كان وأخواتها
تعتبر “كان وأخواتها” من الأفعال الناقصة التي تُدخل على المبتدأ والخبر. تعمل هذه الأفعال على رفع المبتدأ، مما يجعله شبيهاً بالفاعل، فيصبح بذلك اسمًا للفعل الناقص. وفي المقابل، تنصب الخبر ليشبه المفعول به، وبالتالي يصبح خبرًا للفعل نفسه. سُميت هذه الأفعال “كان وأخواتها” لأن “كان” تمثل الفعل الرئيسي في هذا السياق، بينما تشمل الأخوات: أمسى، أصبح، أضحى، ظلَّ، بات، صار، ليس، ما زال، ما انفك، وما برح.
تُعرف الأفعال الناقصة بهذا الاسم لأنها لا تُكمل الجملة بشكل تام بمفردها؛ فالسامع يتوقع ضرورة ذكر المنصوب ليكتمل المعنى. وقد قسم النحاة هذه الأفعال إلى ثلاثة أنواع بناءً على تصرفها، وهي: أفعال تامة التصرف، أفعال ناقصة التصرف، وأفعال غير قابلة للصرف.
أفعال تامة التصرف
تتواجد هذه الأفعال بصيغتي الأمر والماضي، وكذلك المضارع. من هذه الأفعال:
- كان: مثل قولنا: كان خالدٌ مجتهدًا، وكن مجتهدًا، ويكون خالدٌ مجتهدًا.
- أصبح: مثل قولنا: أصبح عامرٌ سيدًا، وأصبِح سيدًا، ويصبح عامرٌ سيدًا.
- أضحى: مثل قولنا: أضحى الانتصار سهلًا، ويضحى الأمر محلولًا، وأضحِ خارجًا.
- أمسى: مثل قولنا: أمسى الطفل نائمًا، ويمسي الطفل نائمًا، وأمس نائمًا.
- ظلَّ: مثل قولنا: ظلّ الحارس مستيقظًا، ويظل الحارس مستيقظًا، وظلَّ مستيقظًا.
- بات: مثل قولنا: بات الأب حزينًا، ويبيت الأب حزينًا، وبِتْ فرحًا.
- صار: مثل قولنا: صار الطعام لذيذًا، ويصير الطعام لذيذًا، وصِرْ طاهيًا.
أفعال ناقصة التصرف
هذه الأفعال تأتي في صيغة المضارع والماضي، ولا تتواجد في صيغة الأمر، مما يجعلها ناقصة مقارنةً بالأفعال التامة:
- ما زال: مثل قولنا: ما زال البيت جميلًا، وما يزال البيت جميلًا.
- ما انفكَّ: مثل قولنا: ما انفك الدرس مفيدًا، وما ينفك الدرس مفيدًا.
- ما فتئ: مثل قولنا: ما فتئ الحجر صامدًا، وما يفتأ الحجر صامدًا.
- ما برح: مثل قولنا: ما برح الرجل جالسًا، وما يبرح الرجل جالسًا.
أفعال لا يمكن صرفها
تقتصر هذه الأفعال على صيغة الماضي ولا تتواجد في صيغة المضارع أو الأمر، ومنها:
- ليس: مثل قولنا: ليس الطريق آمنًا.
- ما دام: مثل قولنا: لا أصاحبك ما دمت مدخّنًا.
من الجدير بالذكر أن “كان وأخواتها” تتعلق بها مواضيع مهمة، منها:
- الأفعال التي تعمل من غير شرط، وهي: كان، أمسى، أصبح، أضحى، ظلَّ، بات، صار، ليس.
- الأفعال التي تحتاج إلى أن يسبقها نفي أو نهي أو دعاء، وهي: ما زال، ما برح، ما فتئ، وما انفك.
- يُشترط في “ما دام” أن يسبقها “ما” المصدرية التي تعني ظرف الزمان.
أفعال القلوب
تُعرف الأفعال القلبية بأن معناها يتعلق بالقلب، حيث تعبر عن مشاعر أو أفكار معينة، وتنقسم إلى قسمين: أفعال اليقين وأفعال الرجحان:
أفعال اليقين
هي الأفعال التي توفر معرفة يقينية، ومنها:
- وجد: مثل قولنا: وجدت العلم نافعًا.
- ألفى: مثل قولنا: ألفيت الخير دائمًا.
- علم: مثل قولنا: علمت جعفرا مجتهدًا.
- رأى: مثل قولنا: رأى سالم الدرس سهلًا.
أفعال الرجحان
هي الأفعال التي تشير إلى ترجح شيء ما، ومنها:
- ظنَّ: مثل قولنا: ظننت الطريق طويلًا.
- عدَّ: مثل قولنا: عدّ العاقل القناعة كنزًا.
- حسب: مثل قولنا: حسبت الجري نافعًا.
- زعم: مثل قولنا: زعمتني هرمًا.
- خال: مثل قولنا: خلتُك فاهمًا.
من المهم ملاحظة أن أفعال القلوب، سواء كانت تتعلق باليقين أو الرجحان، قد تتأثر بظروف تتطلب إلغاء عملها في بعض الحالات، ومنها:
- إذا كانت وسط الكلام، مثل قولنا: “عمرو ظننتُ جالسًا”، هنا لم تؤثر “ظن” في الجملة الاسمية.
- إذا تأخرت في الكلام، مثل قولنا: “الماء بارد حسبتُ”، هنا لم تؤثر “حسب” في الجملة الاسمية.
أفعال التحويل
تشير أفعال التحويل إلى انتقال شيء من حالة إلى أخرى، ومن أبرزها:
- صيَّر: مثل قولنا: صيَّر حسامٌ الصخرَ رملًا.
- جعل: مثل قولنا: جعلت الخشب فتاتًا.
- اتخذ: مثل قولنا: اتخذ المدرس الطالب زميلًا.
- ردَّ: مثل قولنا: رددتك من بعد جهلك عالمًا.
يجدر بالذكر أن أفعال التحويل لا تتعرض لإلغاء عملها، بخلاف أفعال القلوب.
أفعال الرجاء
تشير أفعال الرجاء إلى أمل وقوع الخبر، ومن أهم هذه الأفعال ثلاثة:
- عسى: مثل قولنا: عسى أن يأتي الخير باكرًا.
- حرَى: مثل قولنا: حرى الأب أن ينتفع بأولاده.
- اخلولق: مثل قولنا: اخلولق النور أن يرجع إلينا.
أفعال المقاربة
تدل أفعال المقاربة على قرب حدوث شيء معين، ومن هذه الأفعال:
- كاد: مثل قولنا: كاد محمد يسقط.
- كَرَبَ: مثل قولنا: كرب الضيف يدخل.
- أوشك: مثل قولنا: أوشك العرس أن يقترب.
أفعال الشروع
تشير أفعال الشروع إلى بدء القيام بفعل معين، وهي تُعتبر عديدة مقارنة بأفعال المقاربة والرجاء، ومنها:
- أنشأ: مثل قولنا: أنشأ الطالب يدخل المدرسة.
- أخذ: مثل قولنا: أخذ العلم يظهر على سلمى.
- جعل: مثل قولنا: جعل الكلب يركض.
- طَفِقَ: مثل قولنا: طفق المدير يؤنب الموظفين.
وقد اعتبر بعض النحاة أن أفعال المقاربة وأفعال الشروع وأفعال الرجاء يشكلون فئة واحدة، ويطلق عليها “أفعال المقاربة”، وذلك وفقًا لرأي ابن عقيل وابن هشام وآخرين. وهذه الأنواع الثلاثة تحتاج إلى عدة شروط للتأكد من صحة استخدامها في السياق، وهي:
- يجب أن يكون خبرها فعلًا مضارعًا مرتبطًا بضمير يعود إلى اسمها، كما في “كادت السيارة تضربني”.
- يجب أن يكون الخبر متأخرًا عنها أو متوسطًا، مثال: “طَفِق يأتون الحضور”.
- يُشترط في خبر “حرى” و”اخلولق” أن يقترن بـ “أن”.