لمحة عن المتنبي
- يعدّ أبو الطيّب المتنبي، واسمه أحمد بن الحسين الجعفي الكوفي، شاعرًا بارزًا من فترة العصر العباسي، حيث أطلق عليه لقب “شاعر العرب”. يُعتبر المتنبي أحد أعظم شعراء العربية.
- يُعرف المتنبي بتمكنه وإجادته للغة العربية، حيث يحتل مكانة رفيعة لم تُعط لأحد من الشعراء الآخرين.
- تميز المتنبي بفخره بنفسه، وقد نظم العديد من القصائد التي تمدح إنجازاته، واعتُبر في عصره بمثابة معجزة لم يظهر مثلها.
- كان يكثر في قصائده من مدح الملوك، مقابل حصوله على مكافآت وهدايا كثيرة.
- تُجمع قصائد المتنبي بشكل عام حوالي 326 قصيدة، تشمل موضوعات المدح والرثاء والهجاء.
كتب المتنبي العديد من القصائد في رثاء شخصيات مختلفة، منها قصيدة رثاء جدته “أحن إلى الكأس”، كما كتب قصيدة رثاء لأخت سيف الدولة، إليكم مقتطفات من أشعار رثاء المتنبي:
أحِنّ إلى الكأسِ التي شَرِبَتْ بها * وأهوى لمَثواها التراب وما ضَمّا.
وفي رثاء جدته قال:
بَكَيْتُ عَلَيْهَا خِيفَةً في حياتِهَا * وذاقَ كِلانا ثَكْلَ صاحِبِهِ قِدْمَا.
أتاها كِتابي بَعدَ يأسٍ وترحَةٍ * فَماتَتْ سروراً بي فماتت بها غمّا.
حَرامٌ على قَلبي السّرور فإنّني * أعُدّ الذي ماتَتْ بهِ بَعْدَها سمّا.
وفي رثاء أخت سيف الدولة كتب:
حصن مثل ماء المزن فيه * كتوم السر صادقة المقال.
مشى الأمراء حوليها حفاة * كأن المرو من زف الرئال.
وأبرزت الخدور مخبآت * يضعن النقس أماكن الغوالي.
أتتهن المصيبة غافلات * فدمع الحزن في دمع الدلال.
ولو كان النساء كمن فقدنا * لفضلت النساء على الرجال.
وما التأنيث لاسم الشمس عيب * ولا التذكير فخر للهلال.
وفي رثاء ابن سيف الدولة وهو وليد، قال:
تركت خدود الغانيات وفوقها * دموع تذيب الحسن في الأعين النجل.
بنفسي وليد عاد من بعد حمله * إلى بطن أم لا تطرق بالحمل.
تبل الثرى سودا من المسك وحده * وقد قطرت حمرا على الشعر الجثل.
فإن تك في قبر فإنك في الحشى * وإن تك طفلا فالأسى ليس بالطفل.
ومثلك لا يبكي على قدر سنه * ولكن على قدر المخيلة والأصل.
قصائد رثاء للمتنبي
يتبوأ المتنبي مكانة كبيرة بين الشعراء، وله مجموعة متنوعة من القصائد التي تغطي مختلف الموضوعات، وقد كتب العديد من قصائد الرثاء التي لمست القلوب وأدمعت العيون، إليكم مقتطفات من أبيات رثاء المتنبي:
لا يحْزِنِ الله الأميرَ فإنّني * لآخذ مِن حالاتِهِ بنصيب.
وإنّي وإن كانَ الدّفين حبيبَهُ * حبيبٌ إلى قَلبي حبيب حبيبي.
وقد فارَقَ النّاسَ الأحِبّة قَبْلَنَا * وأعيا دَواءُ الموت كلَّ طبيب.
سُبِقْنَا إلى الدّنْيا فَلَوْ عاشَ أهْلها * منِعْنَا بها من جَيْئَةٍ وذهوبِ.
تَمَلّكَهَا الآتي تَمَلّكَ سَالِبٍ * وفارَقَهَا المَاضِي فِراقَ سَليبِ.
كما تحدث المتنبي في رثاء أخت سيف الدولة الكبرى:
يا أخْتَ خَيرِ أخٍ يا بِنْتَ خَيرِ أبِ * كِنَايَةً بهِمَا عَنْ أشرَفِ النّسَبِ.
لا يَمْلِك الطّرِب المَحزون مَنطِقَه * وَدَمْعَهُ وَهُمَا في قَبضَةِ الطّرَبِ.
غَدَرْتَ يا مَوْت كم أفنَيتَ من عددٍ * بمَنْ أصَبْتَ وكم أسكَتَّ من لجَبِ.
وكم صَحِبْتَ أخَاهَا في منازلةٍ * وكم سألتَ فلم يَبخَلْ ولم تَخِبِ.
طَوَى الجَزِيرَةَ حتى جاءَني خَبَرٌ * فزِعْت فيهِ بآمالي إلى الكَذِبِ.
حتى إذا لم يَدَعْ لي صِدْقه أمَلًا * شَرِقْت بالدّمعِ حتى كاد يشرَق بي.
أرَى العرَاقَ طوِيلَ اللّيْلِ مذ نعِيَتْ * فكَيْفَ لَيلُ فتى الفِتيانِ في حَلَبِ.
يَظُنّ أنّ فؤادي غَير ملْتَهِبٍ * وَأنّ دَمْعَ جفوني غَير منسكِبِ.
بلى وَحرْمَةِ مَنْ كانَتْ مراعيةً * لحرْمَةِ المجدِ والقِصَادِ والأدبِ.
فَلَيْتَ طالِعَةَ الشّمْسَينِ غَائِبَةٌ * وَلَيتَ غائِبَةَ الشّمْسَينِ لم تَغِبِ.
وَلَيْتَ عَينَ التي آبَ النّهار بها * فِداء عَينِ التي زَالَتْ ولم تَؤبِ.