أمثلة على فنون البلاغة في القرآن الكريم

أمثلة على بلاغة القرآن الكريم

أمثلة الاستعارة في القرآن الكريم

تعتبر الاستعارة من أساليب اللغة العربية، حيث يتم التعبير عن فكرة معينة بكلمات غير الكلمة الأصلية، وذلك لإضافة عمق أو جمالية للمعنى. فيما يلي بعض الأمثلة من القرآن الكريم على استخدام الاستعارة:

  • المثال الأول: في سورة البقرة، قال الله تعالى: (اللَّـهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ). المعنى المقصود هنا هو الانتقال من الضلال إلى الإيمان، حيث استعار الله الظلمات للدلالة على الضلال والنور للتعبير عن الإيمان.
  • المثال الثاني: في قوله -تعالى-: (وَاخفِض لَهُمَا جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ). في هذه العبارة، تشبه الآية الذل بالطائر المجنح، مُشيرةً إلى ضرورة الإحسان والخضوع للوالدين كبادرة من الحب والرحمة.
  • المثال الثالث: في قوله -تعالى-: (وَلَمّا سَكَتَ عَن موسَى الغَضَبُ أَخَذَ الأَلواحَ)، حيث صوّرت الآية الغضب ككائن حي له صفات الحياة، بما فيها القدرة على السكون.
  • المثال الرابع: في سورة آل عمران، قال -تعالى-: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا). يحتوي هذا المثال على استعارتين: الأولى، الحبل للدلالة على الدين، والثانية، الاعتصام للتمسك به، مما يشير إلى أهمية الوحدة في دعم دين الله.
  • المثال الخامس: ورد في سورة الإسراء: (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ)، حيث استُعيرت مفردات الكلام للنص القرآني، رغم أنه كتاب.
  • المثال السادس: في قوله -تعالى-: (فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ)، حيث تم تشبيه الكفار بالموتى والصم في عدم استجابتهم للإيمان.
  • المثال السابع: في قوله -تعالى-: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ)، حيث تم تصوّر حركة الجبال كما لو كانت تتحرك مثل السحاب.

أمثلة التشبيه في القرآن الكريم

يتضمن القرآن الكريم العديد من الأمثلة على فن التشبيه البلاغي، ومن أبرزها:

  • المثال الأول: في سورة الأعراف، قال -تعالى-: (أُولـئِكَ كَالأَنعامِ بَل هُم أَضَلُّ). تشير الآية إلى أن الكفار في ضلالهم يشبهون الأنعام التي لا تسمع لنداء راعيها.
  • المثال الثاني: في سورة البقرة: (أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ* مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّـهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ). تشبه الآية أولئك الذين يفضلون الضلالة على الهدى بالشخص الذي أوقد نارًا ثم فقد نورها فجأة.
  • المثال الثالث: في سورة الجمعة، قال: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا). يشير هذا المثال إلى الذين تحملوا عبء التوراة دون العمل بها، مشبّهين الحمار الذي يحمل الأثقال دون أن يدرك معناها.
  • المثال الرابع: في سورة القلم، قال -تعالى-: (كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ). تشير هذه الآية إلى أن عذاب الدنيا هو عذاب نسبي وعذاب الآخرة أكبر والأشد.
  • المثال الخامس: في سورة البقرة، قال -تعالى-: (ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا). تشير الآية إلى شبه الكفار بين البيع والربا، ثم تردّ عليه بإعلان تحريم الربا وإباحة البيع.
  • المثال السادس: في قوله -تعالى-: (خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ* مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَـذَا يَوْمٌ عَسِرٌ). تصف الآية الكافرين في يوم القيامة كأنهم جراد منتشر.

أمثلة الإيجاز والإطناب في القرآن الكريم

يمكن تعريف الإيجاز على أنه التعبير المختصر لتحقيق المعنى، بينما الإطناب هو الاستفاضة في الكلام لزيادة توضيح المعنى. فيما يلي بعض الأمثلة عليها:

  • المثال الأول: الإيجاز في آية ميراث البنات في سورة النساء، حيث ذكر -تعالى-: (يُوصِيكُمُ اللَّـهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِفَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ). تحدد الآية ميراث البنت الوحيدة ومع ذلك لم تذكر حكم الميراث للاثنتين صراحة، بل تم الإشارة له في آية أخرى.
  • المثال الثاني: الإطناب في قصة سيدنا موسى -عليه السلام- في سورة طه، قال -تعالى-: (وَما تِلكَ بِيَمينِكَ يا موسى* قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمي وَلِيَ فيها مَآرِبُ أُخرى). هنا لم يذكر موسى فقط العصا بل شرح أهميتها بالنسبة له.
  • المثال الثالث: في قوله -تعالى-: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)، يحمل المعنى الإيجاز حيث أن المكر لا يكون إلا سيئًا، بينما الإطناب في وصفه.
  • المثال الرابع: في قوله -تعالى- في سورة الأعراف: (خُذِ العَفوَ وَأمُر بِالعُرفِ وَأَعرِض عَنِ الجاهِلينَ)، تم جمع مكارم الأخلاق بكلمات قليلة تعكس المعنى بشكلٍ ممتاز.
  • المثال الخامس: الإطناب في سورة البقرة: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ)، حيث تم التأكيد على صلاة العصر رغم أنها تأتي ضمن الصلاة العامة.

أمثلة الكناية في القرآن الكريم

الكناية تعني استخدام كلمة للدلالة على معنى أعمق أو مختلف عن المعنى الأساسي. وقد استُخدمت الكناية في القرآن في عدة مواضع. إليكم بعض الأمثلة:

  • المثال الأول: استخدام كلمة الحرث كناية عن الجماع، كما في قوله -تعالى- في سورة البقرة: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ).
  • المثال الثاني: استخدام كلمة اللباس كناية عن العلاقة الزوجية، في قوله -تعالى-: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ).
  • المثال الثالث: كلمة الملامسة كناية عن الجماع، كما ورد في سورة النساء: (أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ).

أمثلة المحسنات البديعيّة في القرآن الكريم

المحسنات البديعية هي أساليب تستخدم للتعبير عن الأفكار والمشاعر، ومن أبرزها: الطباق، الجناس، والسجع. فيما يلي بعض الأمثلة:

  • المثال الأول: التورية في معنى النجم في سورة الرحمن: (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ). يتضمن النص معنيين، أحدهما قريب والآخر بعيد.
  • المثال الثاني: الافتنان في سورة الرحمن: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ* وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ). تجمع الآية بين فنون مختلفة في وصف البقاء والفناء.
  • المثال الثالث: الطباق في سورة النجم: (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى* وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا). يُظهر الجمع بين عواطف متناقضة.
  • المثال الرابع: الطباق الخفي في سورة نوح: (مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا). يجمع بين مفهوم الغرق والنار في معنى مشابه.
  • المثال الخامس: الجناس في سورة الرّوم: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ). يدل الجناس على اختلاف المعاني من نفس اللفظ.

تعريف البلاغة

البلاغة في اللغة تعني الوصول إلى المعنى، وتُعرّف باعتبارها مطابقة الكلام لمقتضيات الحال، أي أنها تشير إلى حسن استخدام اللغة العربية الفصحى لتوصيل المعاني بطرق أكثر تأثيرًا. يمكن تلخيص فيما يلي بعض التعريفات المقدمة من العلماء:

  • التعريف الأول: قال أبو هلال العسكري: “البلاغة هي كل ما تُبَلّغ به المعنى لقلب السامع فتمكّنه في نفسه”.
  • التعريف الثاني: قال يحيى بن حمزة: “البلاغة هي الوصول إلى المعاني البديعة بالألفاظ الحسنة”.
  • التعريف الثالث: قال ابن المقفع: “البلاغة اسم جامع لمعانٍ تجري في وجوه كثيرة”.
  • التعريف الرابع: قال كلثوم العتابي: “كل من أفهمك حاجته من غير إعادة فهو بليغ”.

أهمية علوم البلاغة للقرآن الكريم

تتجلى أهمية علوم البلاغة في القرآن الكريم للأسباب التالية:

  • السبب الأول: بلاغة القرآن الكريم تعد سببًا في إعجازه. فقد كان التحدي للناس أن يأتوا بمثله ولا يستطيعون.
  • السبب الثاني: تعتبر علوم البلاغة وسيلة أساسية لفهم كتاب الله، حيث إن التفسير والتحليل يحتاجان إلى فهم هذه العلوم.
  • السبب الثالث: تميز القرآن بلغة العرب، مما يستلزم تعلّم فنون اللغة فهما عميقًا للقرآن.
  • السبب الرابع: تبرز علوم البلاغة فصاحة القرآن وروعته في الأساليب والبيانات.
  • السبب الخامس: يعد إلمام المفسر بعلوم البلاغة ضروريًا لفهم الأحكام والقضايا القرآنية، مما يساعد على التفسير الجيد.