أشكال الاستقامة في الإسلام

أنواع الاستقامة في الإسلام

تعتبر الاستقامة من المبادئ الأساسية التي شددت عليها الشريعة الإسلامية، حيث دعا الله سبحانه وتعالى عباده إلى الالتزام بها في شؤون دينهم ودنياهم. قال الله -تعالى-: (أَنَّمَا إِلَـهُكُمْ إِلَـهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ). وأكد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أهمية الاستقامة بقوله: (استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن). وتنوعت آراء السلف في تعريف الاستقامة، حيث اعتبر البعض أنها الإخلاص في الدين والعمل، بينما رأى آخرون أنها المواظبة على الفرائض، كما عرفها البعض بأنها الالتزام بطاعة الله. أما التعريف الشامل للاستقامة فهو: ممارسة الطاعات بكل أشكالها وترك المعاصي في كافة صورها.

تنقسم الاستقامة إلى استقامة بالقلب واللسان والجوارح. يقول الإمام ابن رجب: “إن أصل الاستقامة يكمن في استقامة القلب على التوحيد. فإذا استقام القلب في معرفته لله وفي خشية الله وحبه ورجائه، فإن الجوارح تحت سلطته ستستقيم جميعها على طاعته، فالقلب هو الملك والأعضاء جنوده؛ وعندما يكون الملك مستقيمًا، تستقيم جنودُه”. كما أن اللسان يُعتبر من أبرز الأعضاء التي يجب أن تحرص على استقامتها، فهو يعبر عن ما في القلوب.

وسائل تحقيق الاستقامة

فيما يلي بعض الوسائل الفعالة لتحقيق الاستقامة:

  • المحافظة على الطاعات: إن إيمان المسلم يتزايد من خلال الطاعة وينخفض مع المعصية. من الضروري للمسلم الالتزام بأداء الصلوات الخمس والفرائض الأخرى، إضافة إلى زيادة النوافل والمحافظة عليها.
  • الإخلاص في العمل والنية: يجب على العبد أن يخالص نيته لله -تعالى- وأن يكون السعي مخلصًا لوجه الله فقط، فالإخلاص هو روح العمل، كما قال الله -تعالى-: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا).
  • الحرص على قراءة القرآن: يجب على المؤمن أن يخصص وقتًا يوميًا لقراءة القرآن، مع ضرورة التأمل في معانيه والعمل بأحكامه. كما يُستحب حفظ القرآن الكريم أو ما تيسر منه، فقد جعل الله -تعالى- القرآن نورًا لمن يسعى للاستقامة، كما قال: (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ* لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ).
  • الدعاء: يعتبر الدعاء وسيلة قوية لتعزيز إيمان العبد، ويعزز استقامته وتقربه من الله.
  • الصحبة الصالحة: فإن رفقة أهل الذنوب والمعاصي تؤثر سلبًا على الاستقامة، بينما تعزز الصحبة الصالحة قوة الإيمان وتحث على الثبات على الطاعات.
  • التوازن والاعتدال: يجب على المسلم اتباع الوسطية في الدين، بحيث لا يفرط ولا يغلو في العبادات، ولكن يتبع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.

مظاهر نقص الاستقامة

سنستعرض بعض مظاهر نقص الاستقامة على النحو التالي:

  • عدم تقديم التضحيات: لا يقتصر دور المؤمن على أداء الفروض فقط، بل يجب عليه أيضًا القيام بأمر المعروف والنهي عن المنكر وتحمل الأذى في سبيل ذلك.
  • الرياء والنفاق في العبادة: فالعبادات التي تُنفذ بدون إخلاص تكون مُخالفة للاستقامة. يجب على هؤلاء العودة إلى الله -تعالى- لإصلاح عباداتهم.
  • الكذب ونقض الوعد وفجور الخصومة: يُعتبر كاذبًا من يكذب في حديثه وينقض وعده، ومن يتجاوز الحدود في الخصومة. هؤلاء بحاجة لمراجعة أنفسهم لتحسين استقامتهم.