والورد في سفوح التلال
وأصيخوا لصوت قمرية الحق
تغني في داجيات الليالي
اجلسوا في ظلال صفصافة الوادي
وأصغوا إلى خرير الماء
واستمدوا من نغمة المطر الساكنة
أحلى الإلهام والإيحاء
وتغنوا مع الرعاة إذا مرّوا
على الكوخ بالقطيع الجميل
وأحبوا النخيل والقمح والزهور
وهيموا في فاتنات الحقول
شجرات الصفصاف أجمل ظلاً
من ظلال القصور والشرفات
وغناء الرعاة أطهر لحنًا
من ضجيج الأبواق والعجلات
وعبير النارنج أحلى وأندى
من غبار المدينة المتراكم
وصفاء الحقول أوقع في النفس
من القتل والأذى والمآثم
وغرام الفراش بالزهر أسمى
من صبابات عاشق بشري
ونسيم القرى المغازل أوفى
عهود الهوى من الآدميين
- أما الشاعر حافظ إبراهيم فيقول:
جمال الطبيعة في أفقها
تجلى على عرشها واستوى
فقل للحزين، وقل للعليل
وقل للمولي: هناك الدوا
وقل للأديب: ابتدِر ساحتها
إذا ما البيان عليك التوى
وقل للمكب على درسه
إذا نهك الدرس منه القوى
تنسم صباها تُجدد قواك
فأرض الجزيرة لا تُجتوى
ففيها شفاءٌ لمرضى الهموم
وملهى كريمٌ لمرضى الهوى
وفيها، وفي نيلها سلوى
لكل غريب رميته النوى
وفيها غذاءٌ لأهل العقول
إذا الرأس إثر كلالٍ خوى
ويا رب يومٍ شديد اللهى
روى عن جهنم ما قد روا
به الريح لفّاحةٌ للوجوه
وبه الشمس نزّاعةٌ للشوى
قصدت الجزيرة أبغي النجاة
وجسمي شواه اللهى فاشتوى
فألفيت ناديها زاهراً
وألفيت ثمّ نعيمًا ثوى
أجمل قصيدة عن جمال الطبيعة في أيلول
- يقول الشاعر إيليا أبو ماضي:
الحسن حولك في الوديان وفي الذرى
فانظر: أَلَستَ ترى الجمال كما أرى
أيلول يمشي في الحقول وفي الربى
والأرض في أيلول أحسن منظرا
شهرٌ يوزع في الطبيعة فنونًا
شجرًا يُصفِّقُ أو سنا متفجرًا
فالنور سحر دافق والماء شعرٌ
رائق والعطر أنفاس الثرى
لا تحسب الأنهار ماءً راقصًا
هذه أغانيه استحالَت أنهارًا
وانظر إلى الأشجار تخلعُ أخضرًا
عَنْها وتلبسُ أحمرًا أو أصفرًا
تعرى وتُكسى في أوانٍ واحد
والفن في ما ترتديه وفي العرا
فكأنما نارٌ هناك خفيةٌ
تنحلّ حين تهمّ أن تُستشعر
وتذوب ألوانًا كألوان الضحى
وتموج ألحانًا وتسري عنبرًا
صور وأطياف تلوح خفيفةً
وكأنها صور نراها في الكرى
للّه من أيلول شهرٍ ساحرٍ
سبق الشهور وإن أتى متأخرًا
من ذا يُدبِّجُ أو يحوكُ كوشيه
أو من يُصور مثلما قد صور
لمست أصابعه السماء فوجهها
ضاحٍ ومَرَّ على التراب فنورت
رد الجلال إلى الحياة وردني
من أرض نيويورك إلى أم القرى