أمثلة توضح كيفية تغير الفتوى عبر الزمن

نماذج لتغير الفتوى

استعرض العلماء مجموعة من الأمثلة التي توضح تفاوت الفتوى تبعًا لتغير الظروف والأحوال، ومن هذه النماذج نذكر:

  • التقاط ضالة الإبل؛ فعلى الرغم من نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن التقاط ضالة الإبل، إلا أن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أصدر أمرًا في زمنه بجواز التقاط ضالة الإبل وبيعها مع حفظ ثمنها لأصحابها، وذلك نظرًا لزيادة الفساد بين الناس الذي استدعى تغيير الفتوى.
  • ضمان يد الصناع؛ فقد فرض الإمام علي -رضي الله عنه- على الصناع ضمان ما بحوزتهم نتيجة تعرض البعض للفساد في الذمم، بالرغم من أن يد الصناع تكون عادةً أمينة.
  • إجازة قراءة القرآن باللغة الفارسية عند أبي حنيفة؛ فقد أباح أبو حنيفة لبعض الفرس الذين أسلموا حديثًا قراءة الآيات القرآنية التي لا تحتمل التأويل باللغة الفارسية. وعندما لاحظ أن هذا ساهم في انتشار البدع والضلال، تراجع عن تلك الفتوى.
  • قبول شهادة غير العدول؛ حيث اجازت الفقهاء في مراحل متأخرة من التاريخ قبول شهادة الأقل فجورًا بين الناس في حال عدم وجود الرجال العدول، حتى لا تتعطل مصالح الناس.
  • رؤية المنازل المراد شراؤها؛ في السابق كانت البيوت تبنى على نمط موحد، ولذلك كان يكفي رؤية غرفة واحدة لمن يرغب في شرائها وفقاً لآراء الفقهاء الأوائل. لكن في الوقت الحالي، تختلف أساليب البناء، مما يستوجب على المشتري رؤية جميع غرف المنزل قبل الشراء، كما أجمع عليه الفقهاء المتأخرون.

أسباب تغيير الفتوى

حدد العلماء عدة أسباب تبرر تغير الفتوى، من أهمها تغير الزمان، إذ تتغير أحوال الناس واحتياجاتهم بين الأجيال. كما أن تغير المكان يلعب دورًا، حيث إن الأحكام والفتاوى التي تناسب المسلمين في بلادهم قد لا تصلح لهم في الدول الأخرى. إضافة إلى ذلك، فإن الفتوى تتغير تبعًا لاختلاف عادات الناس والظروف الخاصة بهم من وقت لآخر.

ضوابط تغيّر الفتوى

أوضح العلماء مجموعة من الضوابط التي تحكم تغير الفتوى، ومن أبرزها: اختلاف العادات والأعراف. ومن الأمثلة على ذلك زكاة الفطر، حيث أظهر علماء الأمة جواز إخراجها من غالب قوت البلد، فالأرز والذرة قد يكونان غالبين في بعض البلدان، في حين أن الشعير والزبيب يمكن أن يكونا الغالبين في بلدان أخرى. كما أن من الضوابط المهمة لتغير الفتوى هو وجود الأسباب، تحقق الشروط وعدم وجود الموانع. فعلى سبيل المثال، يكون الشخص ملزمًا بأداء الزكاة إذا بلغ نصابها وحال عليه الحول، ولكن إذا كان عليه دين يستوفي جميع ماله، فإنه يسقط عنه وجوب الزكاة لوجود المانع. وكذلك تُعَد الضرورة من الضوابط التي تبرر تغيّر الفتوى، حيث يجوز للمضطر تناول المحرمات، مثل أكل الميتة، بينما لا يباح ذلك لمن لديه خيارات أخرى. كما أن تغير الوصف أو الاسم يعد ضابطًا آخر؛ فالشراب الذي يسكر يكون خمراً محرمًا، لكن إذا تغير ليصبح خلاً، فإن حكم التحريم يسقط. وتشمل الضوابط أيضًا تداخل المأمورات أو المنهيات، بالإضافة إلى وجود العوائق وزوالها، كما فعل النبي الكريم عندما ترك قيام الليل حتى لا تفرض على الأمة. كذلك فإن تطور الوسائل والتقنيات يعد من الضوابط الملائمة لتغير الفتوى؛ فالجهاد والإعداد واجب شرعي لا يتبدل حكمه بتغير الزمان، إلا أن الوسائل تتطور، ففي الوقت الحالي يتم الاستعداد باستخدام الأسلحة والعتاد العسكري في حين كان في السابق يتم استخدام السيوف والخيل.