نماذج من التعاون في السيرة النبوية
تشدد الشريعة الإسلامية على أهمية التعاون بين المسلمين في شتى مجالات الخير، وتنهى عن التعاون الذي قد يؤدي إلى معصية الله وارتكاب الآثام. فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ). تسلط السيرة النبوية الضوء على عدة أمثلة على التعاون في الإسلام، ومنها:
تروي السيرة النبوية حادثة الهجرة الأولى، عندما عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزله عند السيدة خديجة رضي الله عنها بعد نزول الوحي في غار حراء. وكان النبي عليه السلام في حالة من الخوف والهلع. فقامت السيدة خديجة بتخفيف روعه قائلة: (كَلَّا، أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ).
تمثل كلمات أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها أمثلة بارزة على حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تقديم العون والمساعدة لمن يحتاجها من الناس. وتكشف القصة أيضاً عن دور التعاون في تخفيف الأعباء والتصدي للصعوبات، إذ تشير إلى أهمية إكرام الضيف وتقديم المساعدة للفقير والمحتاج.
هناك مثال آخر للتعاون، وهو ما أوردته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إذ سُئلت عن كيفية تصرف النبي صلى الله عليه وسلم في منزله، حيث أجابت: (كانَ يَكونُ في مِهْنَةِ أهْلِهِ -تَعْنِي خِدْمَةَ أهْلِهِ- فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إلى الصَّلَاةِ). وهذا يدل على أن رسول الله عليه السلام كان يشارك زوجاته في الأعمال المنزلية، مما يعكس روح التعاون في الحياة الأسرية.
نماذج من التعاون في الدعوة والجهاد
منذ بداية الإسلام، تعاون المسلمون في مجال الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله، حيث تم تعزيز الروابط بين المهاجرين والأنصار. يظهر هذا التعاون بشكل واضح في حفر الخندق، الذي اقترحه الصحابي الجليل سلمان الفارسي على النبي صلى الله عليه وسلم.
تجسد التحديات التي واجهت المسلمين أثناء حفر الخندق والجهود الكبيرة المبذولة في ذلك، إذ كان الصحابة يعملون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كفريق واحد، سعياً لتحقيق أقصى درجات الجاهزية لمواجهة المشركين وحماية المسلمين في المعركة التي جمعتهم مع أعداء الله.
نماذج من التعاون في طلب العلم
تتعدد الأمثلة المشرقة في السيرة النبوية الشريفة وسيرة السلف الصالح في التعاون على طلب العلم. ومن أبرز هذه الأمثلة تعاون الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع جار له من الأنصار، حيث كانا يتبادلان الأدوار ويتناوبان على مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم للتعلم منه. كان عمر يذهب في يوم وجاره في يوم آخر، وعندما يلتقيان، يتبادلان الحديث حول ما تعلموه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.