أمثلة توضيحية على الاستعارة التصريحية

تعريف الاستعارة وأنواعها

ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ). تتساءل هنا، هل تعبر كلمتا الظلمات والنور عن مفاهيمهما الحقيقية، أي أن الظلمات تشير إلى العتمة والنور إلى الضوء، أم أن لهما دلالات أخرى؟

يُدرك الدارسون في علم البلاغة أن هاتين الكلمتين استخدمتا في سياق مجازي، وبالتحديد في إطار الاستعارة، مما يتيح لنا تعريف الاستعارة بأنها إحدى أنواع المجاز اللغوي، حيث يتم تشبيه شيء بآخر مع حذف أحد طرفي التشبيه. وتنقسم الاستعارة إلى نوعين: تصريحية ومكنية.

  • الاستعارة التصريحية: تُستخدم عندما يُصرح فيها بلفظ المشبه به.
  • الاستعارة المكنية: تُحذف فيها المشبه به، ويشار إليه من خلال شيء من لوازمه.

هذا المقال سيركز على الاستعارة التصريحية. في المثال السابق، تشير كلمة الظلمات إلى الكفر والضلال، بينما تشير كلمة النور إلى الإيمان والهداية. عند التفكر في هذه العبارة، نلاحظ وجود تشبيه حُذِف فيه لفظ المشبه واستُعيض عنه بلفظ المشبه به، مما يعني أن المشبه به يُعتبر نفسه المشبه. هذه من روائع بلاغة اللغة العربية، ويطلق على هذا النوع من المجاز استعارة. وبما أن المشبه به مذكور بوضوح في هذا السياق، فإنه يُعرف بالاستعارة التصريحية.

أمثلة على الاستعارة التصريحية

إليك بعض الأمثلة التي توضح استخدام الاستعارة التصريحية:

أمثلة من القرآن الكريم

  • قال تعالى: “اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ”.

في هذه الآية، تم تشبيه الدين بالطريق، حيث أن كليهما يوصل إلى الهدف. تم استعارة اسم المشبه به وهو الطريق (الصراط) للدلالة على المشبه المحذوف وهو الدين، مما يُعتبر استعارة تصريحية.

أمثلة من الشعر العربي

  • قال المتنبي في وصف دخول رسول الروم على سيف الدولة الحمداني:

وَأقْبَلَ يَمْشِي فِي الْبِسَاطِ فَمَا دَرَى

إلى الْبَحْرِ يَسْعَى أَمْ إِلَى الْبَدْرِ يَرْتَقِي

هنا، شبه المتنبي سيف الدولة بالبحر، ووجه الشبه هو وفرة العطاء. كما شبهه بالبدر، حيث يشير وجه الشبه إلى الرفعة. تم استعارة البحار والبدر للدلالة على سيف الدولة كمشبه محذوف، مما يمثل استعارة تصريحية.

  • كل زنجية كأن سواد ال

ليل أهدى لها سواد الإهاب

شُبِّهَت السفينة بزنجية، حيث كان وجه الشبه هو السواد. تم استعارة الزنجية للدلالة على السفينة كمشبه محذوف، وهذا يُمثل استعارة تصريحية. كما تم تشبيه طلاء السفينة الأسود بالإهاب، حيث استُخدم وجه الشبه لأن كلاهما يستر ما تحته، مما يُعتبر استعارة تصريحية أخرى.

  • قال الشاعر في وصف مزيَّنٍ:

إذا لمَعَ البرق في كفِّه

أفاضَ على الوجه ماء النعيم

هنا، يشبه الشاعر الموسى بالبرق، حيث أن وجه الشبه هو اللمعان. تم استعارة البرق للدلالة على الموسى كمشبه محذوف، مما يُعد استعارة تصريحية.

  • قال بعضهم في وصف الكتب:

لنا جُلَساء لا نمل حديثهم

أَلِبَّاء مأمونون غيباً ومشهدا

تم تشبيه الكتب بالجِلَساء، ووجه الشبه هو إمكانية الاستفادة من كليهما. تم استعارة الجِلَساء للدلالة على الكتب كمشبه محذوف، مما يُعتبر استعارة تصريحية.

  • رأيت حبال الشمس كفة حابل

تحيط بنا من أشمل وجنوب

تم تشبيه أشعة الشمس بالحبال، حيث أن وجه الشبه هو الطول والامتداد. وتم استعارة الحبال للدلالة على أشعة الشمس كمشبه محذوف، وهذا يُمثل استعارة تصريحية.

  • قال المتنبي في ذم كافور:

نامت نواطير مصر عن ثعالبها

وقد بِشمْنَ وما تفنى العناقيد

شَبَّهَ المتنبي سادات مصر بالنواطير، حيث أن وجه الشبه هو المسؤولية والولاية. تم استعارة النواطير للدلالة على سادات مصر كمشبه محذوف. كما شَبَّهَ الأشرار بالثعالب، ووجه الشبه هنا هو الدهاء، فاستُعيرت الثعالب للدلالة على الأشرار، مما يمثل استعارة تصريحية.