أصول السلاجقة
تنحدر أصول السلاجقة من قبيلة قنق، التي تُعد إحدى التجمعات القبلية التركمانية، حيث تضم حوالي 23 قبيلة، وتعرف هذه القبائل مجتمعة بقبائل (الغز). كانت هذه القبائل مستقرة في منطقة شاسعة تُدعى تركستان، التي تمتد من هضبة منغوليا شمالاً إلى بحر قزوين غرباً، والسهول السيبيرية شمالاً، وصولاً إلى شبه القارة الهندية وبلاد فارس جنوباً. يُعرف أبناء هذه القبائل باسم الترك.
هجرة السلاجقة
بدأت هجرة قبائل (الغز) إلى آسيا الصغرى في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي. استقرت إحدى هذه القبائل تحت قيادة زعيمها المعروف بـ (السلجوقي)، الذي اعتنق الإسلام على المذهب السني. استعان حفيدا (السلجوقي)، وهما (شاغري وتوغريل)، بالنفوذ الفارسي لتأمين الأراضي وتعزيز دولتهم، التي توسعت في نهاية عهدهم لتشمل إيران والعراق.
إمبراطورية السلاجقة
كانت قبيلة السلاجقة أول مجموعة من مقاتلي قبائل الأوغوز (الغز) التي تمكنت من بناء كيان سياسي قوي، وذلك في عهد زعيمهم الرابع، توغرول بك، الذي قاد قبيلته نحو سلسلة من الانتصارات وحقق لها سمعة جعلت الآخرين يحسبون لها حساباً. خلال فترة حكمه من 1038 إلى 1063 ميلادي، تمكن توغرول بك من هزيمة الخليفة في بغداد.
واصل خلفاء توغرول بك على نهجه في توسيع نطاق دولتهم، حيث ضموا جزءاً كبيراً من غرب آسيا، وحملوا على عاتقهم إعادة إحياء العقيدة الإسلامية عبر أراضي المسلمين. بحلول القرن الثاني عشر، كانت دولتهم قد اتسعت لتشمل مناطق واسعة مثل أفغانستان، وبلاد فارس (إيران)، والشرق الأوسط، وصولاً إلى مصر، مما أسفر عن نشوء إمبراطورية قوية وذات نفوذ واسع.
انهيار دولة السلاجقة
بدأت الإمبراطورية السلجوقية تشهد ضعفاً خلال الفترة التي تزايد فيها التوتر بين السلطان ملكشاه ووزيره الأعظم نظام الملك. ورغم أن هذا التوتر كان محصوراً في الشؤون الداخلية، إلا أن اغتيال السلطان ووزيره في عام 1092ميلادي كان نقطة التحول الرئيسية نحو الضعف. حيث نشب النزاع على السلطة، مما أدى إلى اقتتال متواصل، وتوزيع الأراضي بين المتنافسين، واستمر ذلك لنحو ألف عام.
عانت المملكة السلجوقية من تمزقها لكنها بقيت تواجه الاعتداءات الخارجية. ومع بداية القرن الثاني عشر، أصبحت المملكة هدفاً سهلاً لهجمات الصليبيين من غرب أوروبا، مما أدى إلى فقدانها أجزاء من أراضيها تباعاً حتى خسروا الجزء الأكبر من الجزء الشرقي. ومع ظهور الهجمات المغولية، أصبحت الدولة السلجوقية فريسة سهلة لهم، حيث انتهت بشكل نهائي ما تبقى من حكمهم في الأناضول خلال ستينيات القرن التاسع عشر.