قصائد غزل قصيرة
تذكرت ليلى والسنين الخوالي
تذكرت ليلى والسنين الخوالي
وَأيامٍ لا نخشى على اللهو ناهياً
ويومٍ كظل الرمح قصرت ظله
بليلى فلهّاني وما كنت لاهياً
بثمدين لاحَت نارُ ليلى وصحبتي
بذات الغضى تُزجي المطايا النواجيا
فقال بصير القوم ألمحت كوكباً
بدا في سواد الليل فرداً يمانيا
فقلت له بل نار ليلى توقدت
بعليا تسامى ضوءُها فبدا ليّا
فليت ركاب القوم لم تقطع الغضى
وليت الغضى ماشَ الركاب ليالياً
فيا ليل كم من حاجة لي مهمةٍ
إذا جئتكم بالليل لم أدر ما هيّا
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما
يظنان كل الظن أن لا تلاقيا
لَحى الله أقواماً يقولون إننا
وجدنا طوال الدهر للحب شافيا
وعهدي بليلى وهي ذات مؤصدٍ
ترد علينا بالعشي المواشيا
فشَبَّ بنو ليلى وشبَّ بنو ابنها
وعلاقُ ليلى في فؤادي كما هيّا
إذا ما جلَسنا مجلساً نستلذّه
تواشوا بنا حتى أملّ مكانيا
سقى الله جاراتٍ لليلى تباعَدَت
بهِنّ النوى حيث احتللْنَ المطاليا
ولم يُنسِني ليلى افتقارٌ ولا غنىً
ولا توبةٌ حتى احتضنتُ السواريا
ولا نسوةٌ صبَّغنَ كبداءَ جلعَداً
لتشبه ليلى ثم عرضنها ليا.
ألا ليت شعري ما لليلى وماليا
ألا ليت شعري ما لليلى وماليا
وما للصبا من بعد شيبٍ عَلانيا
ألا أيها الواشي بليلى ألا ترى
إلى من تَشيها أو بمن جئتُ واشيا
لئن ظعنَ الأحباب يا أم ملكٍ
فما ظعنَ الحب الذي في فؤاديّا
فيا ربِّ إذ صيَرتَ ليلى هي المنى
فَزِنّي بعينيها كما زنتَها ليا
وإلا فبغضّها إليَّ وأهلها
فإني بليلى قد لقيتُ الدواهيا
على مثل ليلى يقتل المرء نفسه
وإن كنتُ من ليلى على اليأس طاويا
خليلَيَّ إن ضنوا بليلى فقربا
ليَ النعشَ والأكفانَ واستغفرا ليا
وإن مت من داء الصبابة فأبلغا
شبيهة ضوء الشمس مني سلاميا
يقولون ليلى بالعراق مريضة
يقولون ليلى بالعراق مريضة
فما لك لا تضرني وأنت صديقُ
سقى الله مرضى بالعراق فإنني
على كل مرضى بالعراق شفيق
فإن تكن ليلى بالعراق مريضةً
فإني في بحر الحتوف غريق
أهيْم بأقطار البلاد وعرضها
ومالي إلى ليلى الغداة طريق
كأن فؤادي فيه مورٍ بقداحٍ
وفيه لهيب ساطع وبروق.
ألا ليت ريعان الشباب جديدُ
ألا ليت ريعان الشباب جديدُ
ودهراً تولى، يا بثينة، يعودُ
فنَبقى كما كنّا نكونُ، وأنتمُ
قريبٌ وإذ ما تبذلينَ زهيدُ
وما أنسَ من الأشياء لا أنسَ قولها
وقد قُرّبتْ نضوي: أمصرَ تريدُ؟
ولا قولَها: لولا العيونُ التي ترى
لزُرتُكَ، فاعذُرني فدَتكَ جدودُ
خليلي، ما ألقى من الوجد باطنٌ
ودمعي بما أخفيَ، الغداةَ، شهيدُ
ألا قد أرى، واللهِ أن ربّ عبرةٍ
إذا الدار شطت بيننا، ستزيد
إذا قلت: ما بي يا بثينة قاتلي،
من الحب قالت: ثابتٌ، ويزيدُ
وإن قلت: ردي بعض عقلي أعشْ بهِ
تولّتْ وقالت: ذاك منك بعيد!
فلا أنا مردود بما جئتُ طالباً،
ولا حبُّها فيما يبيدُ يبيدُ
ألمَّ خيالٌ من بثينة طارقُ
ألمَّ خيالٌ من بثينة طارقُ
على النأي مشتاقٌ إليّ وشائقُ
سرت من تلاع الحجر حتى تخلصتْ
إليّ، ودوني الأشعرون وغافقُ
كأن فتيت المسك خالطَ نشرها،
تغلُّ به أرادنها والمرافقُ
تقومُ إذا قامت به من فراشها
ويغدو به من حضنها من تعانقُ
وهجرُك من تيماء بلاءٌ وشقوةٌ
عليك، مع الشوق الذي لا يفارقُ
ألا إنها ليست تجود لذي الهوى
بل البخل منها شيمةٌ والخلائقُ
وماذا عسى الواشون أن يتحدثوا،
سوى أن يقولوا إنني لكِ عاشقُ؟
نعم، صدق الواشون، أنتِ كريمةٌ
علي، وإن لم تَصْفُ منك الخلائق!
رد الماء ما جاءت بصفو ذنائبه
رد الماء ما جاءت بصفو ذنائبه
ودعهُ إذا خيضت بطرقٍ مشاربه
أعاتب من يحلو لديّ عتابه،
وأترك من لا أشتهي، وأُجانبُه
ومن لذة الدنيا، وإن كنتَ ظالماً،
عناقكَ مظلوماً، وأنت تُعاتبُه
إن المنازل هيّجت أطرابي
إن المنازل هيّجت أطرابي
واستعجمت آياتها بجوابي
قفراً تلوح بذي اللجينِ، كأنّها
أنضاء رسمٍ، أو سطورُ كتابِ
لمّا وقفتُ بها القلوصَ، تبادرتْ
مني الدموع، لفرقةِ الأحبابِ
وذكرتُ عصراً، يا بثينة شاقني
وذكرتُ أيامي، وشرخَ شبابي.
ذكرتكِ يوم القصر قصر ابن عامر
ذكرتكِ يوم القصر قصر ابن عامر
بخمٍ، وهاجت عبرة العين تسكبُ
فِضلِتُ وظلّتْ أينقٌ برِحالِها
ضوامرُ، يستأنينَ أيان أركبُ
أحَدِّثُ نفسي والأحاديثُ جَمَّةٌ،
وأكبر همّي والأحاديث زينب
إذا طلعت شمس النهار ذكرتها،
وأحدثُ ذكراها إذا الشمس تغرب
وإن لها، دون النساء، لصحبتي
وحفظيَ والأشعارَ، حين أُشَبِّبُ
وإن الذي يبغي رضاي بذكرها
إليَّ، وإعجابي بها، يتحبب
إذا خَلَجتْ عيني أقول لعَلَّها
لرؤيتها تَهْتَاجُ عيني وتَضربُ
إذا خدرت رجلي أبوحُ بذكرها،
لِيَذهب عَنْ رجلي الخدورُ فَيَذهبُ.
حيِّ الرباب، وتربها
حيِّ الرباب، وتربها
أسماءَ، قبل ذهابها
إرجِعْ إليها بالذي
قالتْ برجع جوابها
عرضت علينا خطةً
مشروقةً برضابها
وتدللت عند العتا
بفَمَرْحَباً بِعِتَابِها
تبدي مواعدَ جَمَّةً
وتَضُنُّ عند ثوابها
ما نلتقي إلا إذا
نَزَلَتْ مِنًى بِقِبَابِها
في النفر أو في ليلة التحصيب عند حصابها
أزجرْ فؤادكَ إن نأتْ
وَتَعَزَّ عَنْ تَطلَبها
واشعر فؤادكَ سلوىً
عَنْهَا وعَنْ أترابها
وغريرَةٍ روء الشبا
بالنسك من أقرابها
حدثتُها فصدقتها
وكذبتها بكذابها
وبعثت كاتمة الحديث
رفيقةً بخِطابها
وحشيةً إنسيةً
خراجةً من بابها
فرقتْ، فسهلت المعا
رضىً من سبيل نقابها.
حنّ قلبي من بعد ما قد أنابا
حنّ قلبي من بعد ما قد أنابا،
ودعا الهمَّ شجوهُ فأجابا
فاستثار المَنْسيَّ مِنْ لوعةِ الحُبِّ،
وأبدى الهمومَ والأوصابا
ذاك مِنْ منزِلٍ لسَلْمَى خَلاءٍ
لابسٍ مِنْ عفائه جلبابًا
أعقبتهُ ريحُ الدبورِ، فما تنفِكّ
منه أخرى تسوقُ سحابا
ظلتُ فيه، والركبُ حولي وقوف،
طمعاً أن يردَّ ربعٌ جوابا
ثانياً من زمام وجناءَ حرفٍ،
عَاتكٍ، لَوْنُها يُخالُ خِضابا
ترجعُ الصوتَ بالبغامِ إلى جَوٍ
تناغي به الشعابَ الرغابا
جدها الفالجُ الأشمُّ أبو البخـتِ
وخالاتُهَا انتُخِبْنَ عِرَابا.
من شعر عروة بن حزام في الغزل
وإنّي لتعروني لذكراكِ رعدةٌ
وإنّي لتعروني لذكراكِ رعدةٌ
لها بين جسمي والعظام دبيبُ
وما هوَ إلاّ أن أراها فجاءةً
فأُبْهَتُ حتى ما أَكَادُ أُجِيبُ
وأُصرفُ عن رأيي الذي كنتُ أرتئي
وأَنْسى الذي حُدِّثْتُ ثمَّ تغيبُ
ويظهر قلبي عُذْرَهَا ويُعينها
عَلَيَّ فما لي في الفؤاد نصيبُ
وقد علمت نفسي مكان شفائها
قرِيباً وهل ما لا يُنَال قَرِيبُ
حَلَفْتُ بركب الرّاكعين لربهم
خشوعاً وفوقَ الرّاكعين رقيبُ
لئن كان بردُ الماء عطشان صادياً
إليَّ حبيباً، إنّها لحبيبُ.
أمنصدعٌ قلبي من البين كلما
أمنصدعٌ قلبي من البين كلما
ترنَّمَ هَدّالُ الحمام الهواتفِ
سَجَعْنَ بلحنٍ يصدع القلب شجوهُ
على غير علمٍ بافترَاقِ الأَلايفِ
ولو نِلْتُ منها ما يُوازِن بالقذَى
شفى كلَّ داءٍ في فؤادي حالفِ.
أحقا يا حمامة بطن وجِّ
أحقاً يا حمامة بطن وجِّ
بهذا النوح إنك تصدقينا
غلبتُكِ بالبكاء لأَنَّ ليلي
أواصلُه وإنّكِ تهجعينا
وإنّي إن بكيت حقاً
وإنّكِ في بكائكِ تكذبينا
فلستِ وإن بكيتِ أشد شوقاً
ولكنّي أسرُّ وتعلنينا
فَنُوحِي يا حمامة بطن وجٍّ
فقد هيّجتِ مشتاقاً حزيناً.
بيّ اليأسُ أو داءُ الهيام شربْتُهُ
بيّ اليأسُ أو داءُ الهيام شربتُهُ
فَإيّاكَ عَنّي لا يَكُنْ بِكَ ما بِيا
فما زادني الناهونَ إلا صبابةً
ولا كثرةُ الواشينَ إلا تماديا.
بِنَا من جَوى الأحزان في الصّدَر لَوْعَةٌ
بِنَا من جَوى الأحزان في الصّدَر لَوْعَةٌ
تكادُ لها نفس الشّفيقِ تذوبُ
ولكنَّما أَبْقَى حُشَاشَةً مَقُولٍ
على ما بِهِ عُودٌ هناك صليبُ
وما عَجَبِي مَوْتُ المُحِبِّينَ في الهوى
ولكنْ بقاءُ العاشقينَ عجيبُ.
من شعر محمود درويش في الغزل
المطر الأول
في رذاذ المطر الناعم كانت شفتاها وردةً تنمو على جلديو كانت مقلتاهاأفقاً يمتدّ من أمسي إلى مستقبلي…
كانت الحلوة لي كانت الحلوة تعويضاً عن القبر الذي ضمّ إلها وأنا جئتُ إليهامن وميض المنجلِ والأهازيجِ التي تطلع من لحم أبيناراً… وآها…(كان لي في المطر الأوَّلِيا ذات العيون السود بستان ودار كان لي معطف صوفوبذار كان لي في بابك الضائعليل ونهار…)
سألتني عن مواعيد كتبناها على دفتر طينْ عن مناخ البلد النائي وجسر النازحين وعن الأرض التي تحملها في حَبَّة تين, سألتني عن مرايا انكسرتْ قبل سنتين.. عندما ودّعتها في مدخل الميناء كانت شفتاها قبلةً تحفر في جلدي صليب الياسمين…
ألا ليت أيام مضين تعود
ألا ليت أيام مضين تعود
فَإِن عُدنَ يَوماً إِنَّني لَسَعيدُ
سَقى دارَ لُبنى حَيثُ حَلَّت وَخَيَّمَت
مِنَ الأَرضِ مُنهَلُّ الغَمامِ رَعودُ
عَلى كُلِّ حالٍ إِن دَنَت أَو تَباعَدَت
فَإِن تَدنُ مِنّا فَالدُنوُّ مَزيدُ
فَلا اليَأسُ يُسليني وَلا القُربُ نافِعي
وَلُبنى مَنوعٌ ما تَكادُ تَجودُ
كَأَنِّيَ مِن لُبنى سَليمٌ مُسَهَّدٌ
يَظَلُّ عَلى أَيدي الرِجالِ يَميدُ
رَمَتني لُبَينى في الفُؤادِ بِسَهمِها
وَسَهمُ لُبَينى لِلفُؤادِ صَيودُ
سَلا كُلُّ ذي شَجوٍ عَلِمتُ مَكانَهُ
وَقَلبي لِلُبنى ما حَيِيتُ وَدودُ
وَقائِلَةٍ قَد ماتَ أَو هُوَ مَيِّتٌ
وَلِلنَفسِ مِنى أَن تَفيضَ رَصيدُ
أُعالِجُ مِن نَفسي بَقايا حُشاشَةٍ
عَلى رَمَقٍ وَالعائِداتُ تَعودُ
تَعلق روحي روحَها قبل خلقنا
تَعلق روحي روحَها قبل خلقنا
وَمِن بَعدِ ما كُنّا نِطافًا وَفي المَهدِ
فَزادَ كَما زِدنا فَأَصبَحَ نامِيًا
فَلَيسَ وَإِن مُتنا بِمُنفَصِمِ العَهدِ
وَلَكِنَّهُ باقٍ عَلى كُلِّ حادِثٍ
وَزائِرُنا في ظَلمَةِ القَبرِ وَاللَحدِ
يَكادُ حُبابُ الماءِ يَخدِشُ جِلدَها
إِذا اِغتَسَلَت بِالماءِ مِن رِقَتِ الجِلدِ
وَإِنِّيَ أَشتاقُ إِلى ريحِ جَيبِها
كَما اِشتاقَ إِدريسُ إِلى جَنَّةِ الخُلدِ
وَلَو لَبِسَت ثَوباً مِنَ الوَردِ خالِصاً
لَخَدَّشَ مِنها جِلدَها وَرَقُ الوَردِ