أشكال مختلفة من التوبة

تعريف التوبة

مفهوم التوبة في اللغة يعني الرجوع والعودة عن أمر ما، أما في السياق الشرعي فهي تتضمن الندم المصحوب بعزم قوي على عدم العودة إلى الذنب. تعتبر التوبة أيضا رحلة العودة من طريق الانحراف إلى سبيل الله المستقيم. ويتطلب تحقيق التوبة الصادقة صدق النية والندم الخالص أمام الله -تعالى-.

أنواع التوبة

تتطلب صحة التوبة أن يكون العبد ملتزماً بالصدق في توبته لله، ويتجلى هذا الصدق من خلال إخلاص القلب والتعبير عن ذلك باللسان مصحوباً بأفعال تدل على التوبة. كما ورد في الآية الكريمة: (وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ)، حيث طلب منهم فعل شيء ملموس، مما أدى إلى مغفرة الله لهم. هذه التوبة تمثل أفضل أنواع التوبة، وتنقسم إلى ثلاثة أصناف حسب صدقها وإخلاص العبد فيها على النحو التالي:

  • التوبة الصحيحة: وتحدث عندما يرتكب العبد ذنباً ثم يتوجه إلى الله بالتوبة في تلك اللحظة، وتكون توبته صادقة.
  • التوبة النصوح: تُعتبر الأصح، حيث يصبح الذنب مكروهاً في قلب العبد، فيتجنب التفكير فيه ولا يعود له.
  • التوبة الفاسدة: تحدث عندما يتلفظ العبد بكلمة التوبة دون أن يتخلى عن محبة الذنب في قلبه، ويتمسك بالتفكير فيه.

شروط التوبة

تتطلب التوبة الصحيحة إلى الله توافر مجموعة من الشروط الأساسية، ومنها:

  • الإخلاص في التوبة لله -عز وجل-.
  • الابتعاد عن الذنب وعدم العودة إليه تحت أي ظرف.
  • الاعتراف بالذنب أمام الله.
  • الشعور بالندم على المعاصي التي ارتكبت في الماضي.
  • النية القوية بعدم العودة إلى الذنب في المستقبل.
  • إرجاع الحقوق إلى أصحابها إذا كانت المعاصي متعلقة بالاعتداء على حقوق الآخرين.
  • أن تكون التوبة صادرة في الوقت الذي يقبل الله فيه توبة عباده.

علي بن أبي طالب وعلم التوبة

وضح علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- مفهوم التوبة الصحيحة عندما دخل أحد الأعراب إلى المسجد وأعرب عن توبته بسرعة، قائلاً: “اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك”، ثم شرع في الصلاة. وبعد انتهائه، قال له علي: “سرعة اللسان بالاستغفار هي توبة الكذابين، وتوبتك بحاجة إلى توبة أخرى”.

سأله الرجل عن كيفية التوبة، فأجاب علي -كرّم الله وجهه- موضحاً معنى التوبة: “هي الندم على ما فات من الذنوب في الماضي، وإعادة أداء الفرائض المفقودة، وإرجاع الحقوق إلى أصحابها، وتوافق القلب مع الطاعة كما كان متوافقاً مع المعصية، واستشعار مرارة الطاعة كما استمتع بحلاوة الذنب، والبكاء بين يدي الله بدلاً من الضحك الذي كان يجلبه الذنب”.