أم مالك وتأثيرها في الشعر العربي

أم مالك في الشعر العربي

تكررت الإشارة إلى كنية (أم مالك) في العديد من القصائد الشعرية العربية على مر العصور. ومع ذلك، لم تستطع هذه الكنية أن تعكس الحقائق والواقع بحذافيره بالنسبة للشاعر، كما يتضح من تطور استخدامها عبر الزمن.

أم مالك في العصر الجاهلي

تعود كنية (أم مالك) إلى قبيلة (مذحج)، حسبما تضمنته روايات تاريخية، التي تذكر أن مذحج هو مالك ووطئ. وقد عاشت والدتهما بعد وفاة زوجها دون أن تتزوج مرة أخرى، مكرسة حياتها لرعاية ولديها، ولذلك سميت بأم مالك ووطئ، ومن ثم اكتسبت اسم القبيلة.

كما ورد ذكر شخصية هند بنت ربيعة بن زيد بن مذحج، وهي واحدة من النساء المعروفة بـ (أم مالك) في هذا العصر، حيث تُعتبر من قبيلة مذحج، وأبناءها يعرفون باسم (بنو هند) لكنهم ارتبطوا بكنيتها أكثر من اسم والدهم، الذي هو مالك بن الحارث الأصغر.

استفاد الشعراء في العصر الجاهلي من كنية (أم مالك) في قصائدهم لتعبير عن المواقف التي تتطلب الشجاعة أو الصبر أو الكرم أو الحلم، مما ساهم في رفع مكانتها في الشعر، معبرين عن حنينهم للأيام الخوالي.

أم مالك في عصر صدر الإسلام

ذكرت كنية (أم مالك) أيضًا في العصر الإسلامي، حيث تمثل بها الصحابية أم مالك الأنصارية. قيل إنها كانت امرأة فقيرة، وقد زارت النبي صلى الله عليه وسلم ومعها وعاء صغير يحتوي على السمن، وعند عودتها للبيت وجدت الوعاء مليئًا، فلما أخبرت النبي بذلك قال: “هنيئًا لك يا أم مالك، هذه بركة عجّل الله ثوابها”.

ورُصدت أيضًا امرأة أخرى تُدعى أم مالك البهزية، والتي سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الواجبات التي ينبغي على المسلم الالتزام بها عند وقوع الفتن، وكان النبي قد أجابها.

أمّا المرأة الثالثة فهي زوجة (رافع بن مالك) وأخت عبد الله بن أبي بن سلول، وأم لولدين هما (خلاد ورفاعة). لم توضح المصادر سبب كنيتها، لكن يُحتمل أن يكون لدى المرأة ابن من غير زوجها (رافع). وقد استُخدمت كنيتها من قبل الشعراء لإبراز أحداث خاصة أو غريبة.

أم مالك في العصر الأموي

ظهرت كنية (أم مالك) أيضًا في العصر الأموي، حيث تم استخدامها للإشارة إلى الأم التي تنادى باسم ابنها الأكبر (مالك). وبرزت قصتها في إطار صفات الحلم التي يجب أن يتسم بها رئيس القبيلة، إذ ذُكر في إحدى الحكايات أن مالك بن أسماء المنى حذر قومه من مغبة إغضاب الخليفة معاوية بن أبي سفيان.

وذكر لهم أنه قادر على إغضاب الخليفة بشرط خصم مبلغ معين من المال، التي وافقوا عليها. وعندما ذهب إلى الخليفة وأخبره بأن عينيه تشبهان عيني والدته، أمر الخليفة بإحضار دية مالك لأنه سيعاقب على تلك الجرأة. وعند عودته إلى قومه، عرضوا عليه أن يذهب بنفس ما قاله إلى (عمرو بن مصعب)، وعندما فعل ذلك، أمره عمرو بأن يُضرب حتى الموت. وعندما وصل الخبر إلى معاوية بن أبي سفيان، أصبحت أصداء الحكاية في كل مكان:

ألا قل لأسماء المنى أم مالكٍ

فإني لعمر الله أهلكت مالكا

وتُعتبر أيضاً ليلى بنت مهدي بن سعد، المعروفة بـ (أم مالك العامرية)، شخصية محورية في العصر الأموي، حيث كانت معروفة بولائها وإخلاصها، وقد ارتبطت بقصة قيس بن الملوح.

مختارات شعرية ذكرت فيها أم مالك

يوجد العديد من الأبيات الشعرية التي تتضمن ذكر (أم مالك) ومن بين هذه الأبيات:

يقول قيس بن الملوح:

رعاكِ ضمان الله يا أم مالكٍ

ولله أن يشفين أغنى وأوسع

يذكرنيك الخير والشر والذي

أخاف وأرجو والذي أتوقع

ويقول عروة بن الورد:

سلي الطارق المعتر يا أم مالكٍ

إذا ما أتاني بين قدري ومجزري

أيسفرُ وجهي إنه أول القرى

وأبذل معروفي له دون شكري

ويقول تأبط شرًا:

ألا عجب الفتيان من أم مالكٍ

تقول لقد أصبحت أشعث أغبرا

قليل الإتاء والحلوبة بعدما

رأيتك براق المفارق أيسرا