قصيدة وجه أمي
يقول الشاعر رياض بن يوسف:
أمي، أعتذر لك… فالقلق قد لزمني
وقد ضغتني الصبّار والصبر
أمي، أعتذر لك… فقد خذلني حلمي
وتكدرت في أغصانه الثمار
أمي، أعتذر لك… إن الطريق قد آلمتني
ومزق الخطو مني الشوك والحفر
أمي، أعتذر لك… فالمسافات مظلمة
فقد استقرّ هذا الورى على البقر
ماذا أغني.. وقد ضيعت حنجرتي
وقد تقطعت الآهات والوتر؟
ماذا أستطيع أن أكتب سوى أسمال قافية
في زمن الدجى.. غامت فيها الصور؟!
لا نور يشع من دونكِ يا ألقا
من عينيكِ همى.. في خلوتي الشجرة
لا نور غيرك في أضواء زيفهم
تبكي على كتفيك الشمس والقمر
أمي، أعتذر لك… فالله يشهد لي
لم أنس هل يستطيع الغيم أن يتناسى المطر؟!
هل يترك السمك الفضي موطنه؟
هل يهجر النهر مجراه وينتحر؟!
أمي، لا زلتِ ينبوعًا يغسلني
لا زال من ديمتيك الماء ينهمر
لا زلتُ طفلاً صغيرًا مُمْحِلا ويدي
جدباء تبكي وتستجدي وتعتذر
أمي، أعتذر لك، بل ألف أعتذار
جف اليراع، وقلبي قلبٌ يشبه سقر!
ضمي ارتعاشي، وضمي وجه اعتذاري
لِينتهي في أحضانك مدى السفر!
أشعار عن الحنين للأم
يقول الشاعر عبد الواسع السقاف:
أمي، كتبتُ لك الحنين
وزرعت أقلامي أنين
ورويتهم بالشعر، حتى خروا
عند ذكرك ساجدين
أمي بعمق العالمين
أرسلت أصدائي حنينًا
ومضيت أصرخ ألف أمي
منذ آلاف السنين
في السابقين.. في اللاحقين
في كل ذرة طين
ونسجت باسمك ألف مي
لادٍ وميلادٍ مبين
لكرامة الإنسان في الأوطان
مرفوع الجبين
حتى يرى التاريخ أني
حين أصرخ لا ألِين
فجَّرت أعضائي بأعصابي، بدأت من اليمين
فجَّرت فيها ثورة للناس، أشعلت الوتين
وأتيت قلبك بالدموع
وكأنني طفلٌ حزين
وكأني رغم الرغبة
بين شكي واليقين
ما زدتُ في دنياك إلا
أن أكون بها جنينًا
أمي غصون الزَّيزَفون
أمي المناسك والمُتون
أمي مواقيت الصلاة
إذا تلاها العابدون
أمي تباشير الصباح
إذا رآها الخائفون
أمي تباشير الغروب
إذا رآها الصائمون
ما بين صبح أو مساء
أمي ضياءٌ للعيون
أمي غِناء الطير في أعشاشها
فوق الغصون
أمي بكاها النأي والقانون
في إحدى اللحون
أمي نعاها القدس والأقصى
وعانت السنين
أمي مرارات السلا
إذا رآها المشركون
أمي، ومن لي غير
أمي، لا أصير ولا أكون
أمي الأمان، إذا رأيت الكون
في كف المنون
قصيدة حزينة عن الأم
يقول الشاعر بدر شاكر السياب:
تلك أمي وإن أجيئها كسيحًا
لاثمًا أزهارها والماء والتراب
ونافضًا بمقلتي أعشاشها والغابة
تلك أطيار الغد الزرقاء والغبراء تعبر السطوح
أو ينشرن في بويب الجناحين كزهرة تفتح الأفواه
ها هنا عند الضحى كان اللقاء
وكانت الشمس على شفاهها تكسر الأطياف
وتسفح الضياء
كيف أمشي أبحث تلك الدروب الخضر فيها وأطرق
الأبواب؟
أطلب الماء فتأتيني من الفخار جرة
تنضح الظل للبرود الحلو قطرة
بعد قطرة
تمتد بالجرة لي يدان تنشران حول رأسي الأطياب
هي تلك أم (وفيقة) أم (إقبال)
لم يبق لي سوى أسماء
من هوى مر كرعد في سمائي
دون ماء
كيف أمشي خطاي مزقتها الداء كأني عمود
ملح يسير
أهي عامورة الغوية أو سادوم؟
هيهات، إنها جيكور
جنة كان الصبي فيها وضاعت حين ضاعا
آه لو أن السنين السود قمح أو ضخور
فوق ظهري حملتهن لألقيت بحملي فنفضت جيكور
عن شجيراتها تراب يغشيها وعانقت معزفي ملتاعًا
يجهش الحب به لحنا فلحنا
واللقاء فوداعًا
آه لو أن السنين الخضر عادت يوم كنا
أشعار حزينة للأم
يقول الشاعر قاسم حداد:
هذه الهاربة العينين، والجرح الذي يضحك
أمي
هذه الخاصرة التعبى من الحزن وبرد
الجهة الأخرى ومني
هي أمي
هذه الثلجية الفودين
من حوّل هذا الليل قنديلاً يغني
آه يا أمي
لقد أعطيتني صوتاً له طعم الملايين
التي تمشي إلى الشمس وتبني
كنت في صدرك عصفورًا
رمته النار، سمته يداً تخضر
ها عصفورك الناري في السجن يغني
أنت يا هاربة العينين، والجرح الذي يضحك
غني
ليس بين الضوء والأرض التي تمشي وتحتار وبيني
غير هذا الأفق المحمر والوقت وأمي
آه يا أمي التي خاطت لي الثوب بعينيها
لماذا لا يمر الثوب بالسجن؟
لماذا لا تخيطين لنا أثوابنا الأخرى؟
تمدين المناديل التي تمسح حزني
ولم الرعب الذي حولني شعراً
على جدران سجني؟
لا يحيل الشجر الشوكي في أحداقك التعبى
عصافير تغني.
آه يا هاربة العينين، يا العرس الذي يبكي
أنا منك كلام طالع كالبرق من ليل الأساطير
وأنت وردة العمر التي تطلع مني
فلماذا يهرب الحزن إلى خديك يا زهرة حزني؟
شعر في رثاء الأم
أمي لأجلكِ هذا الدمع قد سكبا
من بعد أن فارق المحبوب واغتربا
قد زارني العيد والأحشاء من ألم
جريحة تنثر الأشواق والحببا
أمي، تذكرت أعيادًا لنا ذهبت
أجمل ذكريات في القلب بين يديكِ
فكانت مجالس أنس كلها فرح
فخاننا الدهر، هذا العالم وانقلبّا
يبارك الله عيدًا، أنتِ زهرته
يفوح منها عبير الحب متخنقًا
أمي، تذكرت فضلاً كان أكرمني
به الإله بكفيكِ وما ذهبا
وحقكِ اليوم دينٌ لست أنكره
من قبل أن يُخلق الإنسان قد وجبَ
فكم ركبنا سفين الحب من فرح
واليوم دأهمته الريح فانقلبّا
وجهي فداءً لروح أمي أبذله
ما ضرني لو تعنى الوجه أو شحبا
إني لأدعو ودمع العين يسبقني
فطالما فاض دمع العين وانسكبا
لابد يومًا وضوء الحب يجمعنا
من بعد أن غاب الضوء وأحتجبا