أمثلة توضيحية على الاستعارة المكنية في اللغة العربية

ما هي الاستعارة؟

تُعتبر الاستعارة إحدى الأدوات البلاغية في اللغة العربية، وتندرج تحت علم البيان، الذي يشكل جزءاً أساسياً من علوم اللغة العربية إلى جانب علمي المعاني والبديع. تنقسم الاستعارة إلى عدة أنواع، ومن أبرزها الاستعارة التصريحية والاستعارة المكنية. تُعرّف الاستعارة المكنية بأنها تشير إلى الستر والخفاء، وهي مأخوذة من الفعل “كنّى”. اصطلاحياً، تشير هذه الاستعارة إلى حالة يُحذف فيها المشبه به، مع الاكتفاء بشيء من لوازمه. وقد أوضح السكاكي هذا التعريف عندما قال: “أن يُذكر المشبه ويُراد به المشبه به، مُستدلًا على ذلك بقرينة أو دليل يُشير إلى العنصر المحذوف”. في هذه المقالة، سنستعرض أركان الاستعارة المكنية وسنقدم أمثلة توضيحية لفهمها بشكل أفضل.

أركان الاستعارة المكنية

تتكون أركان التشبيه من مشبه ومشبه به، ولا يُسمح بحذف أي منهما إذا كانت الغاية هي التشبيه. ولكن في حال تم حذف أحد هذين الركنين، فقد يتحول المعنى من التشبيه إلى الاستعارة وفقًا للعنصر الذي تم حذفه. وعندما يتم حذف المشبه به، تظل الاستعارة مكنية، حيث يبقى المشبه ويُكنّى عن المشبه به المحذوف بشيء من لوازمه. وبالتالي، فإن أركان الاستعارة المكنية تشمل: المشبه المذكور، المشبه به المحذوف، والقرينة التي تدل على المشبه به المحذوف.

أمثلة على الاستعارة المكنية

إليكم بعض الأمثلة على الاستعارة المكنية مع توضيح أركانها:

المـــثـــال التـــوضـــيح
قال تعالى: “رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا”. هنا، يشبه الرأس بالوقود، حيث تم حذف المشبه به واستُبدل بشيء من لوازمه وهو (اشتعل)، مما يُعتبر استعارًة مكنيّة، حيث دلت القرينة على الاشتعال.
قال الحجّاج: “وإنّي لأرى رؤوسًا قد أينعت وحان قطافها، وإنّي لصاحبها”. شبه الحجّاج الرؤوس بالثمرات. حيث الأصل هنا هو: إني لأرى رؤوسًا كالثمرات قد أينعت، ولكن يُحذف المشبه به لتحل كلمة “رؤوس” بدلًا منها، رمزًا إلى ما يشير إلى المشبه به المحذوف وهو (أينعت).
قال أعرابي في المدح: “فلان يرمي بطرفه حيث أشار الكرم”. هنا، يشبّه الكرم بإنسان وتم حذف هذا المشبه، بينما استُخدمت قرينة (أشار) كدليل على الاستعارة المكنية.
قال ابن سنان الخفّاجي في وصف الحمامة: “وهاتفة في البان تملي غرامها علينا وتتلو من صبابتها صُحفا”. في هذا المثال، تم تشبيه الحمامة بامرأة، حيث تم حذف المشبه وامتُلك هذا المفهوم بأسلوب استعارِي موحٍ من خلال الكلمات (تملي وتتلو)، والقرينة هي إثبات الإملاء والتلاوة للحمامة.
قال شاعر يخاطب طائرًا: “أنت في خضراء ضاحكة من بكاء العارض الهتن”. في هذه العبارة، تم تشبيه الأرض الخضراء بإنسان، حيث يُحذف المشبه وتستبدل الكلمة بـ (ضاحكة) بوصف استعارٍة مكنية واضحة.
قال الشاعر: “عضنا الدهر بنابه ليت ما حل بنا به”. هنا، يُشبه الدهر بحيوان مفترس من خلال مقارنة الإيذاء، حيث يُحذف المشبه به وتدل قرينة (عض) على تلك الاستعارة المكنية.