إن أخلاق الرجال راسخة رغم الزمان
يقول محمود سامي البارودي:
إن أخلاق الرجال وإن تعاظمت
فأربعة منها تفوق على الكل
وقار بلا كبر وصفح بلا أذى
وجود بلا من وحلم بلا ذلّ
لا تتحدثوا عن الأخلاق بعد انحيازكم
يقول حافظ إبراهيم:
لا تذكروا الأخلاق بعد انحيازكم
فمصابكم ومصابنا سواء
حاربتم أخلاقكم لتُحاربوا
أخلاقنا فتألم الشعبان
أسستم ملككم على الأخلاق
يقول حافظ إبراهيم:
أسستم ملككم على الأخلاق
فكان لكم بين الشعوب ذمام
فما لي أرى الأخلاق قد شاب قرنها
وحلّ بها ضعف ودبّ سقام
أخشى عليكم عثرة بعد نهضة
فليس لملك الظالمين دوام
أضعتم وداداً لو رعيتم عهوده
لما قام بين الأمّتين خصام
أبعد انحياز لا رعاه الله عهده
وبعد الجروح الناغرات وئام
إذا كان في حسن التفاهم موتنا
فليس على باغي الحياة ملام
الأخلاق تميز البشر وتدوم
يقول أبو العلاء المعري:
إن ميز الناس أخلاقٌ يعاش بها،
فإنهم، عند سوء الطبع، أسوأ
أو كان كل بني حواء يشبهني،
فبئس ما ولدت في الخلق حواء
بعدي عن الناس برء من سقامهم،
وقربهم، للحجى والدين، أدواء
كالبيت أُفرد، لا أيطاء يدركه،
ولا سناد، ولا في اللفظ إقواء
نوديتَ، ألويتَ، فانزل، لا يراد أتى
سيرى لوى الرمل، بل للنبت إلواء
وذاك أن سواد الفود غيّره،
في غرة من بياض الشيب، أضواء
إذا نجوم قتير في الدجى طلعت،
فللجفون، من الإشفاق، أنواء
الصبر من فضائل الأخلاق، فاصبر
يقول اللواح:
الصبر من كرم الأخلاق فاصبر
يا نفس لو كان طعم الصبر كالصبر
من لا يرضى على الأقدار أرغمه
على المكاره إرغاماً قضا القدر
من لم يعظ نفسه من عقلها عبر
أمسى وأصبح كالأعراص للعبر
من لم يدبره فكر مثمر ونهى
أمسى بلا ورق عوداً ولا ثمر
ومن لم يقس بالنزلات ظروفه
لقى الخطوب على غيب من النظر
من ليس هاديه عقل كامل صعبت
عليه طرق النجاة واختار لم يحضر
ولم ير غائبات الأمر حاضرةً
لديه أمهن بالإذلال والصغر
من ملك الحرص مهما عاش مقوده
يقده للمورد المتعسر الصدر
من لا تزود خيراً زاد عاقبته
رأى الهوان وشر الهون في السفر
من لم يكن عالماً بالموت أجهله
طرق النجاة وليس العين كالخبر
يا أيها الجاهل المغرور في زمن
يريك طول البكاء والحزن في الكبر
تسهو وتلهو وترجو ما تؤمله
هيهات لا ينظر المنظور ذو عور
تجمع المال بالأصر مؤتشباً
لزواج زوجتك القاليك في البشر
وزوجة ابنك أو زوج بنتك يا
غر وهم لك كالحيات في العقر
لو كنت ذا فطنة أو كنت ذا بصر
لم ترضى هذا لست ذا بصر
أو كنت معتبراً بالسالفين لما
رضيت ذلك لكن غير معتبر
أراك دينك ترضى أن يكون به
قدر وثوبك مغسول من القذر
ترجو النجاة ولم تسلك لها طرقاً
لا تنزل الشمس في برج من المدر
وتسأل الله أن تحظى بجنته
وأنت تعمل ما يدنيك من سقر
وتدعي الحب للباري وأنت له
أعدى أعاديه بالعصيان والغرر
لو كان قولك صدقاً ما أطعت هوى
إبليس والنفس والدنيا أولي الغرر
أخلصت دينك للمغرور متثاقلاً
به وترجو رجاء القادة الغرر
فأنت كالمتمني قبض مرتفعٍ
من النجوم ففاز الكف في الدبر
ويل لمن عنده طابت صنائعه
فعاش فيها وعنها غير معذّر
ليس العمى بعمى العينين أي عمى
عمى القلوب عن المعقول والنظر
فالعقل صور من نور فإن لبست
نياطه ظلمة الآصاد لم ينر
ها نحن في هذه الدنيا نرود بها
ريادة العين فيما دق في النظر
وإنما هذه الدنيا رياض مني
ونحن كالأغنام نرعى يانع الزهر
والموت كالحابل القناص توقعنا
منه الحبايل في هاوٍ من الحفر
موت الوعول وموت الأسد خادرةً
إلا كموت ظباء الخنس العفر
إلام نحن تمادينا بدار هوى
عن المتاب وأسرعنا إلى البدر
فالحب قائدنا والموت سائقنا
عن من نحب في الأتراب والأثر
فسوف تتركها حمىً مجمعةً
عنها منعنا ولو قلامة الظفر
فما جمعناه للدنيا فمفترق
وما عمرناه فيها غير معتمر
والمرء ما عاش أسر الحادثات به
وإن ثوى صار رهن الطين والحجر
وكل عاقبةٍ إلا إلى سقر
أو جنة مع مليك جل مقتدر
يا سامعاً دعوات الآيبين له
إليك أبت فهبني الحط من وزري
لعل من نظرات اللطف تمحضني
مما بها في غدٍ يقوى سنا نظري
وعلها رحمة في الحشر تنعشني
عن هوة الوزر شداداً بها أزري
إن أخلاق الفتى مرآة لزمانه
يقول أبو العلاء المعري:
إن أخلاق الفتى كزمانه،
فمنهنّ بيضٌ، في العيون، وسودٌ
وتأكلنا أيامنا، فكأنّما
تمرّ بنا الساعاتُ، وهي أُسودُ
وقد يَخمُل الإنسانُ في عنفوانه،
ويَنْبَهُ من بعد النُّهَى، فيسود
فلا تحسُدَنْ يوماً على فضل نعمةٍ،
فحسبُكَ عاراً أن يقال حسود
مكارم الأخلاق
يقول مصطفى وهبي التل:
ما وجدت مكارم الأخلاق
في الدنيا كلام
ورأيت أن المين والتد
ليس أوفى بالمرام
حررت نفسي من قيود
الفضل في عرف الكرام
وزججتها في زمرة المتصع
لكين مع الطغام
وأهبت بالساقي أَن أسرع
بالسلافة يا غلام
وأدر على الندمان حتى
يثملوا كأس المدام
فالناس عندهم الفضي
لة كالرذيلة بالتمام
إن القداسة لو تقي يا
شيخ من وقع السهام
ما استهدف البيت الحرام
لما ترى وخلاك ذام
ولما أتاك حديث شعب
في شعاب منى مضام
فاقصر حديث الفقه
يا عبود لا تزدالملام