الاستعارة
تعود جذور الاستعارة في اللغة إلى كلمة (عور) التي تعبر عن التبادل بين الأشياء. ومن ذلك تعاور القوم في ضرب شخص ما، حيث قاموا بضربه واحداً تلو الآخر وتبادل الأدوار. وقد عرّف عبد القاهر الجرجاني الاستعارة بالقول: “الاستعارة هي أن يكون للفظ أصلٌ معروف في الوضع اللغوي، تدل الشواهد على أنه قد خُصص به عند وضعه، ثم يستخدمه الشاعر أو غيره في غير هذا الأصل، فيتم نقله بطريقة غير لازمة، مما يجعله كالأمانة المستعارة.” وبذلك، تُستخدم الاستعارة كلفظٍ مغاير لموقعه، مثل قولك “أمطرت العين”، حيث أن الإمطار عادةً محصورٌ في الغيوم. هنا، استخدم لفظ (أمطرت) في معنى مختلف عن معناه الأصلي. وتعتبر الاستعارة تشبيهاً يُحذف فيه أحد الطرفين (المشبه أو المشبه به).
أمثلة على الاستعارة في الشعر
هناك عدة أمثلة على الاستعارة في الشعر، منها:
- وَأَمْطَرَتْ لُؤْلُؤًا مِنْ نَرْجِسٍ وَسَقَتْ
وَرْداً وَعَضَّتْ عَلَى العُنَّابِ بِالبَرَدِ
البيت من شعر الدمشقي، حيث يصف بكاء فتاة. في هذا البيت، نجد كثيراً من الاستعارات: فـ”أمطرت” تشبه البكاء بالإمطار، مما يجعل الاستعارة تصريحية. و”لؤلؤًا” تشير إلى الدموع كأنها لؤلؤ، مما يمثّل أيضًا استعارة تصريحية. وكذلك “من نرجس” حيث يشبّه العيون بالنرجس، و”سقت ورداً” التي تشبه خدودها بالورد، و”عضت على العناب” التي تشبه الشفاه بالعناب، بالإضافة إلى “بالبرد” التي تشبه الأسنان بالبرد، وكلها استعارات تصريحية.
- وَأَقبَلَ يَمشي في البِساطِ فَما دَرى
إِلى البَحرِ يَمشي أَم إِلى البَدرِ يَرتَقي
هذا البيت من أشعار المتنبي، حيث يشير إلى سيف الدولة، وفي “إلى البحر يمشي” يشبّه سيف الدولة بالبحر، مما يجعلها استعارة تصريحية، وكذلك في “إلى البدر” حيث يشبّه سيف الدولة بالبدر، وهي استعارة تصريحية أيضًا.
- لا تَعجَبي يا سَلمَ مِن رَجُلٍ
ضَحِكَ المَشيبُ بِرَأسِهِ فَبَكى
هذا البيت لدعبل الخزاعي، ويظهر فيه الاستعارة في عبارة “ضحك المشيب”، حيث يشبّه المشيب بالإنسان الضاحك، مما يؤكد على أنها استعارة مكنية.
- كلُّ زنجيَّةٍ كأن سوادَ الـ
لَيلِ أهدَى لها سوادَ الإهابِ
هذا البيت لسري الرفاء، وفيه تظهر الاستعارة في عبارة “كل زنجيةٍ” حيث يشبّه السفينة بالزنجية، أما “أهدى لها” فتشبه الليل بالإنسان الذي يهدي، مما يجعلها استعارة مكنية.
- فَما قاتَلَت عَنهُ المَنونَ جُنودُهُ
وَلا دافَعَت أَملاكُهُ وَذَخائِرُه
هذا البيت للبحتري يرثي المتوكل، وفيه نجد الاستعارة في عبارة “فما قاتلت عنه المنون جنودُه” حيث تشبه الموت بعدو يُقاتَل، مما يُعَد استعارة مكنية. وفي “ولا دافعت أملاكه وذخائره” نشاهد تشبيها للأملاك والذخائر بالجندي الذي يقاتل، وهو استعارة مكنية أيضًا.
- أما تَرى ظَفراً حُلْواً سِوى ظَفَر
تَصافحَتْ فيه بيضُ الهِندِ واللمَمُ
هذا البيت للمتنبي، حيث نجد الاستعارة في البيت الثاني الذي يشبّه فيه السيوف واللمم بالأشخاص الذين يتصافحون، مما يجعلها استعارة مكنية.
أنواع الاستعارة
هناك عدة أنواع من الاستعارة، تشمل:
- الاستعارة التصريحية.
- الاستعارة المكنية.
- الاستعارة الأصلية.
- الاستعارة التبعية.
- الاستعارة التمثيلية.
- الاستعارة المرشحة.
- الاستعارة المجردة.
- الاستعارة المطلقة.