أصول مفهوم التوحيد في الإسلام

أركان التوحيد في الإسلام

تستند عقيدة التوحيد في الإسلام إلى ركنين رئيسيين هما:

  • نفي الألوهية عن غير الله تعالى: يشير هذا إلى الكفر وعدم الإيمان بالآلهة الزائفة التي تُعبد سواه -عزّ وجل-، ويعدّ هذا الركن المحور الرئيسي للإسلام، حيث قال -تعالى-: (فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّـهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، وأيضًا قال: (وَلَقَد بَعَثنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)، وبالتالي توحيد الألوهية يعود إلى الله وحده.
  • إثبات الألوهية لله فقط: هذه هي جوهر التوحيد، حيث تعني أن الله -تعالى- وحده هو الذي يستحق العبادة، مع نفي هذه العبادة عن سواه. كما قال العلامة ابن القيّم -رحمه الله-: “أسلوب القرآن في مثل هذه الأمور يقترن بين النفي والإثبات، فينفي عبادة ما سوى الله ويثبت عبادته، وهذا هو حقيقة التوحيد، فالنفية المطلقة ليست توحيدًا، وكذلك الإثبات من دون النفي، لذا فإن التوحيد يتطلب كلاً من النفي والإثبات”.

أدلة إثبات التوحيد في القرآن والسنة

توجد العديد من الأدلة التي تدعم توحيد الله -تعالى- وتؤكد على الشهادة بأن لا إله إلا الله وأن محمداً هو رسول الله، وقد وردت هذه الأدلة في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، إما بكلمة التوحيد أو أحد مشتقاته، ومن تلك الأدلة:

  • أدلة القرآن الكريم: هناك العديد من الآيات القرآنية التي تؤكد وتثبت توحيد الله، مثل قوله -تعالى-: (قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ*اللَّـهُ الصَّمَدُ*لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ*وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ)، وأيضًا قوله: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ)، بالإضافة إلى قوله: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
  • أدلة السنة النبوية: تحتوي العديد من الأحاديث النبوية الصحيحة على ما يؤكد توحيد الله، من ذلك ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: (لَمَّا بَعَثَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ إلى نَحْوِ أهْلِ اليَمَنِ قالَ له: إنَّكَ تَقْدَمُ على قَوْمٍ مِن أهْلِ الكِتَابِ، فَلْيَكُنْ أوَّلَ ما تَدْعُوهُمْ إلى أن يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى، فَإِذَا عَرَفُوا ذلكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ في يَوْمِهِمْ ولَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا صَلَّوْا، فَأَخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً في أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِن غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ، فَإِذَا أقَرُّوا بذلكَ فَخُذْ منهمْ، وتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ)، وثبت عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (بُنِيَ الإسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإقَامِ الصَّلَاةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ).

أقسام التوحيد

توحيد الربوبية

يعبر توحيد الربوبية عن إفراد الله -تعالى- بأفعاله كخلق الكون، والتصرف فيه، وإحياء الأموات، وغيرها من الأمور، فهو الإيمان الجازم بأن الله -تعالى- هو الخالق والمتحكم الوحيد في جميع شؤون المخلوقات وهو الذي يحيي ويُميت ويرزق عباده.

توحيد الألوهية

توحيد الألوهية يعني عبادة الله وحده بجميع أنواع العبادة الظاهرة والباطنة، أي من خلال القول والعمل، مع عدم إشراكه بغيره، وهو التوحيد الذي بُعث به جميع الأنبياء والرسل عليهم السلام.

توحيد الأسماء والصفات

يفيد توحيد الأسماء والصفات في إفراد الله -سبحانه وتعالى- بكل صفات الكمال المناسبة له، والتنزيه عن جميع العيوب والنقائص، حيث يتم إثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات في القرآن الكريم أو من خلال ما أثبته له نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وذلك دون تحريف أو تأويل أو تعطيل.