أشعار تعبر عن مشاعر العتاب تجاه الحبيب

عتاب الحبيب

يُعتبر العتاب تعبيراً عن مشاعر الحب، إذ يُقال إنه لا يتم توجيه العتاب إلا لمن يستحقه. يُعَبّر العتاب عن الخوف على المشاعر من أن تُفقد لأحد آخر، وغالبًا ما يرتبط العتاب بالمحبة. وعندما تغيب المحبة عن القلوب، يتحول العتاب إلى مجرد هامش بلا قيمة. قد تناول العديد من الشعراء موضوع العتاب في أشعارهم، وفي هذه المقالة نستعرض بعض القصائد المتعلقة بذلك.

مرحباً بطيف زار بعد فراق طويل

محمد الساعاتي، هو فخر الدين بن رضوان، وُلِد وتوفي في دمشق. نشأ تحت رعاية والده المهندس محمد الساعاتي، وبرزت موهبته في العديد من الحقول بما في ذلك علم الفلك والميكانيكا. جمع فخر بين العلم والأدب، مما جعله شخصية مميزة ومرموقة في مجتمعه.

مرحباً بطيفٍ زار بعدَ فراقِه

ركبَ الهوى فدنا بحُبٍ دفين

نثرتْ عقودُ الزمن ليلةَ هديه

والبرق يبسمُ في متون سمائه

عرسٌ من الأحلام قد زُف إلى مقلتي

فيه زفاف البدر في ظلمائه

فأتى الذُهول من الكرى في مقلتي

سهدتُ كما يضيءُ الهدي في خفائه

قمرٌ يتنقّل من سحابِ ثيابه

في يوم وداعٍ إلى أسراره

قلبي وطرفي منزلهما إنما

نخشى حلول الطرف من أهوائه

وقضيب بانٍ كان نرجس طرفه

يوم التلاقي شَوْكَ ورد حيائه

يرضى ويغضب فهو محيٍ قاتلٌ

بين وصاله وجفائه

ذو الوجه يخصر ماؤه من ناره

ويضيءُ جذوة ناره في مائه

أسر الكرى فتخذتُ وجدي شافعاً

فيه وكان الدمعُ من أطلقائه

وهب الجداية منه طول نفاره

وحبا قضيب البان من خيلائه

يا عاذل الصبّ الكئيب وقلبه

سرُ الهوى العذريّ في سودائه

ما كان رخص الدمع لولا أنه

سام الوصال فصدّه بغلائه

ومن العجائب أن نيل دموعه

متزايدٌ والجدبُ في أحشائه

لو ذقتَ طعم دنوّه وبعاده

لعرفت سهل الشوق من برحائه

منعت ظباء المنحنى بأسوده

وأشد ما أشكوه فتْك ظبائه

فعلت بنا وهي الصديق لحاظها

كظباء صلاح الدين في أعدائه

حين يكون العتاب دليلاً على الحب

عبد الرحمن بن صالح العشماوي شاعر سعودي يُعتبر من أبرز الشعراء المعاصرين، وقد اشتهر بشعره الإسلامي. وُلِد في عام 1956م وعُين في عدة وظائف بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حتى أصبح أستاذاً مساعداً في كلية اللغة العربية. يُشتهر العشماوي بقصائد تدعو إلى بزوغ فجر جديد في الأمة، ويتميز بأسلوبه الحماسي.

عصى الدمع عيني فلم يهطل

وقلبي بنار الأسى يصطلي

أيا مقلتي أنا في حاجة

إلى دمع عيني فلا تبخلي

فما يغسل الحزن عن خاطري

سوى الدمع همي به ينجلي

أيا ساكنا في فؤادي متى

تريح وترتاح يا مشغلي

وأين أراك على دربنا

تسير على عهدك الأول

حملتك في القلب ريحانة

فكيف تحولت كالمنجل

حصدت السعادة في خاطري

ولم تتمهل ولم تمهل

لقد كنت كالعسل في طعمه

فصرت أمر من الحنظل

أيا راحلاً خلف أهوائه

تأمل حنيني ولا ترحل

نزلت إلى السفح مستسلماً

فيا ليتك لم تنزل

وياليتك أدركت ما

وراء السراب ولم تغفل

وسالمتني ثم حاربتني

فهل كنت تبحث عن مقتلي؟

وكيف جعلت ربيع المنى

خريفاً وقد كنت كالجدول؟

لقد ذبل الزرع في روضتي

ولولا جفاؤك لم يذبل

فكيف أمد إليك يداً

وسهمك ما زال في المفصل؟

أيا صاحبي لا تدعني على

طريق الظنون بلا موئل

إذا صدق الناس في سعيهم

فسوف يسيرون للأفضل

لي صاحب كنت آمل نفعه

ابن الرومي هو أبو الحسن علي بن العباس بن جريج، شاعر من شعراء العصر العباسي وُلِد في بغداد سنة 836. عاصر بشار والمتنبي وشهدت حياته العديد من المصاعب التي أثرت بشكل كبير على قصائده، التي تنوعت بين المدح، والهجاء، والفخر، والرثاء. له ديوان شعر مطبوع.

لي صاحبٌ قد كنتُ آمُلُ نفعَهُ

سَبقتْ صواعقُهُ إليَّ صَبيبَهُ

رجَّيْتُهُ للنائبات فساءني

حتى جعلتُ النائباتِ حسيبَهُ

ولَما سألتُ زمانَهُ إعناتَهُ

لكن سألتُ زمانه تأديبَهُ

وعسى معوِّجُهُ يكونُ ثِقَافَهُ

ولعلَّ مُمرضَهُ يكونُ طبيبَهُ

يا من بذلتُ له المحبة مخلصاً

في كل حالاتي وكنتُ حبيبه

ورعيتُ ما يرعى ومِلتُ إلى الذي

وردَتْهُ همتُهُ فكنتُ شَريبَهُ

شاركتُهُ في جِدِّهِ ورأيتُهُ

في هزله كُفْوي فكنتُ لعيبَهُ

أيامَ نسرحُ في مَرَادٍ واحدٍ

للعلم تنتجعُ القلوبُ غريبَهُ

وكذاك نشرع في غديرٍ واحدٍ

يصف الصفاءُ لوارديه طِيبَهُ

أيسوؤُني مَنْ لم أكنْ لأسوءَهُ

ويُريبني من لم أكن لأُريبَهُ

ما هكذا يرعى الصديقُ صديقَهُ

ورفيقَهُ وشقيقَهُ ونسيبَهُ

أأقولُ شعراً لا يَعيبه شبِيهُهُ

فتكونَ أوّلَ عائبٍ تشبيبَهُ

ما كلُّ من يُعطَى نصيبَ بلاغةٍ

يُنسيهِ من رَعْي الصديقِ نصيبَهُ

أَنَفِسْتَ أن أمررتُ عند خَصَاصة

سببَ الثراءِ وما وردتُ قليبَهُ

إني أَراك لدى الورود مُواثبي

وإذا بدا أمرٌ أراك عقيبَهُ

ولقد رَعَيْتَ الخِصبَ قبلي برهة

فرأيتُ ذلك كلَّه لك تافهاً

وسخطتُ حظَّك واحتقرتُ رغيبَهُ

شهد الذي أبْديتَ أنك كاشحٌ

لكنَّ معرفتي تَرَى تكذيبَهُ

وإذا أرابَ الرأيُ من ذي هفوةٍ

ضمنتْ إنابةُ رأيهِ تأنيبَهُ

ولقد عَمِرْتُ أظنُّ أنك لو بدا

منّي مَعيبٌ لم تكن لتعيبَهُ

نُبِّئْتُ قوماً عابني سفهاؤُهم

وشهدتَ مَحْفَلَهُمْ وكنتَ خطيبَهُ

عابوا وعبْتَ بغير حقٍ منطقاً

لو طال رميُك لم تكن لتصيبَهُ

ونَكِرتُمُ أنْ كان صدرُ قصيدة

ذِكْرَايَ غُصْنَ مُنعَّمٍ وكثيبَهُ

فكأنكم لم تسمعوا بمُشَبِّهٍ

قبلي ولم تتعودوا تصويبَهُ

الآنَ حين طلعتُ كلَّ ثَنيَّة

ووطئتُ أبكارَ الكلامِ وَثيبَهُ

يتعنتُ المتعنِّتُون قصائدي

جَهِلَ المرتِّبُ منطقي ترتيبَهُ

الآنَ حين زَأَرْتُ واستمع العدا

زأْري وأَنذرَ كَلْبُ شَرٍّ ذِيبَهُ

يتعرض المتعرضون عداوتي

حتى يُهِرَّ ليَ المُهِرُّ كَلِيبَهُ

الآنَ حين سبقتُ كلَّ مسابقٍ

فتركتُ أسرعَ جريهِ تقريبَهُ

يتكلَّفُ المتكلفون رياضتي

لِيُطِلْ بذاك مُعَجِّبٌ تعجيبَهُ

وَهَبِ القضاءَ كما قضيتَ ألم يكنْ

في محضِ شِعري ما يجيز ضريبَهُ

هلاَّ وقد ذُوِّقْتَ دَرَّ قريحتي

فذممتَ حَازِرَهُ حَمَدْتَ حليبَهُ

بل هبه عيباً لا يجوز ألم يكن

من حق خِلِّكَ أن تحوط مغيَبهُ

فتكونَ ثَمَّ نصيرَهُ وظهيرَهُ

وخصيم عَائِب شِعْرِهِ ومُجِيبَهُ

بل ما رضيتَ له بتركِك نصرَهُ

حتى نَعَبْتَ مع السَّفِيهِ نعيبَهُ

فَثَلَبْتَ معنى محسِّنٍ وكلامَهُ

ثلباً جعلتَ كَبَدْيِهِ تعقيبَهُ

حتى كأنك قاصدٌ تعويقَهُ

عمَّا ابتغاهُ وطالبٌ تخييبَهُ

وأمَا وما بيني وبينَكَ إنَّهُ

عهدٌ رعيْتُ بعيدَهُ وقريبَهُ

لولا كراهة أن أُملِّكَ شهوتي

قهرَ الصديقِ محبتي تلبيبَهُ

أو أن أجاوزَ بالعتاب حدودَهُ

فأكونَ عائبَ صاحبٍ ومَعيبَهُ

سيَّرتُ قافيةً إليك غريبة

مَنْ سيَّرَتْهُ تضمنتْ تغريبَهُ

فيا رب حببني إليها

جميل بن معمر القُضاعي، المعروف بأبو عمر، شاعر وروائي جمع بين الشعر والرواية. كان شاعراً بالأساس وعبّر عن مشاعره من خلال الشعر، حيث أحب إحدى بنات قريته وأصبح يميل إليها بشدة، وكان يزورها سراً. كان أيضاً راوياً للحطيئة، أحد الشعراء المخضرمين.

أَهاجَكَ أَم لا بِالمَداخِلِ مَربَعُ

وَدارٌ بِأَجراعِ الغَديرَينِ بَلقَعُ

ديارٌ لِسَلمى إِذ نَحِلُّ بِها مَعاً

وَإِذ نَحنُ مِنها بِالمَوَدَّةِ نَطمَعُ

وَإِن تَكُ قَد شَطَّت نَواها وَدارُها

فَإِنَّ النَوى مِمّا تُشِتُّ وَتَجمَعُ

إلى اللَهِ أَشكو لا إِلى الناسِ حُبَّها

وَلا بُدَّ مِن شَكوى حَبيبٍ يُرَوَّعُ

أَلا تَتَّقينَ اللَهَ فيمَن قَتَلتِهِ

فَأَمسى إِلَيكُم خاشِعاً يَتَضَرَّعُ

فَإِن يَكُ جُثماني بِأَرض سِواكُمُ

فَإِنَّ فُؤادي عِندكِ الدَهرَ أَجمَعُ

إِذا قُلتُ هَذا حِينَ أَسلو وَأَجتَري

عَلى هَجرِها ظَلَّت لَها النَفسُ تَشفَعُ

أَلا تَتَّقينَ اللَهَ في قَتلِ عاشِقٍ

لَهُ كَبِدٌ حَرّى عَلَيكِ تَقَطَّعُ

غَريبٌ مَشوقٌ مولَعٌ بِاِدِّكارِكُم

وَكُلُّ غَريبِ الدارِ بِالشَوقِ مولَعُ

فَأَصبَحتُ مِمّا أَحدَثَ الدَهرُ مُوجِعاً

وَكُنتُ لِرَيبِ الدَهرِ لا أَتَخَشَّعُ

فَيا رَبِّ حَبِّبني إِلَيها وَأَعطِني

المَوَدَّةَ مِنها أَنتَ تُعطي وَتَمنَعُ

وَإِلّا فَصَبِّرني وَإِن كُنتُ كارِهاً

فَإِنّي بِها يا ذا المَعارِجِ مولَعُ

وَإِن رمتُ نَفسي كَيفَ آتي لِصَرمِها

وَرَمْتُ صَدوداً ظَلَّتِ العَينُ تَدمَعُ

جَزِعتُ حِذارَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلوا

وَمَن كانَ مِثلي يا بُثَينَةُ يَجزَعُ

تَمَتَّعتُ مِنها يَومَ بانوا بِنَظرَةٍ

وَهَل عاشِقٌ مِن نَظرَةٍ يَتَمَتَّعُ

كَفى حَزَناً لِلْمَرءِ ما عاشَ أَنَّهُ

بِبَينِ حَبيبٍ لا يَزالُ يُرَوَّعُ

فَوا حَزَناً لَو يَنفَعُ الحزنُ أَهلَهُ

وَواجَزَعاً لَو كانَ لِلنَفسِ مَجزَعُ

فَأَيُّ فُؤادٍ لا يَذوبُ لِما أَرى

وَأَيُّ عُيونٍ لا تَجودُ فَتَدمَعُ