أنواع الاختبارات التي يتعرض لها الإنسان

أنواع الابتلاء

الابتلاء بالضراء

الابتلاء بالضراء يرتبط بالمحن التي يتعرض لها الإنسان بشكل عام، وقد يُظهر الحكمة الكامنة وراءه، أو قد تبقى غير معلومة. يُعتبر هذا الابتلاء اختبارًا لصدق الإيمان، وللصبر والمجهاد على النفس فيما يُرضي الله -سبحانه وتعالى-، كما يتجلى ذلك في قوله -عز وجل-: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ).

ويفيد -سبحانه- كذلك في قوله: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ). لذا، فإن هذا النوع من الابتلاء قد يأتي تمهيدًا للإنسان لتأهيله وقدرته على مواجهة التحديات التي قد تواجهه في الحياة، مما يُعزز من إيمانه بالقدر وأن ما يصيبه هو لحكمة إلهية، سواء أكان خيرًا أم شرًا. يقول -عز وجل-: (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ).

وقد بشر النبي -صلى الله عليه وسلم- الذين يعانون من الابتلاء بالضراء بجزاء عظيم، والذي يتمثل في دخول الجنة والنجاة من النار. فعلى سبيل المثال، ثبت في صحيح البخاري عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (إنَّ اللَّهَ قالَ: إذا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بحَبِيبَتَيْهِ، فَصَبَرَ؛ عَوَّضْتُهُ منهما الجَنَّةَ. يُرِيدُ عَيْنَيْهِ).

الابتلاء بالسراء

فيما يتعلق بالابتلاء بالسراء، فهو يُعتبر النوع الخفي الذي يظهر للإنسان في شكل من أشكال السعادة والفرح، ولكن قد يختفي فيه اختبار لثبات الدين أو المبدئ. يعتبر الابتلاء بالسراء أحيانًا أكثر صعوبة من الابتلاء بالضراء، حيث يكون الجو العام لا يُظهر بوضوح أنه امتحان يعد له الإنسان، مما يجعله يستمتع بالنعمة وينسى واجب شكرها. وقد يكون المال، والمُلك، وكرامات الصالحين، أسبابًا للابتلاء، حيث يقول -سبحانه وتعالى- على لسان سليمان -عليه السلام-: (هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ)، لذا فليس كل من نال فضل الله من الرزق يكون ذلك إكرامًا له.

كذلك، ليس كل من تعرض للضيق والامتحان يُعتبر وضعه إهانة؛ حيث يقول -عز وجل- في القرآن الكريم: (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ* وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ* كَلَّا).

حالة الإنسان عند السراء والضراء

لقد ذكر الله -سبحانه وتعالى- حالة الإنسان عند السراء والضراء بصورة دقيقة تعكس طبيعة النفس البشرية: (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ* وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ). إذ أنه في كثير من الأحيان، عندما يتعرض الإنسان للضراء بعد فترة من السراء، يصبح يائسا ويغفل عن النعم السابقه.

بينما إذا أكرمه الله بعد فترة من الضيق، نسي جميع آلامه وأحزانه، ويفتخر بما لديه كما لو كان قد ضمن استمراريته. فالبشر بطبيعتهم يميلون إلى الجزع، ومع الخيرات يُصبحون بخلاء مع ما أعطوا، إلا من يُكرمهم الله بالصبر والثبات، فهؤلاء يتمتعون بأجر وفير.

كيفية التعامل مع الابتلاءات

على المؤمن أن يظهر الصبر في أوقات الضراء، وكذلك في أوقات السراء، وهو ما يعد أكثر صعوبة. وقد قال عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه-: (ابتُلينا معَ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- بالضَّرَّاءِ فصَبَرنا، ثمَّ ابتُلينا بالسَّرَّاءِ بعدَهُ فلم نصبِرْ).

لهذا السبب، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستعيذ من الفقر ومن فتنة الغنى. فالمؤمن الحق يتصف بما أمر الله من التقوى والإحسان، ويبتعد عن ما يُنهى عنه من الشر والإثم، ملازمًا للصبر وعدم التذمر، حريصًا على الشكر وملازماً لليقظة في أدائه للواجبات.