أنواع الإجارة وأحكامها
الإجارة تعني الحق الذي يثبت للمستأجر في ملكية مؤقتة للمنفعة، وكذلك الحق الذي يثبت للمؤجِر في الحصول على الأجرة. وقد أجمعت جميع النخب العلمية على مشروعية هذا النوع من التعاقد، والذي ينقسم إلى نوعين رئيسيين: الإجارة على المنافع والإجارة على الأعمال، وفيما يلي سنستعرض الأحكام المتعلقة بكل منهما:
النوع الأول: الإجارة على المنافع
تشمل الإجارة على المنافع جميع العناصر التي تتضمن منفعة محدّدة وموثوقة، مثل استئجار البيوت، والدواب، والعقاقير، وغيرها. من المهم أن تكون المنفعة مشروعة وفقاً للشريعة الإسلامية، حيث لا يجوز استئجار ما هو محرم، مثل الغناء والزنا، ودون خلاف في ذلك. وفيما يلي بعض الأحكام المتعلقة بالإجارة على المنافع:
أولاً: كيفية ثبوت العقد على المنفعة المستأجرة
تباينت آراء الفقهاء في كيفية ثبوت العقد الخاص بالإجارة، ويمكن تلخيص ذلك في قولين كما يلي:
- الحنفية والمالكية: يعتقدون أن ثبوت العقد يتم بشكل تدريجي، وذلك لأن المنفعة لا يتم استيفاؤها دفعة واحدة. ويترتب على هذا عدم ثبوت ملكية الأجرة في الحال، لذا فإن المستأجر يكتسب المنفعة تدريجياً، مما يستلزم أيضاً أن تثبت ملكية الأجرة للمؤجِّر بالتدريج.
- الشافعية والحنابلة: يرون أن الحكم يثبت في مجلس العقد بصورة فورية، حيث تكون مدة الإجارة محددة. وبناءً عليه، فإن ملكية الأجرة تثبت أيضاً في المجلس نفسه.
ثانياً: كيفية الانتفاع بالمنفعة المؤجرة
يُسمح للمستأجر بالانتفاع بالمنفعة المستأجرة كما يشاء، سواء من خلال السكن فيها أو تأجيرها للآخرين، بشرط عدم الإضرار بالمنفعة. وفي حالة استئجار الأرض، يشترط تحديد المنفعة المستأجرة ونوع المحاصيل التي ستزرع فيها، وإلا فإن الإجارة تُعتبر فاسدة. وبالنسبة لاستئجار الدواب، يجب تحديد مدة الإجارة ومكان الاستخدام وما الذي ستحمله لتجنب الأزمات والنزاعات المحتملة الناتجة عن الجهل.
النوع الثاني: الإجارة على الأعمال
تنقسم الإجارة على الأعمال إلى نوعين رئيسيين كما يلي:
- الأجير الخاص: هو الشخص الذي يتم استئجاره لأداء عمل معين لفترة محددة من قبل فرد واحد، مثل الخادم، ولا يُسمح له بالعمل مع غير صاحب العمل.
- الأجير العام أو المشترك: مثل المحترفين الذين يعملون لخدمة عامة الناس، حيث لا يحق لصاحب العمل منعهم من العمل مع الآخرين.
بالنسبة للأدوات المستأجرة من قبل الموظف، فقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على أن يد الأجير تُعتبر أمانة. وبالتالي، لا يتحمل الأجير أي تعويض عن ما يفقد أو يتلف ما لم يكن هناك تعدٍ أو تقصير، وهذا ينطبق على الأجير الخاص. أما الأجير العام أو المشترك، فللعلماء قولان في حكمه كما يلي:
- أبو حنيفة والحنابلة والشافعية: يرون أن الأجير المشترك لا يضمن ما يهلك بيده إلا في حالة التقصير أو التعدي، حيث إن الأصل هو عدم الضمان في حالة عدم التقصير.
- المالكية: يرون أن يد العامل تُعتبر يد ضمان، مما يعني أنه يلتزم بتعويض ما أتلفه حتى وإن لم يكن هناك تقصير، نظراً للتغيرات في أحوال الناس وظروف الزمان، بحيث يضمن الخباز ما أفسده من خبز أو غيره.