في هذا المقال، سنستعرض الفلسفة الواقعية من خلال التعريف بمفهومها، وأنواعها، ونظرياتها، ومبادئها، وتوجهاتها، وكل ما يتعلق بها.
مفهوم الفلسفة الواقعية
- تعتبر هذه النظرية أن الواقع موجود بشكل مستقل، وترتبط أصالة التعبير بتوافقه مع هذا الواقع.
- بناءً على ذلك، تتعارض الواقعية مع فكرة المثالية، وتعرض رفضها ربط وجود الأشياء بالطبيعة بوجود الإنسان.
- فالعالم يُعترف بوجوده بشكل واضح، بغض النظر عن أي ذات معروفة أو ظروفها.
- على مر الزمن، ارتبطت الواقعية بين الحين والآخر بالفكر الأفلاطوني كعالم مفهومي مستقل عن الوجود البشري، لكنها تركزت مؤخرًا على نظريات المعرفة.
- امتلكت الواقعية في العصور الوسطى دعم عدد من العلماء والفلاسفة الذين اعتقدوا بأن القدرات والأشياء تمثل واقعًا مستقلًا موجودًا في عزلة.
- لذا، كانت الواقعية تعارض العقيدة الاسمية التي ترفض تمثيل الاسم العالمي (الفكر) سواء في العقل أو خارجه.
أنواع الفلسفة الواقعية
- تتلون الواقعية بحسب الاتجاهات الفلسفية المختلفة المتبناة، ولكنها تتميز بالخصائص الميتافيزيقية للباحث جول لاتشيلييه.
- بمعنى آخر، تُعد نوعًا من الواقعية الروحية التي تتناقض مع الأفكار المادية الهادفة لتحليل الأمور بشكل سطحي، حيث يُعتبر كل موجود قوة.
- تدرك كل قوة أفكارها الخاصة، مما يشير إلى وجود انقسام بين الوجود الحقيقي والعقلانية، مما يعطي بعدًا غير عقلاني لهذه النظرية.
- ومن وجهة نظر بعض العلماء كفريجي، تدعي الواقعية أن الحقائق الرياضية هي حقائق خارجية تفرض على الأفراد.
- في الأدب والفن، تمثل الواقعية فلسفة تهدف إلى عكس الواقع والتعبير عنه عوضًا عن الخيال، أو بعبارة أخرى، تنظر إلى الطبيعة باعتبارها الجوهر بدلاً من ما يجب أن تكون عليه.
واقعية الفلسفة الحديثة
- على عكس المثالية، التي تربط الوجود الموضوعي بالوجود الذاتي، تدرك الواقعية في الفلسفة الحديثة وجود أشياء مستقلة عن المعرفة والذات المدركة.
- فالمعرفة تُعتبر صورة تعكس الأشياء الموجودة في العالم الخارجي.
- بينما تتناول الظواهر الأشياء ككونها مجموعة إحساسات حقيقية أو محتملة.
- في بداية القرن العشرين، شكلت تجارب ويليام جيمس وجون ديوي مثالاً تطبيقيًا على الواقعية، حيث أثرت حركة “البراجماتية” في تطور العلوم ببريطانيا وأمريكا.
- حظيت هذه الحركة دعم عدد من الفلاسفة مثل لويد مورغان، ووايتهيد، وبروود، ورسل، وجورج مور، والذين ناقشوا المفهوم المثالي للوجود، خصوصًا المثالية الذاتية التي قدمها بيركلي.
- وقد انتقد هؤلاء الفلاسفة بيان الذات، مؤكدين أن الوجود ليس عقلانيًا، ويمكن أن يكون موجودًا بغض النظر عن إدراكنا له.
نظريات الفلسفة الواقعية
- ظهرت نظريتان في الفلسفة الواقعية: الأولى تُعرّف الإدراك كمعرفة مباشرة بالأشياء أو الكائنات المختلفة عن الذات المدركة.
- بينما تقول النظرية الثانية إن الصور التي تتكون في الذهن هي الأساس.
- تُعرف هذه النظرية بالواقعية المزدوجة، حيث تقر بوجود الأشياء في العالم بالإضافة إلى صورها في العقل.
- وتشمل فروعها الواقعية التمثيلية والواقعية النقدية.
- أما النظرية الأولى، فتُعرف بالواقعية الساذجة والواقعية الجديدة.
الواقعية الساذجة
- تتوافق الواقعية البسيطة مع وجهات نظر غالبية الأفراد الذين يقبلون الأمور كما هي دون نقاش أو نقد.
- وهكذا، يُرى أن العالم الخارجي موجود بدونه أي تغيير في الإدراك، مما يجعلما يدركه الناس يمثل صفات الأشياء كما هي.
- يبدو دور الإنسان في المعرفة كمثل “الكاميرا” التي تقتصر على نقل الأشياء دون أن تتفاعل معها بعقلانية.
- قد تعاني الواقعية البسيطة، أو كما وصفها هوسرل “واقعية الظروف الطبيعية”، من الضغوط التي يمارسها النقد المثالي.
- تختزل الفروقات في الشكل أو المظهر إلى المسافة أو الزاوية التي تُقيم منها الأشياء.
- وهذا يوحي بوجود اختلاف بين الأشياء الحقيقية والأفكار التي تمثلها.
نظرية التبدي
- يعتقد بعض الواقعيين أن أصالة الشيء تتجلى من خلال مظهره، مما يعني أن الكائن المرئي.
- الذي يتم إدراكه عن بُعد يمتلك مكانه وخصائصه المضيئة.
- يعكس الإدراك الحقائق حول الكائنات، حيث نطلق على هذه الفلسفة “نظرية التبدي”.
- تُركز على كيفية عرض الأشياء في إطار من المعرفة وتعتبر الأصالة النسبية لها.
- إذا نظرنا إلى الأشياء من زاوية الإدراك، يُطلق عليها الواقعية الموضوعية.
- أما إذا اعتبرت كمنظور، تُعرف بالواقعية المنظورية، وقد تم انتقادها من بعض الواقعيين لنسبيتها.
- فواقعية الأشياء ليست مجرد إدراك، بل تتطلب قبول الأمر كحقيقة بسيطة غير مثيرة للجدل.
لا تنسى قراءة:
الواقعية الجديدة
- ظهرت الواقعية الجديدة في الولايات المتحدة على يد مجموعة من الفلاسفة في مطلع القرن العشرين، وقدموا “دستورهم الفلسفي” عام 1910.
- وتضمن مبادئهم الواقعية، وفي 1912 أصدروا كتابًا بعنوان “الواقعية الجديدة، دراسات تعاونية في الفلسفة”.
- ترأس المجموعة رالف بارتون بيري، الذي عارض مثالية جوزيا رويس عبر كتاباته النقدية.
- أرست الواقعية على قاعدة نظرية المعرفة (الواحدية)، حيث لا يُعتبر معرفتُها منفصلة عن المعرفة أو تصور الموضوع.
- صاغ بعض الفلاسفة بعض النظريات، مفادها أن الميتافيزيقا مستقلة عن نظرية المعرفة وأن التعددية أفضل من الواحدية.
- تتماثل المعرفة كعنصر أساسي في الواقع، مع استبعاد منطق “العلاقات الداخلية” التي لم تشترط الحقائق فيها بشروط معروفة.
- تبادل نون ورسل ومور ومورغان الدفاع عن هذا الاتجاه من الواقعية في المملكة المتحدة.
- ووزنوا استقلالية الوعي بغض النظر عن دور الوجود الذاتي.
- ومع ذلك، كان هناك جدل كبير بين مؤيدي الواقعية الجديدة في أمريكا وبريطانيا بخصوص طبيعة الوعي والعلاقة بينها.
الواقعية النقدية المعاصرة
- في عام 1916، تطورت الواقعية النقدية المعاصرة كحركة جديدة في الواقعية النقدية.
- ظهرت على أيدي مجموعة من سبعة فلاسفة أمريكيين.
- قدموا كتابًا بعنوان “الواقعية النقدية – دراسة تعاونية لمشكلة المعرفة” الذي تناول من خلاله وضعهم تجاه نظرية المعرفة والإدراك الحسي.
- رفضوا موقف الواقعيين الجدد في تصوراتهم الأحادية بناءً على إدراج المعرِّف والمُعَرَّف.
- وأشاروا إلى أن ازدواجية الإدراك تشمل “المدرَك” و”المدرِك”.
- أضافوا عنصرًا جديدًا في عملية المعرفة، وهو البيانات المتعمدة خارج الذات والموضوع.
- التي تحمل جوهرًا روحيًا يعكس محتوى الوعي، وتتعارض مع الواقع المادي.
- يمتلك الواقع المادي وجودًا مستقلًا عبر الزمان والمكان، لكن الإدراك البشري.
- يمكن أن يكون مجرد خاصية للحساسية انطلاقًا من “الهوية الثابتة” التي تختلف عن الطبيعة وتدفق التجريب.
- تُعتبر هذه معطيات روحية غير مادية، فعندما يدرك الفرد، يُمَكّن إدراكه من استكشاف المشاكل الخارجية.
- مع التأكيد على أن الاتصال مع هذه الأمور المادية يتم عبر تلك الجواهر، حيث لا تؤثر هذه الجواهر على وجودها.
- شغلت الواقعية نطاقًا واسعًا في أمريكا في الثلاثينيات وما بعدها، خاصةً أنها ترتبط بأنماط واقعية أقدم انطلقت عام 1910.
- وتُعَد نتاجًا مباشرًا للأزمة الثقافية والفكرية التي حيدت اهتمام الحركة الواقعية التقليدية بمعالجة المعرفة والإدراك عبر المنطق.
- تجاوز هذا الصراع قضايا جديدة مثل القانون الطبيعي والإنسانية والأنطولوجيا.
ننصح بقراءة: