قال الزهري عندما يدخل شهر رمضان: “إنما هو لتلاوة القرآن وإطعام الطعام”.
وذكر ابن الحكم أن الإمام مالك كان يتجنب قراءة الحديث ومصاحبة أهل العلم في رمضان.
كان الإمام الشافعي يُكمل قراءة القرآن ستين مرة خلال شهر رمضان.
رُوي عن ابن أبي داود بسند صحيح، أن مجاهداً رحمه الله كان يختم القرآن في رمضان بين المغرب والعشاء، وكانوا يؤجلون العشاء حتى ينقضي ربع الليل.
كان قتادة يختم القرآن كل أسبوع، وفي رمضان كان يختمه كل ثلاثة أيام، وعندما يأتي العشر، كان يختم كل ليلة.
سُئل معروف الكرخي عن كيفية صيامه، فقال: “صوم نبينا صلى الله عليه وسلم كان كذا وكذا”، ولكن عندما ألح عليه الموّجه، قال: “أصوم طوال العام، وإذا دُعيت أتناول الطعام دون أن أدّعي أنني صائم”.
إذا كنت غير قادر على صلاة الليل وصوم النهار، فاعلم أنك محروم، فقد قيدتك الذنوب والخطايا.
سُئل الحسن البصري يوماً: “يا أبا سعيد، ما الذي يُدخل الحزن إلى القلب؟” فقال: “الجوع”، ثم سُئل: “وما الذي يخرجه؟” فأجاب: “الشبع”. وكان يقول: “يجب عليكم التوبة من كثرة النوم والأكل”.
أمتع الدنيا أربع: المال، والنساء، والنوم، والطعام. أما المال والنساء فلا حاجة لي فيهما، لكن النوم والطعام أساسيان لي، ولقد كان ينام وهو قائم ويظل صائماً.
قدم بعض السلف الصيام على بقية العبادات، وسُئلوا عن السبب، فأجابوا: “لأني أفضل أن يطلع الله على نفسي وهي تقاوم الطعام والشراب، بدلاً من أن يراها تُبذّر في معاصيه بعد الشبع.”
عندما يصوم الإنسان، يتعرف على نعمة الله عليه في الشبع والري، ويشكر ذلك، فإن النعم لا تدرك قيمتها إلا بفقدها.
يتمتع أهل الجنة برائحة، فيقولون: “ربنا لم نشم رائحة أطيب من هذه منذ دخولنا الجنة”، فيقال: “هذه رائحة أفواه الصائمين”.
يتميز المؤمنون في الآخرة بوضوئهم في الدنيا، بالتفريق بينهم وبين بقية الأمم، ويتميزون في الآخرة بطيب خلوفهم، الذي هو أطيب من رائحة المسك، كي يُعرفوا بهذه الأعمال في تلك الحشود.
الصائم في عبادة حتى لو كان نائماً على سريره، فكانت حفصة تقول: “يا ليتني أستطيع التعبد وأنا نائمة على سريري”. فتجد الصائم في الليل والنهار يحمل عبادة، وتُستجاب دعواته خلال صيامه وعند إفطاره، فهو في النهار صائم صابر، وفي الليل طاعم شاكر.
أجمل الأوقات للمؤمن هو الشتاء: ليل طويل يقومه، ونهار قصير يصومه.
ذكر أنّ الله تعالى ينادي أوليائه يوم القيامة: “يا أوليائي، لقد كنت أراكم في الدنيا شفاهكم مفتوحة عن شراب، وأعينكم غائصة، وبطونكم جافة، فاستمتعوا اليوم في نعيمكم”.
عن بعض السلف قيل: “يُهيأ للصائمين مائدة يتناولون عليها الطعام أثناء الحساب، فيقولون: “يا رب، نحن في الحساب وهم يأكلون”، فيجاب بأنهم صاموا وأفطرتم، وقاموا ونمتم”.
يكفي أن الله يقول: “الصوم لي”، ليعكس فضيلته على باقي العبادات.
نعلم جميعًا أن جميع أعمال البر مُخصصة لله، وهو الذي يجزي بها، ولذلك خصَّ الصوم لأنه عمل قلبي لا يظهر عبر الأفعال، إذ إن الصوم يعتمد على النية الكامنة في القلب.
عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: “قلت: يا رسول الله، مرني بعمل، فقال: عليك بالصوم، فإنه لا عدل له”، رواه النسائي وصححه.
كلما ذُكر السياحة في القرآن، يُقصد منها الصائمون.
قال بعض أهل اللغة: “نرى أن الصائم يُسمى سائحاً، لأن السائح لا يحمل زاد معه، إنما يأكل حيث يجد الطعام”.
الصوم هو سياحة هذه الأمة.
لا رياء في الصيام، فلا يدخل الرياء في فعله، من صَفَا.. صَفَا له، ومن كَدَّر.. كَدَّر عليه، ومن أحسن في ليله يُجازى في نهاره، ومن أحسن في نهاره يُجازى في ليله، فالعبد يُجَازى على قدر فعله.
الصلاة تقود صاحبها إلى نصف الطريق، والصيام يقوده إلى باب الملك، والصدقة تأخذ بيده لتدخله على الملك.
ورد عن ابن جرير في تفسير قوله تعالى: “واستعينوا بالصبر والصلاة”، قيل إن معنى الصبر هنا هو الصوم، وذلك لأنه يُعتبر أحد أشكال الصبر عندنا.
كان السلف يتلون القرآن في شهر رمضان سواء في الصلاة أو غيرها.
عن طليق بن قيس، قال: قال أبو ذر: “إذا صمت خذ بالحذر ما استطعت”، فكان طليق لا يخرج في أيام صيامه إلا للصلاة.
الصوم أنواع: صوم الروح وهو قصر الأمل، وصوم العقل وهو مخالفة الهوى، وصوم الجوارح وهو الإمساك عن الطعام والشراب والجماع.
حق الصوم يُعزى إلى كونه حجاباً صنعه الله على لسانك وسمعك وبصرك، وفرك وبطنك، ليعصمك من النار، كما جاء في الحديث: “الصوم جنة من النار”.
قال بعضهم: “إنك شايخ كبير وقد يضعفك الصيام”، فأجاب: “أُعِدُّه لسفر طويل، والصبر على طاعة الله أسهل من الصبر على عذابه”.
قال أحد السلف: “أسهل الصيام هو ترك الشراب والطعام”.
كان من دعائهم: “اللهم اجعلني سلمت إلى رمضان، واجعل رمضان سليمًا، وتقبله مني”.
ورد عن الحسن البصري أنه مرّ بقوم يضحكون، فقال: “إن الله جعل شهر رمضان مضمارًا للعباده، يتنافسون فيه لطاعته، فأسبق قوم فازوا، وتأخر قوم فخابوا”.
قيل لبشر: إن قومًا يُخصصون العبادة والاجتهاد في رمضان فقط، فقال: “بئس القوم، لا يعرفون لله حقّه إلا في رمضان، فإن العابد الحق هو من يجتهد كل العام”.
عندما سُئل أحد الصالحين أيهما أفضل رجب أم شعبان، أجاب: “يجب أن تكون ربانيًا، ولا تقتصر على شعباني.”.
السنة TREE، والشهور أغصانها، والأيام فروعها، والساعات أوراقها، وأنفاس العباد ثمرتها، شهر رجب هو وقت توريقها، وشعبان هو فترة تفريعها، ورمضان هو وقت قطف ثمارها، والمؤمنون هم القُطّاف.
باع بعض السلف جارية، وعندما اقترب رمضان، رآهم يستعدون بالأطعمة وما شابه، فسألتهم عن سبب استعدادهم، فقالوا: “نتهيأ لصيام رمضان”، فقالت: “وأنتم لا تصومون إلا في رمضان؟ لقد كنت مع قوم كانوا يعتبرون كل وقتهم رمضان، ردوني إليهم”.
كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تقرأ في المصحف في بداية نهار رمضان، وعندما تشرق الشمس تعود للنوم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “القرآن شفيع مشفع، ماحل مصدق، من جعل القرآن أمامه قاده إلى الجنة، ومن تركه خلفه ساقه إلى النار”، رواه ابن حبان وابن ماجه والطبراني والبيهقي وصححه الألباني.
وقال عليه الصلاة والسلام: “الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، فيقول الصيام: “أي رب، منعتني الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه”، فيقول القرآن: “رب، منعتني النوم في الليل، فشفعني فيه”، فيشفعان له”، حديث صحيح.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يأتي القرآن يوم القيامة كرجل شاحب، فيقول: “أنا الذي جعلتك تسهر ليلك وأظمأت نهارك”، إسناده حسن وفق شروط مسلم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه”.
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “يا رسول الله، أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان وقمته، فمِمّن أنا؟” قال: “من الصديقين والشهداء”، رواه البزار وابن خزيمة وابن حبان وصححه الألباني.
قال أحدهم: “لا مانع من أن يقول أحدكم: الليلة ليلة القدر، فإن جاءت أخرى، قال: الليلة ليلة القدر.”.
خرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه في أول ليلة من رمضان، والقناديل متألقة في المسجد، وكان القرآن يُتلى، فنادى: “نوّر الله قبرك يا ابن الخطاب كما نوّرت مساجد الله بالقرآن”.