أعمال النبي في شهر رمضان
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتمتع بأفضل الأخلاق، وقد مدحه الله -سبحانه وتعالى- بقوله: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ). وعليه، فقد حذر النبي -عليه الصلاة والسلام- من كل ما ينقص من أجر الصيام في الشهر الفضيل، مثل سوء الخلق وغيرها، فقال: (الصيامُ جُنَّةٌ، فإذا كان أحدُكم صائمًا فلا يَرفُثْ ولا يَجهلْ، فإنِ امْرُؤٌ شاتَمَه أو قاتَلَهُ فَليَقُلْ إنِّي صائمٌ). ويُذكر أن من هديه -عليه الصلاة والسلام- في رمضان هو توجيه الناس للخير في الدنيا والآخرة، وحثهم على استغلال الشهر والأوقات المباركة فيه، مثل ليلة القدر، ناشدًا لهم برحمته ومحبته، حتى يحققوا مغفرة الله ثم الجنة.
إفطار النبي وسحوره في رمضان
كان من هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يعجل في الإفطار، حيث كان يفطر على رُطب، فإن لم يتوفر، كان يفطر على تمر، وإن لم يجد تمرًا، فكان يفطر على الماء. وجاء ذلك في حديثه: (لا يزالُ النَّاسُ بخَيرٍ ما عجَّلوا الفِطرَ، فإنَّ اليَهودَ يؤخِّرونَ). وعند فطره، كان يدعو بقوله: (ذهب الظمأُ، وابْتَلَّتِ العروقُ، وثبت الأجرُ -إن شاء اللهُ-). أما عن سحوره، فكان يؤخره حتى قبل دخول وقت الفجر بقليل، ويحث المسلمين على تناول طعام السحور، واصفًا إياه بالطعام المبارك بقوله: (تَسَحَّرُوا فإنَّ في السَّحُورِ بَرَكَةً).
مدارسة النبي للقرآن في رمضان
كان جبريل -عليه السلام- يلقى النبي -صلى الله عليه وسلم- في رمضان لمدارسته القرآن، لأنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن، كما قال الله -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ). وقد كان لهذه المدارسة آثار عظيمة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، حيث تجددت روحه بالتقى، ما جعله أشجع وأكرم. فكان أكثر عطاءً في رمضان، ونتيجة لهذه المدارسة، من المحتمل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقسم ما نزل عليه من القرآن عبر ليالي رمضان، بحيث يقرأ جزءًا كل ليلة، ويحث الصائمين على قراءة القرآن وتجنب الغفلة عنه. ومن الواجب على المؤمن أن يتلو القرآن بصدق، ويعمل بما أُمر به، ليحصل على الأجر، كما قال الله: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ).
زيادة صدقة النبي في رمضان
عُرف النبي -عليه الصلاة والسلام- بأنه كان الأكثر جودًا وكرمًا، وخاصة في رمضان، حيث وصفه ابن عباس قائلاً: (كانَ رسولُ اللَّهِ أجودَ النَّاسِ وَكانَ أجودَ ما يَكونُ في رمضانَ حينَ يلقاهُ جبريلُ). فقد تمثل كرمه في كثرة العطاء، مما كان له أثر كبير في إغاثة المسلمين في الشهر الفضيل. ويشير الامام الشافعي إلى أنه يُستحب بالزيادة في الإنفاق خلال رمضان، اتباعًا لسنة النبي -عليه الصلاة والسلام-. وجاءت فضائل الصدقة في رمضان لتجمع شرف الزمان مع العبادة، وبالتالي تضاعف الأجر، حيث تعين الصائمين على الطاعة مما يُوجب رضا الله -تعالى- ويكفر الخطايا، مما يؤدي لدخول الجنة.
اعتكاف النبي في رمضان
كان الاعتكاف من العبادات التي يحرص عليها النبي -عليه الصلاة والسلام- في رمضان، ما يعني لزوم المسجد والتفرغ لطاعة الله -تعالى-. وكان لا يخرج من المسجد إلا للوضوء. تميز اعتكافه بعزله عن أسرته، وقد كان يصوم العشر الأوائل، ثم العشر الوسطى، وأخيراً العشر الأواخر من رمضان. كما جاء عن السيدة عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ حتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ مِن بَعْدِهِ). وكان يحاول إدراك ليلة القدر، وكان الصحابة يخصصون له مكانًا للاعتكاف. وكان يحرص على طهارة جسده ونظافته، ولا يخرج إلا عند الحاجة، ويخرج بعد انتهاء اعتكافه في الصباح.
للاطلاع على المزيد من التفاصيل، يمكنك زيارة مقالة: (كيف كان يعتكف الرسول في رمضان).
جهاد النبي في رمضان
يُعتبر شهر رمضان في حياة النبي -عليه الصلاة والسلام- شهر الجهاد، والذي يشمل قتال غير المسلمين بهدف رفع كلمة الله -تعالى-. ومن أهم المعارك التي خاضها النبي في رمضان غزوة بدر في السنة الثانية من الهجرة، حيث كانت هذه المعركة نقطة تحول كبيرة انتصر فيها المؤمنين نصراً عظيماً. كما شهد رمضان من السنة الثامنة للهجرة فتح مكة، مما أتاح دخول أهلها في دين الله أفواجًا، وساعد ذلك في انتشار الإسلام في ما وراء الجزيرة العربية.
للمزيد من التفاصيل، يمكنك زيارة مقالة: (كم عدد غزوات الرسول في رمضان).
قيام النبي في رمضان
تميز النبي -صلى الله عليه وسلم- بقيام الليل، حيث لم تكن صلاته تزيد عن إحدى عشرة ركعة أو ثلاثة عشرة ركعة، وكان يحرص على عدم الإطالة فيها حتى لا يُفرض ذلك على الأمة. وكما ورد عن عائشة -رضي الله عنها-: (ما كانَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً). وكان يعتني بصلاة التراويح، مشجعًا الناس على البقاء مع الإمام حتى ينتهي من الصلاة ليحصلوا على أجر قيام ليلة كاملة. وكان يجتهد في العبادات خاصة في العشر الأواخر من رمضان، خصوصًا قيام الليل فيها.
للاطلاع على المزيد من التفاصيل، يمكنك زيارة مقالة: (قيام النبي في رمضان).
عدد رمضانات التي صامها النبي
فُرض الصيام في شهر شعبان من السنة الثانية من الهجرة، وتوفي النبي -صلى الله عليه وسلم- في شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة، لذا فإنه قد صام رمضان تسع مرات، وهذا ما اجتمع عليه أهل العلم.
أهمية العمل الصالح في رمضان
يُعتبر شهر رمضان من أفضل مواسم الخير التي يمكن أن يستغلها المسلم لزيادة الأجور، حيث يصوم نهاره، يتعلم، يقوم الليل، ويفطر الصائمين. كان النبي -عليه الصلاة والسلام- وأسلافه الصالحون يُحسنون استغلال هذا الشهر، مجتهدين في العبادة والقُربات أكثر من باقي الأشهر، ولعل هذا هو حال أهل الفلاح، الذين يتنقلون بين العبادة والإعداد لها.