أسلوب الأمر
يُعد أسلوب الأمر أحد الطرق المُستخدمة لطلب تنفيذ الفعل من المخاطب بأسلوب استعلائي. وقد تميز هذا الأسلوب بشيوعه في النصوص الشرعية مثل القرآن الكريم والسنة النبوية، حيث يُعتبر أداة هامة لتوضيح ما أمر الله تعالى به عباده من أعمال، عبادات، وأحكام. كما يوضح ابن السراج أن لفظ “الأمر” لا يُطلق عند توجيهه إلى الله سبحانه وتعالى؛ إذ يُطلق على ذلك “دعاء”، والذي يظهر في الشكل الشبيه بالأمر. ويقول: “لا يجوز أن نقول ‘أمر’ لله، لأن الأمر لمن دونك، والدعاء لمن فوقك”.
الصيغ الصريحة للأمر وأمثلتها
تتميز صيغ الأمر الصريحة بأربعة أشكال رئيسية، والتي تُشير بشكل واضح إلى مفهوم الأمر. وتُعد الصيغتان الأولى والثانية الأكثر شيوعًا، وبيانها كالتالي:
- افعلْ: تُعتبر هذه الصيغة الأكثر شيوعًا في الاستخدام للدلالة على الأمر، حيث تتكون من فعل أمر مبني على السكون، ويشير إلى زمن المستقبل، كما ورد في قوله تعالى: {فاكتبوه}.
- لتفعل: تتكون هذه الصيغة من الفعل المضارع متبوعاً بلام الأمر الجازمة، وهي تُكتب مكسورة وتكون ساكنة إذا سُبِقَت بحرف واو أو فاء العطف أو ثمّ، كما ورد في قوله تعالى: {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ}، وأيضًا: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ}.
- اسم فعل الأمر: يُشير اسم فعل الأمر إلى ما يُستبدَل به الفعل في المعنى والاستخدام، مثل “صَهْ” بمعنى اسكت، و”مَهْ” بمعنى اكفف، و”دونك” بمعنى خذ، و”هلُمَّ” بمعنى أحضر، و”عليك” بمعنى الزم، كما في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ” أي: أصلحوا أنفسكم وامتنعوا عن المعاصي.
- المصدر النائب عن فعله: يُستخدم المصدر كصيغة تدل على حدث غير مقترن بزمان، وقد يُنتِب المصدر عن فعله فيكون بديلاً له، كما في قوله تعالى: “فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ”، وأيضًا في التعبير “صبرًا على نوائب الدهر”، و”هجرًا للذنوب والمعاصي”، بمعنى اصبر صبرًا، واهجر هجرًا.
الصيغ غير الصريحة للأمر وأمثلتها
يمكن أن تُفهم دلالة الأمر من أشكال أخرى رغم عدم ذِكْرها مسبقًا، حيث تُستنتج من السياق والغرض والموقف. وهناك العديد من الأمثلة في القرآن الكريم على ذلك، والتي تم تصنيفها كما يلي:
- ما جاء على صورة الإخبار
- مثل قوله تعالى: “كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ”.
- كما في قوله تعالى: “وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ”.
- وأيضًا في قوله تعالى: “فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ”.
- ما جاء في سياق مدح فاعل الأمر
- كما في قوله تعالى: “وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ”، مما يُشير ضمنيًا إلى أهمية الإيمان بالله ورسله.
- وفي قوله تعالى: “وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ”، مما يدل ضمناً على أهمية طاعة الله ورسوله.
- وفي قوله تعالى: “وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”، مما يُشير إلى أهمية الإحسان.
- وفي قوله تعالى: “وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ”، مما يدل ضمنيًا على أهمية الشكر.