تتميز أشعار محمود درويش حول الحب بتنوعها العميق، ورغم ارتباط اسمه بقضية فلسطين، فإن قصائده تجسد تجاربه الشخصية في هذا الإطار.
أشعار محمود درويش عن الحب
في هذا المقال، سنستعرض معك عزيزي القارئ مجموعة من أجمل وأروع أشعار محمود درويش التي تناولت الحب، على النحو التالي:
قصيدة كمقهى صغير في الحب
عاش الشاعر الكبير محمود درويش 67 عاماً، قدم خلالها العديد من القصائد التي تناولت موضوع الحب. لنتحدث عن قصيدته “كمقهى صغير في الحب”، التي تُعتبر واحدة من أبرز أعماله:
كمقهى صغير في الحب على شارع الغرباء.
هو الحب، يفتح أبوابه للجميع.
كمقهى يزداد وينقص حسب الأجواء.
عند هطول المطر، يزداد رواده.
وعندما يتحسن الطقس، يقل عددهم ويملّون.
أنا هنا، في ركن هادئ أنتظر.
ما لون عينيك، وما اسمك، كيف.
أناديك عندما تشرقين علي وأنا جالس.
في انتظارك.
مقهى صغير هو الحب، أطلب كأسي.
نبيذ أستسلم له وأحمل نخبك.
قبعتين وشمسية، إنها تمطر الآن.
تمطر أكثر من أي يوم آخر، ولا تظهرين.
أقول لنفسي، ربما كانت التي أنتظرها.
رفيقة روحي، انتظرتني أو انتظرت شخصاً آخر.
انتظرتنا ولم تتعرف على أي منا.
وقالت: أنا هنا، في انتظارك.
ما لون عينيك، أي نبيذ تحب.
وما اسمك، كيف أناديك عندما.
تمرّين بجواري.
كمقهى صغير هو الحب.
قصيدة يطير الحمام
أبدع محمود درويش في قصيدة أخرى تعد من روائع شعره، وهي “يطير الحمام”:
يطير الحمام،
يحط الحمام.
أعدّي لي الأرض كي أستريح.
فإني أحبك حتى التعب.
صباحك فاكهة للأغاني.
وهذا المساء ذهب.
ونحن لنا حين يدخل ظل إلى ظله في الرخام.
وأشبه نفسي حين أعلق نفسي.
على عنق لا يحتضن غير الغمام.
وأنت الهواء الذي يتعرى أمامي كدمع العنب.
أنت بداية عائلة الموج حين تتشبث بالبر.
حين اغترب.
وإني أحبك، أنت بداية روحي وأنت الختام.
يطير الحمام،
يحط الحمام.
أنا وحبيبي صوتان في شفة واحدة.
أنا لحبيبي وأنا وحبيبي لنجمته الشاردة.
وندخل في الحلم ولكنه يتباطأ كي لا نراه.
وحين ينام حبيبي، أصحو لأحرس الحلم.
وأطرد عنه الليالي التي مرت قبل أن تلتقي بنا.
وأختار أيامنا بيدي.
كما أختار لي وردة المائدة.
فنم يا حبيبي.
ليصعد صوت البحار إلى ركبتي.
ونم يا حبيبي.
لأهبط فيك وأنقذ حلمك من شوكة حاسدة.
ونم يا حبيبي.
عليك ضفائر شعري عليك السلام.
يطير الحمام،
يحط الحمام.
رأيت على البحر إبريل.
قلت إنني نسيت انتباه يديك.
نسيت التراتيل فوق جروحي.
كم مرة تستطيعين أن تولدي في منامي.
وكم مرة تستطيعين أن تقتليني لأصرخ إني أحبك.
كي تستريحي.
أركض إليك قبل الكلام.
أطير بخصرك قبل وصولي إليك.
كم مرة تستطيعين أن تضعي في مناقير هذا الحمام.
عناوين روحي.
وأن تختفي كالمدى في السفوح.
لأدرك أنك بابل مصر وشام.
يطير الحمام،
يحط الحمام.
إلى أين تأخذني يا حبيبي من والدي،
ومن شجري، من سريري الصغير ومن ضجري.
من مراياي، من قمري، من خزانة عمري ومن سهري.
من ثيابي ومن خفري.
إلى أين تأخذني يا حبيبي؟
تشعل في أذني البراري وتحملني موجتين.
وتكسر ضلعين وتشربني ثم توقدني.
ثم تتركني في طريق الهواء إليك.
حرام.. حرام.
يطير الحمام،
يحط الحمام.
لأني أحبك، خاصرتي نازفة.
وأركض من وجعي في ليال يوسّعها الخوف مما أخاف.
تعالى كثيراً، وغيبي قليلاً، تعالي قليلاً، وغيبي كثيراً.
تعالي ولا تقفي، آه من خطوة واقفة.
أحبك إذا اشتهيتك، أحبك إذا اشتهيتك وأحضن هذا الشعاع،
المطوق بالنحل والوردة الخاطفة.
أحبك يا لعنة العاطفة.
أخاف على القلب منك، أخاف على شهوتي أن تصل.
أحبك إذا اشتهيتك.
أحبك يا جسداً يخلق الذكريات ويقتلها قبل أن تكتمل.
أحبك إذا اشتهيتك، أطوع روحي على هيئة القدمين.
على هيئة الجنتين أحك جروحي بأطراف صمتك والعاصفة.
أموت ليجلس فوق يديك الكلام.
يطير الحمام،
يحط الحمام.
لأني أحبك (يجرحني الماء) والطُرقات إلى البحر تجرحني.
والفراشة تجرحني، وأذان النهار على ضوء زنديك يجرحني.
يا حبيبي، أناديك طيلة نومي، أخاف انتباه الكلام.
أخاف انتباه الكلام إلى نحلة بين فخذي تبكي.
لأني أحبك، يجرحني الظل تحت المصابيح، يجرحني طائر في السماء البعيدة.
عطر البنفسج يجرحني، أول البحر يجرحني، آخر البحر يجرحني.
ليتني لا أحبك.
يا ليتني لا أحب ليشفي الرخام.
يطير الحمام،
يحط الحمام.
قصيدة ليل يفيض من الجسد
سنستعرض الآن قصيدة من أشعار محمود درويش عن الحب، وهي “ليل يفيض من الجسد”:
يا سمين على ليل تموز، أغنية.
لغريبين يلتقيان على شارع.
لا يؤدي إلى هدف.
من أنا بعد عينين لوزيتين؟ يسأل الغريب.
من أنا بعد منفاك؟ تقول الغريبة.
إذن، حسناً، فلنكن حذرين لئلا.
نحرك ملح البحار القديمة في جسد يتذكر.
كانت تعيد له جسداً ساخناً.
ويعيد لها جسداً ساخناً.
هكذا يترك العاشقان الغريبان حبهما فوضوياً.
كما يتركان ثيابهما الداخلية بين زهور الملاءات.
إن كنت حقاً حبيبي، فألف.
نشيد أناشيد لي، واحفر اسمي.
على جذع رمانة في حدائق بابل.
إن كنت حقاً تحبينني، فضعي.
حلمي في يدي، وقولي له، لابن مريم.
كيف فعلت بنا ما فعلت بنفسك.
يا سيدي؟ هل لدينا من العدل ما سوف.
يكفي ليجعلنا عادلين غداً.
كيف أشفى من الياسمين غداً.
يعتمان معاً في ظلال تشع على.
سقف غرفته: لا تكن معتماً.
بعد نهدى قالت له.
قال: نهداك ليل يضيء الضروري.
نهداك ليل يقبلني وامتلأنا أنا.
والمكان بليل يفيض من الكأس.
تضحك من وصفه ثم تضحك أكثر.
كأن تخبئ منحدر الليل في يدها.
يا حبيبي لو كان لي.
أن أكون صبياً لكنتك أنت.
ولو كان لي أن أكون فتاة.
لكنتك أنت!
وتبكي، كعادتها، عند عودتها.
من سماء نبيذية اللون، خذني.
إلى بلد ليس لي طائر أزرق.
فوق صفصافة، يا غريب!
وتبكي، لتقطع غابتها في الرحيل.
الطويل إلى ذاتها، من أنا؟
من أنا بعد منفاك في جسدي؟
آه مني، ومنك، ومن بلدي.
من أنا بعد عينين لوزيتين؟
أريني غدي!
هكذا يترك العاشقان وداعهما.
فوضوياً كرائحة الياسمين على ليل تموز.
في كل تموز يحملني الياسمين إلى.
شارع، لا يؤدي إلى هدف.
بيد أني أتابع أغنيتي.
ياسمين على ليل تموز.
كما يمكنكم التعرف على:
قصيدة ريتا والبندقية
الشاعر محمود درويش يعد رمزاً للعديد من الشباب بفضل أسلوبه الرائع، وقدرته على تناول موضوع الحب في أشعاره بطريقة فنية. لنستعرض الآن قصيدته “ريتا والبندقية”:
بين ريتا وعيوني بندقية.
والذي يعرف ريتا ينحني.
ويصلي.
لإله في العيون العسلية.
وأنا قبلت ريتا.
عندما كانت صغيرة.
وأنا أذكر كيف التصقت بي.
وغطت ساعدي بأحلى ضفيرة.
وأنا أذكر ريتا.
مثلما يذكر عصفور غديره.
آه ريتا.
بيننا مليون عصفور وصورة.
ومواعيد كثيرة.
أطلقت ناراً عليها بندقية.
اسم ريتا كان عيداً في فمي.
جسم ريتا كان عرساً في دمي.
وأنا ضعت بريتا سنتين.
وتعاهدنا على أجمل كأس واحترقنا.
في نبيذ الشفتين.
وولدنا مرتين.
آه ريتا.
أي شيء رد عن عينيك عيني.
سوى إغفاءتين.
وغيوم عسلية.
قبل هذه البندقية.
كان يا ما كان.
يا صمت العشية.
قمري هاجر في الصبح بعيداً.
في العيون العسلية.
والمدينة.
كنست كل المغنين وريتا.
بين ريتا وعيوني بندقية.
قصيدة قصائد عن حب قديم
نستمر في استعراض أشعار محمود درويش عن الحب، ونقدم الآن قصيدة “قصائد عن حب قديم” التي تُعتبر واحدة من أجمل أعماله:
على الأنقاض وردتنا.
ووجهانا على الرمل.
إذا مرت رياح الصيف.
أشرعنا المناديل.
على مهل.. على مهل.
وغبنا طي أغنيتين كالأسرى.
نراوغ قطرة الطل.
تعالي مرة في البال.
يا أختاه.
إن أواخر الليل.
تعريني من الألوان والظل.
وتحميني من الذل.
وفي عينيك يا قمري القديم.
يشدني أصلي.
إلى إغفاءة زرقاء.
تحت الشمس والنخل.
بعيداً عن دجى المنفى.
قريباً من حمى أهلي.
تشهيت الطفولة فيك.
مذ طارت عصافير الربيع.
تجرد الشجر.
وصوتك كان يا ما كان.
يأتيني.
من الآبار أحياناً.
وأحياناً ينقطه لي المطر.
نقياً هكذا كالنار.
كالأشجار كالأشعار ينهمر.
تعالي.
كان في عينيك شيء أشتهيه.
وكنت أنتظر.
وشديني إلى زنديك.
شديني أسيراً.
منك يغتفر.
تشهيت الطفولة فيك.
مذ طارت.
عصافير الربيع.
تجرد الشجر.
ونعبر في الطريق.
مكبلين.
كأننا أسرى.
يدي لم أدر أم يدك.
احتست وجعاً.
من الأخرى.
ولم تطلق كعادتها.
بصدري أو بصدرك.
سروة الذكرى.
كأنا عابراً درب.
ككل الناس.
إن نظرنا.
فلا شوقاً.
ولا ندماً.
ولا شزراً.
ونغطس في الزحام.
لنشتري أشيائنا الصغرى.
ولم نترك لليلتنا.
رماداً يذكر الجمرا.
وشيء في شراييني.
يناديني.
لأشرب من يدك.
ترقد الذكرى.
ترجل مرة كوكب.
وسار على أناملنا.
ولم يتعب.
وحين رشفت على شفتيك.
ماء التوت.
أقبل عندها يشرب.
وحين كتبت عن عينيك.
نقط كل ما أكتب.
وشاركنا وسادتنا.
وقهوتنا.
وحين ذهبت.
لم يذهب.
لعلي صرت منسياً.
لديك.
كغيمة في الريح.
نازلة إلى المغرب.
ولكني إذا حاولت.
أن أنساك.
حط على يدي كوكب.