أفضل الأوقات لأداء صلاة الليل

أفضل الأوقات لقيام الليل

الأوقات المخصصة لقيام الليل

يبدأ الوقت المخصص لقيام الليل من بعد صلاة العشاء ويمتد حتى طلوع الفجر، مما يتيح مجالًا واسعًا للمسلمين لأداء هذه العبادة.

ينطبق الأمر ذاته على صلاتي الوتر والتراويح، حيث أقرّ العلماء إمكانية أداء قيام الليل في أي وقت من الليل، سواء في أوله أم وسطه أم آخره. وقد رسم النبي -صلى الله عليه وسلم- منهجًا متنوعًا في أوقات نومه ليتمكن من القيام للصلاة في الوقت المناسب.

عُرف عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قوله بخصوص فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ما كنا نشاء أن نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل مصليًا إلا رأيناه، ولا نشاء أن نراه نائمًا إلا رأيناه.”

أوقات الأفضلية لقيام الليل

تشير الآراء الفقهية إلى وجود خيارات متعددة حول أفضل الأوقات لقيام الليل، وذلك كما يلي:

  • رأي الجمهور من الفقهاء:

يرى جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة أن القيام في السدس الرابع والخامس من الليل هو الأفضل، استناداً إلى قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: “أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه ويصوم يومًا ويفطر يومًا.”

يمتاز النصف الأخير من الليل بأفضليته للقيام لمن أراد تقسيم الليل إلى نصفين، بينما إذا رغب في تقسيمه إلى أثلاث، فإن الثلث الأوسط هو الأكثر استحبابًا، حيث إن المشقة أكبر والمستيقظين للصلاة أقل فيه.

كما يمتنع الحنابلة والشافعية عن قيام الليل كاملًا؛ إذ لم يتمكن النبي -صلى الله عليه وسلم- من القيام طوال الليل حتى الفجر إلا في بعض الأحيان في العشر الأواخر من رمضان، كما ورد في حديث عائشة: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجدَّ وشدَّ المئزر.”

  • رأي المالكية:

يؤكد المالكية أن الصلاة في الثلث الأخير من الليل هي الأفضل لمن اعتاد الاستيقاظ فيه، أما من اعتاد النوم في النهاية، فإنه من الأفضل أن يؤدي صلاته في أول الليل.

حكم قيام الليل كاملاً

قيام الليل عبادة عظيمة القيمة عند الله -سبحانه وتعالى-، وقد أثنى الله على عباده الصالحين القائمين في الليل. كل صلاة يؤديها العبد بعد العشاء تُعدّ من صلوات قيام الليل، ويمكن للمسلم القيام بها في أي وقت بين العشاء والفجر، ولكن يُفضّل ألا يداوم على القيام بكامله باستمرار.

نُشير إلى أن قيام الليل هو عادة دائمة للصالحين؛ حيث كان البعض يقوم الليل بالكامل، بينما البعض الآخر يقوم بجزء منه. وقد شرع الله -تعالى- قيام جزء من الليل، حيث قال: “يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلاً * نصفه أو انقص منه قليلاً * أو زد عليه ورتّل القرآن ترتيلاً.”

وكذلك لم يقم النبي -عليه الصلاة والسلام- الليل بكامله، كما لم يفعل أصحابه بعده. فقد كان -عليه الصلاة والسلام- ينام جزءًا من الليل أي ثلثه، أو سدسه، أو نحو ذلك. وإنه لمن المبالغة أن يستمر المسلم في القيام دون النوم.

أجر قيام الليل في الدنيا والآخرة

ثمار قيام الليل في الدنيا

يحصل المسلم على الأجر من قيام الليل في الدنيا والآخرة؛ فيشعر بلذة العبادة ويستمتع بها في تلك اللحظات.

كما يتلقى أجرًا عظيمًا ومقامًا رفيعًا في الآخرة، ومن فوائد قيام الليل في الدنيا أنه يكبح جماح العبد عن ارتكاب المعاصي وفعل المنكرات، ويتجنب الفحشاء كما قال -تعالى-: “إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.”

بالإضافة إلى ذلك، يعد القيام كفيلًا لطرد الكسل والضعف عن العبد، مما يساعده في تحقيق الخير الذي ينشده في حياته الدنيوية، حيث يناجي ربه ويدعوه بأمور دنياه، وفقًا لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إن من الليل ساعة، لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيراً، إلا أعطاه إياه.”

أجر قيام الليل في الآخرة

يحتسب المسلم عبادته لله -تعالى- لينال الأجر يوم القيامة، إذ يحصل القائم على رضا الله -سبحانه وتعالى- في الآخرة؛ فهو يترك راحته ولذته لأجل العبادة، ويسجد لله ويدعوه.

وقد صدق الوعد بالنعيم في قوله -تعالى-: “تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا، وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”. ويقتدي المسلم بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في قيام الليل، فقد كان يقوم الليل حتى تتورم قدماه شكرًا لله -تعالى- على نعمه.

وفي حديث عائشة -رضي الله عنها-، عن سلوك النبي -عليه الصلاة والسلام-، قالت: “أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسُولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا.”