أشعار تعبر عن مشاعر الفراق والوداع

أشعار تعبر عن الفراق

استعرضنا مجموعة من القصائد التي تعكس مشاعر الفراق التي يعبر عنها الشعراء، إليكم ما يلي:

قصيدة “ألا ليت ريعان الشباب يعود” لجمیل بثنية

ألا ليتَ ريعانَ الشبابِ جديدُ

وَدَهراً مَضَى، يا بثينة، يعودُ

فنبقى كما كنا نكون، وأنتمُ

قريبون وإذ ما تبذلين، زهيدُ

وما أنسى، مما يجب، لا أنسى قولها

وقد قُرّبتْ نُضْوِي: أمصرَ تريدُ؟

ولا قولَها: لولا العيون التي ترى

لزُرتُكَ، فاعذُرْني، فَدَتْكَ جُدودُ

خليلي، ما ألقى من الوجد باطنٌ

ودمعي بما أخفيَ، الغداةَ شهيدُ

ألا قد أرى، واللهِ أن ربّ عبرةٍ

إذا الدار شطّتْ بيننا، ستزيد

إذا قلتُ: ما بي يا بثينة قاتلي،

من الحب، قالت: ثابتٌ، ويزيدُ

وإن قلتُ: رديّ بعض عقلي أعشْ بهِ

تولّتْ وقالت: ذلكَ منكَ بعيد!

فلا أنا مردود بما جئتُ طالباً،

ولا حبها فيما يبيدُ، يبيدُ

جزاكِ الجواري، يا بثينة، سلامةً

إذا ما خليلٌ بانَ وهو حميد

وقلتُ لها، بيني وبينكِ، فاعلمي

من الله ميثاقٌ له وعهود

وقد كان حبّيكِ طريفاً وتالداً

وما الحبُ إلا طارفٌ وتليدُ

وإنّ عَرُوض الوصلِ بيني وبينها،

وإن سَهّلَتْهُ بالمنى، لكؤود

وأفنيتُ عمري بانتظاري وعدها،

وأبليتُ فيها الدهر وهو جديد

فليت وشاة الناس، بيني وبينها

يدوفُ لهم سُمّاً وطماطمُ سود

وليتهم، في كل مُمسى وشارقٍ،

تُضاعفُ أكبالٌ لهم وقيود

ويحسب نِسوانٌ من الجهل أنّني

إذا جئتُ، إياهنَّ كنتُ أريدُ

فأقسمُ طرفي بينهنّ فيستوي

وفي الصدر بَوْنٌ بينهن بعيدُ

ألا ليت شعري، هل سأبيتُ ليلةً

بوادي القرى؟ إني إذن لسعيد!

وهل أهبطن أرضاً تظلّ رياحها

لها بالثنايا القاويات وئيدُ؟

وهل ألقين سعدى من الدهر مرةً

وما رثّ من حبل الصفاء جديدُ؟

وقد تلتقي الأشتاتُ بعد تفرقٍ

وقد تُدرَكُ الحاجاتُ وهي بعيد

وهل أزجرن حرفاً علاةً شملةً

بخرقٍ تباريها سواهم قودُ

على ظهر مرهوبٍ، كأن نشوزه،

إذا جاز هُلاّكُ الطريق، رُقود

سبتني بعيني جؤذرٍ وسط ربربٍ

وصدرٌ كفاثور اللجين جيدُ

تزيفُ كما زافتْ إلى سلفاتها

مباهية، طيَّ الوشاح، ميود

إذا جئتُها، يوماً من الدهر، زائراً،

تعرّض مُنفوضُ اليدين، صَدود

يصُدّ ويُغضي عن هواي، ويجتني

ذنوباً عليها، إنّه لعَنود!

فأصرمُها خوفاً، كأني مُجانبٌ،

ويغفلُ عن مرةٍ فنعودُ

ومن يُعطَ في الدنيا قريناً كمثلها،

فذلكَ في عيش الحياة رشيدُ

يموت الهوى مني إذا ما لقِيتها،

ويحيا، إذا فرقتها، فيعودُ

يقولون: جاهدْ يا جميلُ، بغزوةٍ،

وأيّ جهادٍ، غيرهنّ، أريدُ

لكل حديثٍ بينهن بشاشةٌ

وكل قتيلٍ عندهن شهيدُ

وأحسن أيامي، وأبهج عيشتي،

إذا هِيَجَ بي يوماً وهن قعود

تذكرتُ ليلى، فالفؤاد عميدُ،

وشطتْ نواها، فالمزار بعيدُ

علقت الهوى منها وليداً، فلم يزلْ

إلى اليوم ينمي حُبّه ويزيدُ

فما ذُكرُ الخلاّنُ إلا ذكرتُها،

ولا البخلُ إلا قلتُ سوف تجود

إذا فكرتْ، قالت: قد أدركتُ ودهُ

وما ضرّني بُخلي، فكيف أجود!

فلو تُكشَفُ الأحشاءُ صودف

تحتها، لبثنة حبُ طارفٌ وتليدُ

ألم تعلمي يا أمُ ذي الودعِ أنني

أُضاحكُ ذكراكم، وأنتِ صَلود؟

فهل ألقين فرداً بثينة ليلةً

تجودُ لنا من وُدّها ونجود؟

ومن كان في حبي بثينة يمترى،

فبرقاءُ ذي ضالٍ عليّ شهيدُ

قصيدة “فراق” لطالب همّاش

ملؤوا فؤادي بالبكاء وفارقوني

مثلما تمضي السنين!

والليل لولا حزنهم

لا نجم كي أمحو الذنوب

ولا هلال لكي تتوب

على أغانيه التماثيل الحزينة
من خطيئتها

فيحدبِ فوق صومعة الحنين!

تركوا النياحة للقصائد واستراحوا!

والخريف يهز ريح المغرب الباكي

على شباك غربتهم

كموالٍ حزين!

لا زلتُ مثل حمامهم في الدار،

مثل طيورهم

أرعى رسائلهم على الأبواب

للذكرى

وأشتو كالغمامة فوق فلة حزنهم زهراً،

وفوق كتابهم

كالغصن زيتوناً وتين!

لا ريح إلا كي ترجع في جذوع الحور

ما تركوا من الحسرات!

لا صفصافة إلا لتهدل كلما غابوا

لأسراب العصافير التي

تركوا دواليها بلا عنب،

وعادوا تائبين!

قصيدة “بطاقة من نيويورك” لغادة السّمان

لا تقل لي إننا افترقنا لأنني رحلت…

لقاؤنا صار فراقاً.

الفراق هو أن نجلس متلاصقين في “كارنيجي هول”، نصفق

لأغاني الحب، وكل منا يحتضن عود قلبه، ويتابع عليه عزفه

المنفرد، وحيداً في غرفة عمره.

الفراق هو أن نجلس إلى مائدة واحدة في الـ “غرينتش

فيلاج”، وكل منا يهيم وحيداً في مجرّته، كوكباً تكسوه الثلوج،

مهرولاً في مدارات الظلمة الصامتة.

لم أقتل شيئاً برحيلي، كان كل شيء قد مات، فحرّرتُ به

شهادة وفاة! أنا الصرخة لا القاتل…

من القاتل؟ أنت؟ أنا؟ الآخرون؟ ما الفرق؟

جثة الحب ثقيلة، والرحيل ولادة…

قصيدة “غصص الفراق” للخبز أرزي

غصص الفراق مزجن بالحسرات

وفراق من أهوى فراق حياتي

عجبٌ لمن يبقى لبعد حبيبه

أن لا يموت بكثرة الزفرات

موت البريّة عند وقت وفاتها

والعاشقون لهم فنون ممات

من لم يذق طعم الصبابة والهوى

ويكون صبّا عدّ في الأموات

قصيدة “بعد الفراق” لمحمد مهدي الجواهري

خليلي، سلّ القلب عن هذه البلوى

وناجِ فانّ الهمّ تدفَعَه النّجوى

ألا لو وجدنا عن أذانا محامياً

أقمنا على الدهر الذي ضامنا الدعوى

سل الفلك الدوار يرفق بسيره

فإنا بلغنا للأذى الغاية القصوى

نأت دجلةٌ عني وبانت ضفافها

وأبعد ذاك الروض ذو المنبت الأحوى

فوالله لا أقوى على ما تهيجه

لقلبي من الذكرى وياليتني أقوى

قصيدة “أما الفراق فإنه ما أعهد” المتنبي

أما الفراق فإنه ما أعهد

هو توأمي لو أن بيناً يولد

ولقد علمنا أننا سنطيعُهُ

لمّا علمنا أننا لا نخلد

وإذا الجياد أبا البهي نقلتنا

عنكم فأردأ ما ركبت الأجود

من خصّ بالذّم الفراق فإنني

من لا يرى في الدهر شيئاً يُحمَد

قصيدة “صدّ الحبيب لعرقلة الكلبيّ”

صد الحبيب، وذاك دون فراقه

ومن الذي يبقى على ميثاقه

رشأٌ أغار عليه من أجفانه

وأظنها للسقم من عشاقه

وأقول من سكري بخمرة ثغره

ويدي تلم بحلّ عقد نطاقه

يا ساقي الصهباء صرفا تجرّ

ومزج لنا الصهباء من درياقه

جل الذي أعطاه في الحسن منى

وأضاف خلقته إلى أخلاقه

كالغصن في حركاته، والظبى في

لفتاته، والبدر في إشراقه

قد ذبتُ من شوقي إليه صبابةً

وكذا المحب يذوب من أشواقه

قصيدة “تمهل قليلاً” لفاروق جويدة

تمهل قليلاً فإنك يوم

ومهما أطلت وقام المزار

ستشطرنا خلف شمس الغروب

وترحل بين دموع النهار

وتترك فينا فراغاً وصمتاً

وتلقي بنا فوق هذا الجدار

وتشتاق كالناس ضيفاً جديداً

وينهي الرواية صمت الستار

وتنسى قلوباً رأت فيك حلماً

فهل كل حلمٍ ضياءٌ… ونار

ترفّق قليلاً ولا تنس أنّي

أتيت إليك وبعضي دمار

لأني انتظرتك عمراً طويلاً

فّتش عنك خبايا البحار

وغيرت لوني وأوصاف وجهي

لبست قناع المنى المستعار

وجئت إليك بخوف قديم

لألقاك قبل رحيل القطار

تمهل قليلاً…

ودعني أسافر في مقلتيها

وأمحو عن القلب بعض الذنوب

لقد عشت عمراً ثقيل الخطايا

وجئت بعشّي وخوفي أتوب

ظلال من الوهم قد ضيعتنا

وألقت بنا فوق أرض غريبة

على وجنتيها عناء طويل

وبين ضلوعي جراح كئيبة

وعندي من الحب نهر كبير

تناثرت حزناً على راحتيه

ويوماً صحوت رأيت الفراق

يكبّل نهر الهوى من يديه

وقالوا أتى النهر حزناً عجوز

تلال من اليأس في مقلتيه

توارت على الشطّ كل الزهور

ومات الربيع على ضفتيه

تمهل قليلاً…

سيأتي الحيارى جموعاً إليك

وقد يسألونك عن عاشقين

أحبّا كثيراً وماتا كثيراً

وذابا مع الشوق في دمعتين

كَأنّا غدونا على الأفق بحراً

يطوف الحياة بلا ضفتين

أتيناك نسعى ورغم الظلام

أضأنا الحياة على شمعتين

تمهل قليلاً…

كلانا على موعد بالرحيل

وإن خدعتنا ضفاف المنى

لماذا نهاجر مثل الطيور

ونهرب من حلم في صمتنا

يطاردنا الخوف عند الممات

ويكبر كالحزن في مهدنا

لماذا نطارد من كل شيء

وننسى الأمان على أرضنا

ويحملنا اليأس خلف الحياة

فنكره كالموت أعمارنا

تمهل قليلاً… فإنك يوم

غدا في الزحام ترانا بقايا

ونسبح في الكون ذرّات ضوء

وينثرنا الأفق بعض الشظايا

نحلّق في الأرض روحاً ونبضاً

برغم الرحيل.. وقهر المنايا

أنام عبيراً على راحتيها

وتجري دماها شذى في دمايا

وأنساب دفئاً على وجنتيها

وتمضي خطاها صدى في خطايا

وأشرق كالصبح فجراً عليها

وأحمل في الليل بعض الحكايا

وأملأ عيني منها ضياءً

فتبحث عمري.. وتحيي صبايا

هي البدء عندي لخلق الحياة

ومهما رحلنا لها منتهايا

تمهل قليلاً… فإنك يوم

وخذ بعض عمري وأبقى لديك

ثقيل وداعك لكننا

ومهما ابتعدنا فإنّا إليك

ستغدو سحاباً يطوف السماء

ويسقط دمعاً على وجنتيك

ويمضي القطار بنا والسفر

وننسى الحياة وننسى البشر

ويشطرنا البعد بين الدروب

وتعبث فينا رياح القدر

ونبقيك خلف حدود الزمان

ونبكيك يوماً كل العمر.