الأزد سيفي على الأعداء كافة
الأزد سيفي على الأعداء كافة
وضع أحمد سيفه في يد العرب
قوم إن فاجأوا أبلوا، وإن غلبوا
لا يتراجعون، ولا يعرفون ما الهرب
قوم لباسهم في كل معترك
أبيض رقيق، وداوُدية سلب
البيض فوق الرؤوس، وتحتها اليَلَب
وفي الأنامل سمر الخط والقضب
وأي يوم من الأيام ليس لهم
فيه من الفعل ما من دونه العجب
الأزد أزيد من يمشي على قدم
فضلا، وأعلى منهم قدرا إذا ركبوا
يا معشر الأزد، أنتم معشر أنف
لا يضعفون إذا ما اشتدت الحقب
وفي الوفاء بالعهد شيمتكم
ولم يختلط قديما صدقكم بكذب
إذا غضبتم، يهاب الخلق سولتكم
وقد يهون عليكم منهم الغضب
يا معشر الأزد، إني من جميعكم
راضٍ، وأنتم رؤوس الأمر لا الذنب
لن ييأس الأزد من روح ومغفرة
والله يحفظهم من حيث ما ذهبوا
طيبتم حديثا كما قد طاب أولكم
والشوك لا يجتنى من فرعه العنب
والأزد جرثومة إن سبقوا، سبقوا
أو فخروا، فخروا، أو غلبوا، غلبوا
أو كثروا، كثروا، أو صبروا، صبروا
أو سهِموا، سهموا، أو سُلبوا، سلبوا
صفوا، فأصفاهم الباري ولايته
فلم يشب صفوهم لهو ولا لعب
من حسن أخلاقهم طابت مجالسهم
لا الجهل يعرُوهُم فيها ولا الصخب
الغيث ما روضوا من دون نائلهم
والأسد ترهبهم يوماً إذا غضبوا
أندى الأنام أكفاً حين يسألونهم
وأرابط الناس جأشاً إن هم ندبوا
فالله يجزيهم عما أتوا وحابوا
به الرسول وما من صالح كسبوا
تغيرت المودة والإخاء
يقول علي رضي الله عنه في خيانة الأصدقاء:
تغيرت المودة والإخاء
وقل الصدق وانقطع الرجاء
وأسلمني الزمان إلى صديق
كثير الغدر ليس له رعاء
ورب أخ وفيت له وفياً
ولكن لا يدوم له وفاء
أخلاء إذا استغنيت عنهم
وأعداء إذا نزل البلاء
يديمون المودة ما رآوني
ويبقى الود ما بقي اللقاء
وإن غنيت عن أحد قلاني
وعاقبني بما فيه اكتفاء
سيغنيني الذي أغناه عني
فلا فقر يدوم ولا ثراء
وكل مودة لله تصفو
ولا يصفو مع الفسق الإخاء
وكل جراحة فلها دواء
وسوء الخلق ليس له دواء
وليس بدائم أبداً نعيم
كذلك البؤس ليس له بقاء
إذا نكرت عهداً من حميم
ففي نفسي التكريم والحياء
إذا ما رأس أهل البيت ولّى
بدى لهم من الناس الجفاء
أحسين إني واعظ ومؤدب
ويقول رضي الله عنه مُعظاً ابنه الحسن ومؤدباً له:
أحُسين، إني واعظ ومؤدب
فافهم فأنت العاقل المتأدب
واحفظ وصية والد متحنن
يغذوك بالآداب كيلا تعطب
أبني إن الرزق مكفول به
فعليك بالإجمال فيما تطلب
لا تجعل المال كسبك مفرّداً
واتقِ إلهك، فاجعل ما تكسب
كفل الإله برزق كل برية
والمال عارية تجيء وتذهب
والرزق أسرع من تلفت ناظر
سبباً إلى الإنسان حين يسبب
ومن السيول إلى مقر قرارها
والطير للأوكار حين تصوب
أبني إن الذكر فيه مواعظ
فمن الذي بعظاته يتأدب
اقرأ كتاب الله جهدك واتلوه
فمن يقوم به هناك وينصب
بتفكر وتخشع وتقرب
إن المقرب عنده المتقرب
واعبد إلهك ذا المعارج مخلصا
وأنصت إلى الأمثال فيما تضرب
وإذا مررت بآية وعظية
تصف العذاب، فقف ودمعك يسكب
يا من يعذب من يشاء بعدله
لا تجعلني في الذين تعذب
إني أبوء بعثرتي وخطيئتي
هرباً إليك وليس دونك مهرب
وإذا مررت بآية في ذكرها
وصف الوسيلة والنعيم المعجب
فاسأل إلهك بالإنابة مخلصاً
دار الخلود سؤال من يتقرب
واجهد لعلك أن تحل بأرضها
وتنال روح مساكن لا تخرب
وتنال عيشاً لا انقطاع لوقته
وتنال ملكاً كرامة لا تسلب
بادِر هواك إذا هممت بصالح
خوف الغوالب أن تجيء وتغلب
وإذا هممت بسيء فاغمض له
وتجنب الأمر الذي يتجنب
واخفض جناحك للصديق وكن له
كأبٍ على أولاده يتحدب
والضيف أكرم ما استطعت جواره
حتى يعدك وارثاً يتنسب
واجعل صديقك من إذا آخيته
حفظ الأخاء وكان دونك يضرب
واطلبهم طلب المريض شفائه
وادع الكذوب فليس ممن يصحب
واحفظ صديقك في المواطن كلها
وعليك بالمرء الذي لا يكذب
وأقل الكذوب قربه وجواره
إن الكذوب ملطخ من يصحب
يعطيك ما فوق المنى بلسانه
ويروغ منك كما يروج الثعلب
واحذر ذوي الملق اللئام فإنهم
في النائبات عليك ممن يخطب
يسعون حول المرء ما طمعوا به
وإذا نبا دهر جفوا وتغيبوا
ولقد نصحتك إن قبلت نصيحتي
والنصح أرخص ما يباع ويهب
صرمت حبالك بعد وصلك زينب
صرمت حبالك بعد وصلك زينب
والدهر فيه تصرم وتقلب
نشرت ذوائبها التي تزهو بها
سوداً ورأسك كالنعامة أشيب
واستنفرت لما رأتك وطالما
كانت تحن إلى لقاك وترهب
وكذلك وصل الغانيات فإنه
آل ببلقعة وبرق خلب
فدع الصبا فقد عدّاك زمانه
وازهد فعُمرك منه ولّى الأطيب
ذهب الشباب فما له من عودة
وأتى المشيب فإين منه المهرب
ضيف ألمّ إليك لم تحفل به
فترى له أسفاً ودمعاً يسكب
دع عنك ما قد فات في زمن الصبا
واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب
واخش مناقشة الحساب فإنه
لا بد يحصى ما جنيت ويكتب
لم ينسه الملكان حين نسيتَه
بل أثبتاه وأنت لاهٍ تلعب
والروح فيك وديعة أودعتها
سنردّها بالرغم منك وتسلب
وغُرور دُنْياك التي تسعى لها
دارٌ حقيقتها متاعٌ يذهب
والليل فاعلم والنهار كلاهما
أنفاسنا فيها تُعَدُّ وتُحسَب
وجميع ما حصّلته وجمعته
حقاً يقينا بعد موتك يُنهب
تباً لدار لا يدوم نعيمها
ومشيدها عما قريب يخرب
فاسمع، هديت، نصائح أولكها
برٌ لبيبٌ عاقلٌ متأدب
صحِبَ الزمان وأهله مستبصراً
ورأى الأمور بما تؤوب وتُعقب
أهدى النصيحة فاتعظ بمقالة
فهو التقي اللوذعي الأدرب
لا تأمن الدهر الصروف فإنه
لا زال قدماً للرحال يهذب
وكذلك الأيام في غدواتها
مرت يذل لها الأعز الأنجاب
فعليك تقوى الله فالزمها تفز
إن التقي هو البهي الأهيب
واعمل لطاعته تنل منه الرضا
إن المطيع لربه لمقرب
فاقنع ففي بعض القناعة راحة
واليأس مما فات فهو المطلوب
وتوق من غدر النساء خيانة
فجميعهن مكائد لك تنصب
لا تأمن الأنثى حياتك إنها
كالأفعوان يرعى منه الأنيب
لا تأمن الأنثى زمانك كله
يوماً ولو حلفت يميناً تكذب
تغري بطيب حديثها وكلامها
وإذا سطت فهي الثقيل الأشطب
والق عدوك بالتحية لا تكن
منه زمانك خائفاً تترقب
واحذره يوماً إن أتى لك باسماً
فالليث يبدو نابُه إذا يغضب
وإذا الحقود وإن تقدّم عهده
فالحقود باقٍ في الصدور مغيب
إن الصديق رأيته متعلقاً
فهو العدو وحقه يتجنّب
لا خير في ودّ امرئ متملق
حلو اللسان وقلبه يتلهب
يلقاه يحلف أنه بك واثق
وإذا توارى عنك فهو العقرب
يعطيك من طرف اللسان حلاوة
ويروغ منك كما يروغ الثعلب
واختر قرينك واصطفه مفاخراً
إن القرين إلى المقارن ينسب
إن الغنيّ من الرجال مكرم
وتراه يرجى مالديه ويرهب
ويُبشّ بالتّرحبيب عند قدومه
ويقام عند سلامه ويقرب
والفقر شين للرجال فإنه
يزري به الشهم الأديب الأنسب
اخفض جناحك للأقارب كلهم
بتذلل، واسمح لهم إن أذنبوا
وادع الكذب فلا يكن لك صاحباً
إن الكذوب لبيس خِلٌ يُصحب
وذر الحاسود ولو صفا لك مرة
أبغِدْهُ عن رؤياك لا يُستجلب
وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن
ثرثاراً في كل نادي تخطب
واحفظ لسانك واحترز من لفظه
فالمرء يسلم باللسان ويعطب
والسّر فاكتُمّه ولا تنطق به
فهو الأسير لديك إذ لا ينشب
واحفظ على حفظ القلوب من الأذى
فرجوعها بعد التنافر يصعب
إن القلوب إذا تنافر ودُّها
شبه الزجاجة كسرها لا يُشعب
وكذلك سر المئ إن لم يطوه
نشرته ألسنة تزيد وتكذب
لا تحرصن فالحِرص ليس بزائد
في الرزق بل يشقي الحريص ويتعب
ويظل ملهوفا يرمُ تحيّلاً
والرزق ليس بحيلة يستجلب
كم عاجز في الناس يؤتى رزقه
رغداً ويحرم كيس ويخيب
أدِ الأمانة والخيانة فاجتنب
واعدل ولا تظلم، يطب لك مكسب
وإذا بليت بنكبة فاصبر لها
من ذا رأيت مسلماً لا ينكب
وإذا أصابك في زمانك شدة
وأصابك الخطب الكريه الأصعب
فادع لربك إنه أدنى لمن
يدعوه من حبل الوريد وأقرب
كن ما استطعت عن الأنام بمعزل
إن الكثير من الورى لا يصحب
واجعل جليسك سيداً تحظى به
حبّرٌ لبيب عاقل متأدب
واحذر من المظلوم سهماً صائباً
واعلم بأن دعاءه لا يحجب
وإذا رأيت الرزق ضاق ببلدة
وخشيت فيها أن يضيق المكسب
فارحل فأرض الله واسعة الفضا
طولاً وعرضاً شرقها والمغرب
فلقد نصحتك إن قبلت نصيحتي
فالنصح أغلى ما يباع ويوهب
خذها إليك قصيدة منظومة
جاءت كنظم الدر بل هي أعجب
حكم وآداب وجُل مواعظ
أمثالها لذوي البصائر تكتب
فاصغ لوعظ قصيدة أولكها
طود العلوم الشامخات الأهيب
أعني علياً وابن عم محمد
من ناله الشرف الرفيع الأنساب
يا رب صل على النبي وآله
عدد الخلائق حصْرَها لا يُحْسبُ
وما طلب المعيشة بالتمني
وما طلب المعيشة بالتمني
ولكن ألقِ دلوك في الدلاء
تجئك بملئها يوماً ويومًا
تجئك بحمأة وقليل ماء
ولا تقعد على كل التمني
تحيل على المقدِّر والقضاء
فإن مقادير الرحمن تجري
بأرزاق الرجال من السماء
مقدَّرَةً بقبض أو ببسط
وعجز المرء أسباب البلاء
لنعم اليوم يوم السبت حقاً
لصيد إن أردت بلا إمتلاء
وفي الأحد البناء لأن فيه
تبدّى الله في خلق السماء
وفي الاثنين إن سافرت فيه
ستظفر بالنجاح وبالثراء
ومن يُرد الحجامة فالثلاثاء
ففي ساعته سفك الدماء
وإن شرب امرؤ يوماً دواءً
فنعم اليوم يوم الأربعاء
وفي يوم الخميس قضاء حاجة
ففيه الله يأذن بالدعاء
وفي الجمعات تزويج وعرس
ولذَّات الرجال مع النساء
وهذا العلم لا يعلَمه إلا
نبيٌ أو وصي الأنبيا
فكيف به أني أداوي جراحه
فيدوي فلا ملَّ الدواء
الله حي قديم قادر صمد
الله حي قديم قادر صمد
فليس يشركه في ملكه أحد
هو الذي عرّف الكفّار منزلتهم
والمؤمنون سيجزيهم بما وُعدوا
فإن تكن دولة فقد كانت لنا عظة
فهل عسى أن يرى فيها غير رشد
وينصر الله من والاه إن له
نصراً يمثل بالكفَّار إن عتوا
فإن نطقتم بفخرٍ لا أبالكُمُ
فيمَن تضمّن من إخواننا اللحد
فإن طلحة غادرناه منجدلاً
وللصفائح نار بيننا تقد
والمرء عثمان أردته أسنتنا
فجيب زوجته إذ أُخبرت قَدَدُ
في تسعةٍ ولواءٌ بين أظهُرهم
لم ينكلوا عن حِياض الموت إذ وردوا
كانوا الذوائب من فهر وأكرمها
حيث الأُنوف وحيث الفرع والعدد
وأحمد الخير قد أَردى على عجل
تحت العجاج أبيّاً وهو مجتهد
فظلّت الطير والضبعان تركبُهُ
فحامل قطعةٍ منه ومقتعدُ
ومن قتلتم على ما كان من عجب
مِنّا فقد صادفوا خيراً وقد سعدوا
لهم جنان من الفردوس طيّبةٌ
لا يعتريهم بها حرٌ ولا صدُ
صلَّى الإله عليهم كلما ذُكِروا
فربّ مشهدِ صدقٍ قبلَه صدقوا
قومٌ وفّوا عهد الرسول واحتسبوا
شمّ العرانين منهم حمزة الأسد
ومصعبٌ كان ليثاً دونه حرداً
حتى تزمل منه ثعلبٌ جسد
ليسوا كقتلى من الكفَّار أدخَلهم
نار الجحيم على أبوابها الرصد
الأزد سيفي على الأعداء كافة
ويقول علي رضي الله عنه:
الأزد سيفي على الأعداء كافة
وسيف أحمد من دانت له العرب
قومٌ إذا فاجأوا أبلوا وإن غلبوا
لا يُحجمون ولا يدرون ما الهرب
قومٌ لباسهم في كل معترك
بيضٌ رقيق وداوُدية سلب
البيض فوق رؤوس تحتها اليلب
وفي الأنامل سمر الخط والقضب
البيض تضحك والأجال تنتحب
والسمر ترعف والأرواح تنتهب
وأي يوم من الأيام ليس لهم
فيه من الفعل ما من دونه العجب
الأزد أزيَد من يمشي على قدم
فضلاً وأعلاهم قدراً إذا ركبوا
يا معشر الأزد، أنتم معشر أنف
لا يضعفون إذا ما اشتدت الحقب
وفي الوفاء بالعهد شيمتكم
ولم يختلط قديماً صدقكم بكذب
إذا غضبتم يهاب الخلق سطوتكم
وقد يهون عليكم منهم الغضب
يا معشر الأزد، إني من جميعكم
راضٍ وأنتم رؤوس الأمر لا الذنب
لن ييأس الأزد من روح ومغفرة
والله يحفظهم من حيث ما ذهبوا
طيبتم حديثاً كما قد طاب أولكم
والشوك لا يجتنى من فرعه العنب
والأزد جرثومة إن سبقوا، سبقوا
أو فخروا، فخروا، أو غلبوا، غلبوا
أو كثروا، كثروا، أو صبروا، صبروا
أو سهِموا، سهموا، أو سُلبوا، سلبوا
صفوا، فأصفاهم الباري ولايته
فلم يشب صفوهم لهو ولا لعب
من حسن أخلاقهم طابت مجالسهم
لا الجهل يعرُوهُم فيها ولا الصخب
الغيث ما روضوا من دون نائلهم
والأسد ترهبهم يوماً إذا غضبوا
أندى الأنام أكفاً حين يسألونهم
وأرابط الناس جأشاً إن هم ندبوا
فالله يجزيهم عما أتوا وحابوا
به الرسول وما من صالح كسبوا