أشعار رومانسية تتناول الحب من تأليف نزار قباني

نزار قباني

يُعتبر نزار قباني من أشهر الشعراء المعاصرين، وُلد في العاصمة السورية دمشق في 21 مارس 1923 وتوفي في 30 أبريل 1998. وقد ترك لنا إرثًا ثقافيًا متنوعًا يتضمن 35 ديوانًا وكتابًا. تخرج من كلية الحقوق بجامعة دمشق عام 1945، وبدأ مسيرته الأدبية بنشر أول ديوان شعري له “قالت لي السمراء” في عام 1944. تزوج قباني من قريبة له تُدعى زهراء أقبيق بعد سنوات من انضمامه إلى السلك الدبلوماسي.

كتاب الحب

تُعتبر قصيدة “كتاب الحب” واحدة من أبرز أعمال نزار قباني في مجال الحب، حيث تتجسد فيها مشاعره القوية وعاطفته الجميلة. من خلال هذه الأبيات، يصف قباني محبوبته كعصفور يتأمل في السماء، ويعبر عن تعلّقه العميق بها :

ما دمتِ يا عصفورتي الخضراء

حبيبتي

إذن فإن في السماء

تسألني حبيبتي

ما الفرق بيني وما بين السما

إن الفرق بينكما

أنكِ إن ضحكتِ يا حبيبتي

أنسى السماء

الحب هو قصيدة جميلة مكتوبة على القمر

الحب مرسوم على جميع أوراق الشجر

الحب منقوش على

ريش العصافير وحبات المطر

لكني أتساءل عن أي امرأة في بلدي

إذا أحبت رجلاً، تكون رميتها بخمسين حجر

حين سقطتُ في الحب

تغيرت

تغيرت مملكة الرب

صار الدجى ينام في معطفي

وتشرق الشمس من الغرب

يا رب، قلبي لم يعد كافيًا

لأن من أحبها تعادل الدنيا

فضع في صدري واحدًا

يكون في مساحة الدنيا

ما زلت تسألني عن عيد ميلادي

سجل لديك إذن ما تجهله

تاريخ حبك لي تاريخ ميلادي

لو خرج المارد من قمقمه

وقال لي لبيك

دقيقة واحدة لديك

تختار فيها كل ما تريده

من قطع الياقوت والزمرد

لاخترت عينيك بلا تردد

ذات العينين السوداوين

ذات العينين الصاحيتين الممطرتين

لا أطلب أبداً من ربي

إلا شيئين

أن يحفظ هاتين العينين

ويزيد بأيامي يومين

كي أكتب شعرًا

في هاتين اللؤلؤتين

لو كنت يا صديقتي

بمستوى جنوني

لرميت ما عليك من جواهر

وبعت ما لديك من أساور

ونمت في عيوني

عدد على أصابع اليدين ما يأتي

فأولاً حبيبتي أنت

وثانياً حبيبتي أنت

وثالثاً حبيبتي أنت

ورابعاً وخامساً

وسادساً وسابعاً

وثامناً وتاسعاً

حبيبتي أنت

وعاشراً حبيبتي أنت

لأن كلمات القواميس ماتت

لأن كلمات المكاتيب ماتت

لأن كلمات الروايات ماتت

أريد اكتشاف طريقة عشق

أحبك فيها بلا كلمات

أنا عنك ما أخبرتهم لكنهم

لمحوكِ تغتسلين في أحداقي

أنا عنك ما كلمتهم لكنهم

قرأوكِ في حبري وفي أوراقي

للحب رائحة وليس بوسعها

أن لا تفوح مزارع الدراق

حب بلا حدود

تعتبر قصيدة “حب بلا حدود” من أجمل الأعمال الشعرية لنزار قباني التي تتحدث عن الحب والولاء، حيث يُعدّ شاعر المرأة وشاعر الغزل. ويدور في أبياتها حول وصف المرأة من منظور الجمال والاستمتاع:

يا سيِّدتي

كنتِ أهم امرأةٍ في تاريخي

قبل رحيل العام

أنتِ الآن أهمُّ امرأةٍ

بعد ولادة هذا العام

أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالساعاتِ وبالأيَّام

أنتِ امرأةٌ

صُنِعَت من فاكهة الشِّعرِ

ومن ذهب الأحلام

أنتِ امرأةٌ كانت تسكن جسدي

قبل ملايين الأعوام

يا سيِّدتي

يا مغزولة من قطنٍ وغمام

يا أمطاراً من ياقوت

يا أنهاراً من نهوند

يا غاباتِ رخام

يا من تسبح كالأسماك في ماء القلب

وتسكن في العينين كسرب حمام

لن يتغير شيء في عاطفتي

في إحساسي

في وجداني في إيماني

فأنا سوف أظل على دين الإسلام

يا سيِّدتي

لا تَهتّمي في إيقاع الوقت وأسماء السنوات

أنتِ امرأةٌ تبقى امرأةً في كل الأوقات

سوف أحِبُّكِ

عند دخول القرن الواحد والعشرين

وعند دخول القرن الخامس والعشرين

وعند دخول القرن التاسع والعشرين

وسوف أحبُّكِ

حين تجفُّ مياهُ البحر

وتحترقُ الغابات

يا سيِّدتي

أنتِ خلاصة كل شعر

ووردة كل الحريات

يكفي أن أتهجى إسمكِ

حتى أصبح ملك الشعر

وفرعون الكلمات

يكفي أن تعشقني امرأة مثلِك

حتى أدخل في كتب التاريخ

وتُرفع من أجلي الرايات

يا سيِّدتي

لا تَضطربي مثل الطائر في زمن الأعياد

لن يتغير شيء فيَّ

لن يتوقف نهر الحب عن الجريان

لن يتوقف نبض القلب عن الخفقان

لن يتوقف حجل الشعر عن الطيران

حين يكون الحب كبيرًا

والمحبوبة قمراً

لن يتحول هذا الحب

لحزمة قش تأكلها النيران

يا سيِّدتي

ليس هنالك شيء يملأ عيني

لا الأضواء

ولا الزينات

ولا أجراس العيد

ولا شجر الميلاد

لا يعني لي الشارع شيئاً

لا تعني لي الحانة شيئاً

لا يعنيني أي كلام يكتب فوق بطاقات الأعياد

يا سيِّدتي

لا أتذكَّر إلا صوتكِ

حين تدق نواقيس الآحاد

لا أتذكر إلا عطرَكِ

حين أنام على ورق الأعشاب

لا أتذكر إلا وجهكِ

حين يهرهر فوق ثيابي الثلج

وأسمع طقطقة الأحطاب

ما يُفرِحني يا سيِّدتي

أن أتكوَّم كالعصفور الخائف

بين بساتين الأهداب

ما يبهرني يا سيِّدتي

أن تهديني قلماً من أقلام الحبر

أعانقه

وأنام سعيدًا كالأولاد

يا سيِّدتي

ما أسعدني في منفاي

أقطِّر ماء الشعر

وأشرب من خمر الرهبان

ما أقواني

حين أكون صديقًا

للحرية والإنسان

يا سيِّدتي

كم أتمنى لو أحببتُكِ في عصر التنوير

وفي عصر التصوير

وفي عصر الروّاد

كم أتمنى لو قابلتُكِ يوماً

في فلورنسَا

أو قرطبة

أو في الكوفة

أو في حلب

أو في بيت من حارات الشام

يا سيِّدتي

كم أتمنى لو سافرنا

نحو بلاد يحكمها الغيتار

حيث الحب بلا أسوار

والكلمات بلا أسوار

والأحلام بلا أسوار

يا سيِّدتي

لا تَنشَغِلي بالمستقبل يا سيدتي

سوف يظل حنيني أقوى مما كان

وأعنف مما كان

أنتِ امرأة لا تتكرر في تاريخ الورد

وفي تاريخ الشعر

وفي ذاكرة الزنبق والريحان

يا سيِّدة العالم

لا يُشغلني إلا حبكِ في آتي الأيام

أنتِ امرأتي الأولى

أمي الأولى

رحمي الأول

شغفي الأول

شغفي الأول

طوق نجاتي في زمن الطوفان

يا سيِّدتي

يا سيِّدة الشعر الأولى

هاتي يدك اليمنى كي أتخبَّأ فيها

هاتي يدك اليسرى

كي أستوطن فيها

قولي أي عبارة حب

حتى تبتدئَ الأعياد

أحبك حتى ترتفع السماء

يُظهر نزار قباني براعته في استخدام الألفاظ والصور، حيث تخترق كلماته النفس بمشاعر صادقة وعفوية. ومن أبرز قصائده في الحب هي “أحبك حتى ترتفع السماء”:

كي أستعيد عافيتي

وعافية كلماتي

وأخرج من حزام التلوث

الذي يلف قلبي

فالأرض بدونك

كذبة كبيرة

وتفاحة فاسدة

حتى أدخل في دين الياسمين

وأدافع عن حضارة الشعر

وزرقة البحر

واخضرار الغابات

أريد أن أحبك

حتى أطمئن

لا تزال بخير

لا تزال بخير

وأسماك الشعر التي تسبح في دمي

لا تزال بخير

أريد أن أحبك

حتى أتخلص من يباسي

وملوحتي

وتكلس أصابعي

وفراشاتي الملونة

وقدرتي على البكاء

أريد أن أحبك

حتى أسترجع تفاصيل بيتنا الدمشقي

غرفةً غرفة

بلاطةً بلاطة

حمامةً حمامة

وأتكلم مع خمسين صفيحة فل

كما يستعرض الصائغ

أريد أن أحبك يا سيدتي

في زمن

أصبح فيه الحب معاقًا

واللغة معاقة

وكتب الشعر معاقة

فلا الأشجار قادرة على الوقوف على قدميها

ولا العصافير قادرة على استعمال أجنحتها

ولا النجوم قادرة على التنقل

أريد أن أحبك

من غزلان الحرية

وآخر رسالة من رسائل المحبين

وتشنق آخر قصيدةٍ

مكتوبة باللغة العربية

أريد أن أحبك

قبل أن يصدر مرسوم فاشستي

وأريد أن أتناول فنجان قهوة معك

وأريد أن أجلس معك لدقيقتين

قبل أن تسحب الشرطة السرية من تحتنا الكراسي

وأريد أن أعانقك

قبل أن يلقوا القبض على فمي وذراعي

وأريد أن أبكي بين يديك

قبل أن يفرضوا ضريبة جمركية على دموعي

أريد أن أحبك يا سيدتي

وأغير التقاويم

وأعيد تسمية الشهور والأيام

وأضبط ساعات العالم على إيقاع خطواتك

ورائحة عطرك التي تدخل إلى المقهى

قبل دخولك

إني أحبك يا سيدتي

دفاعًا عن حق الفرس

في أن تصهل كما تشاء

وحق المرأة في أن تختار فارسها كما تشاء

وحق الشجرة في أن تغير أوراقها

وحق الشعوب في أن تغير حكامها متى تشاء

أريد أن أحبك

حتى أعيد إلى بيروت رأسها المقطوع

وإلى بحرها معطفه الأزرق

وإلى شعرائها دفاترهم المحترقة

أريد أن أعيد

لتشايكوفسكي بجعته البيضاء

ولبول إيلوار مفاتيح باريس

ولفان كوخ زهرة دوار الشمس

ولأراغون عيون إلزا

ولقيس بن الملوح

أمشاط ليلى العامريه

أريدك أن تكوني حبيبتي

حتى تنتصر القصيدة على المسدس الكاتم للصوت

وينتصر التلاميذ

وتنتصر الوردة

وتنتصر المكتبات على مصانع الأسلحة

أريد أن أحبك

حتى أستعيد الأشياء التي تشبهني

والأشجار التي كانت تتبعني

والقطط الشامية التي كانت تخرمشني

والكتابات التي كانت تكتبني

أريد أن أفتح كل الجوارير

التي كانت أمي تخبئ فيها

خاتم زواجها

ومسبحتها الحجازية

بقيت تحتفظ بها منذ يوم ولادتي

كل شيء يا سيدتي

دخل في الكوما

فالأقمار الصناعية انتصرت على قمر الشعراء

والحاسبات الالكترونية تفوقت على نشيد الإنشاد

وبابلو نيرودا

أريد أن أحبك يا سيدتي

قبل أن يصبح قلبي

قطعة غيار تُباع في الصيدليات

فأطباء القلوب في كليفلاند

يصنعون القلوب بالجملة كما تصنع الأحذية

السماء يا سيدتي أصبحت واطئة

والغيوم العالية أصبحت تتسكع على الأسفلت

وجمهورية أفلاطون

وشريعة حمورابي

ووصايا الأنبياء

صارت دون مستوى سطح البحر

ومشايخ الطرق الصوفية أن أحبك

حتى ترتفع السماء قليلاً

انتصر على قمر الشعراء

والحاسبات الالكترونية تفوقت على نشيد الإنشاد

وقصائد لوركا وماياكوفسكي

وبابلو نيرودا

الحب يا حبيبتي

في قصيدته “الحب يا حبيبتي”، يناقش نزار قباني مشاعره تجاه محبوبته، مُظهرًا جمال الحب بأسلوبه البلاغي المميز. يتناول مصير النساء اللواتي يُحببن في بلاده، وكيف يُواجهن المجتمع في قصيدته:

الحب يا حبيبتي

قصيدة جميلة مكتوبة على القمر

الحب مرسوم على جميع أوراق الشجر

الحب منقوش على

ريش العصافير وحبات المطر

لكن أي امرأة في بلدي

إذا أحبّت رجلاً

ترمى بخمسين حجر