أمثلة على تفسير القرآن الكريم من خلال الأحاديث النبوية والأقوال المعتمدة

أمثلة على التفسير بالمأثور

يُعتبر القرآن الكريم الكتاب الوحيد الذي حظيَ باهتمامٍ بالغ ورعاية مستديمة عبر العصور، وهذا ليس بغريبٍ، إذ إنه كلام الله تعالى الذي أُنزِل على أفضل الخلق وأنهى به سلسلة الكتب السماوية. يُعد آخر الكتب المنزلة، وقد تكفّل الله بحفظه من أي تحريف أو تغيير.

كان علماء المسلمين يعطون لهذا الكتاب اهتمامًا خاصًا، حيث اتجهوا لتفسيره وفهم معانيه والخفي من مقاصده وأحكامه. وقد تم تطوير العديد من المناهج لتفسير آيات القرآن، من بينها التفسير بالمأثور، الذي يتطلب توضيحًا مع تقديم أمثلة عليه.

التفسير بالمأثور يعني تفسير القرآن بالاعتماد على النصوص القرآنية ذاتها، وأيضًا بما ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وما تناولته أقوال الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم. وفيما يلي بعض الأمثلة على هذا النوع من التفسير:

تفسير القرآن بالقرآن

إليكم بعض الأمثلة حول تفسير القرآن بالقرآن:

  • يُفسَّر قوله تعالى: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) بما ورد في قوله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللّٰهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّٰهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا) كمثال على تفسير القرآن بالقرآن.
  • كذلك يُفسَّر قوله تعالى: (إنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا) بالآيات التي تليه: (إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ).
  • ويُفسَّر أيضًا قوله تعالى: (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) ببيان الطيب من القول في سورة أخرى: (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّـهُ).

تفسير القرآن بالسنة النبوية

وهنا بعض الأمثلة على تفسير القرآن بالسنة النبوية:

  • في قوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ)؛ فقد فُسِّرت (القوة) بما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: (ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي).
  • وعندما نزلت الآية: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ) أحسَّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بصعوبة ذلك، وسألوا: أيُّنا لم يظلم نفسه؟ فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس كما تظنون؛ إنما هو كما قال لقمان لابنه: (يَا بُنَيَّ لَا تَشْرِكْ بِاللَّـهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).
  • وفي قوله تعالى عن امرأة عمران عندما وضعت ابنتها مريم: (وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه عند ميلاده فيستهل صارخًا من مس الشيطان إلا مريم وابنها).

تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين

سنستعرض بعض الأمثلة على تفسير القرآن من خلال أقوال الصحابة والتابعين:

  • قول تعالى: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ): قال ابن عباس رضي الله عنه: “يعني قاضي يوم الدين، وهو يوم الحساب والقضاء بين الخلائق؛ أي يوم يُدان فيه الناس بأعمالهم ولا قاضي غيره”.
  • في قوله تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ): قال ابن عباس: “هو قول الرجل في حديثه وسرعة محاورته، دون قصد اليمين”.
  • كما سأل سيدنا عمر بن الخطاب حينما نزل قوله تعالى: (إذا جاءَ نَصْرُ اللهِ والفَتْح): “ما تقولون في قول الله -تَعَالَى- (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ)؟” وعدّد الصحابة آرائهم، حتى قال ابن عباس: “هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أعلمه إياه”.
  • وفي قوله تعالى: (قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا)، قال ابن زيد: القرآن روح الله، وقرأ: (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا) إلى نهاية الآية.

أشهر كتب التفسير بالمأثور

من أبرز كتب التفسير بالمأثور ما يلي:

  • جامع البيان عن تأويل آي القرآن لابن جرير الطبري.
  • الكشف والبيان عن تفسير القرآن للثعلبي.
  • معالم التنزيل للبغوي.
  • تفسير القرآن العظيم لابن كثير.
  • الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي.

أنواع أخرى لتفسير القرآن الكريم

من ضمن طرق تفسير القرآن الأخرى؛ التفسير بالرأي: وهو الذي يعتمد على اجتهاد المفسّر في فهم النصوص بعد أن يُتقِن لسان العرب وأساليبهم، ويدرس دلالات الألفاظ، بالإضافة إلى أسباب النزول والناسخ والمنسوخ.