دائرة المختلف أو الطويل
تتكون دائرة المختلف أو الطويل من ثلاثة بحور رئيسية، هي: البحر الطويل، البحر المديد، والبحر البسيط:
البحر الطويل
يُعدّ البحر الطويل من أشهر البحور الشعرية وأكثرها استخداماً، حيث يُعتبر نحو ثلث الأشعار مكتوباً بهذا البحر. يتميز عن غيره من البحور بعدم إمكانية المجزوء أو المنهوك أو المشطور، مما يجعل من الصعب على الشعراء نظم الأهازيج أو الموشحات أو الأغاني عليه. هذا البحر واسع جداً، فيمكنه احتواء العديد من المعاني المختلفة مثل الفخر والمدح والتشبيهات، وكذلك سرد الأحداث والقصص. تُعزى تسمية هذا البحر إلى أنه يتكون من ثمانية وأربعين حرفاً في حالة التصريع. الوزن الشعري للبحر الطويل هو:
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
أما مفتاحه الشعري فهو:
طويلٌ له دون البحور فضائل
فَعولُن مَفاعيلُن فِعُولُن مَفَاعِلُن
ومن الأبيات التي تنتمي لهذا الوزن:
وَظلمُ ذوي القُربَةِ أشدُ مَضاضةً
على المرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنّدِ
البحر المديد
يُعتبر البحر المديد من الأبحر النادرة الاستخدام، ويرجع ذلك إلى ثقل نغماته على الأذن. يُستخدم عادة في صورة مجزوءة سداسية الأجزاء، بينما نادراً ما يُستخدم كاملاً. سُمي بالمديد لامتداد أسبابه في أجزائه، حيث يمتد أحدها في بداية الجزء والآخر في نهايته، ومفتاح البحر المديد هو:
لمديد الشعر عندي صفاتُ
فاعِلاتن فاعِلاتن فاعِلاتن
وزنه الشعري هو:
فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن
فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن
ومن الأبيات التي جاءت على وزنه:
يا شَقِيقَ النّفسِ مِن حَكَمِ
نِمتَ عَن ليلى وَلَم أَنَم
البحر البسيط
سُمّي البحر البسيط نسبةً لانبساط أسبابه حيث تتوالى في بداية كل من تفعيلاته السداسية. كما يُقال إنه سُمّي كذلك لاشتماله على حركاتٍ متتابعة في عروضه وضربه في حالة الخبن. يُستخدم البحر البسيط مجزوءاً سداسياً ويتم استخدامه أيضاً كاملاً بثماني تفعيلات. ومفتاحه الشعري هو:
إنّ البسيط لديه يبسط الأمل
مُستَفعِلُن فَعلُن مُستَفعِلُن فَعِلُن
أما وزنه الشعري فهو:
مُستفعِلُن فاعِلُن مُستَفعِلُن فَاعِلُن
مُستفعِلُن فاعِلُن مُستَفعِلُن فاعِلُن
ومن الأبيات التي تنتمي لهذا الوزن:
يا نَاعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَداً
أَسهَرت مُضنَاكَ في حِفظِ الهَوَى فَنَمِ
دائرة المؤتلف أو الوافر
تتضمن دائرة المؤتلف أو الوافر بحرين هما: البحر الوافر والبحر الكامل:
البحر الكامل
تعود تسميته إلى كماله في الحركات، حيث يُعتبر أكثر البحور حركات. يختلف عن الوافر، الذي يُعد الأصل في هذه الدائرة، بفضل إمكانية استخدامه كاملاً. ومن بعض الآراء أنه يحتوي على تسعة أضرب، مما يجعله مناسبًا لكل أنواع الشعر. ومفتاحه الشعري هو:
كَمَل الجمالُ من البحور الكامِلُ
مُتَفاعِلُن مُتَفاعِلُن مُتَفاعِلُن
أما وزنه الشعري فهو:
مُتَفاعِلُن مُتَفاعِلُن مُتَفاعِلُن
مُتَفاعِلُن مُتَفاعِلُن مُتَفاعِلُن
ومن الأبيات التي جاءت على وزنه:
قُم للمُعَلَم وفِّهِ التَبجيلا
كادَ المُعَلِمُ أن يكونَ رسولا.
البحر الوافر
سُمّي بالوافر لوفرة حركاته، كما يُشاع عن وفرة أجزائه “وتداً بوتد”. يُعرف بأنه من ألين البحور الشعرية، حيث إذا شُدد يتماسك، وإذا تم تليينه يصبح أكثر ليونة. ومن ضمن الموضوعات التي يتلاءم معها الأكثر هي الفخر، حيث يظهر تاماً ومجزوءاً. وزنه الشعري هو:
مفاعلتن مفاعلتن فعولن (مَفاعِل)
مفاعلتن مفاعلتن فعولن (مَفاعِل)
أما مفتاحه الشعري فهو:
بحور الشعر وافِرُها جميلٌ
مُفاعَلَتُن مُفاعَلَتُن فَعولُن
ومن الأبيات التي جاءت على وزنه:
جِراحاتِ السِنانُ لها التئام
ولا يَلتامُ من جَرَح اللِسانُ.
دائرة المجتلب أو الهزج
تتضمن دائرة المجتلب أو الهزج ثلاثة بحور، هي: الهزج، الرجز، والرمل:
بحر الهزج
سُمّي هزجاً لاضطرابه، حيث وُصف بأنه يشبه الصوت المتردد. يُقال أيضًا إن العرب كانت تهزج به أي تغنون. يُعتبر من الأبحر قليلة الاستخدام حتى مجيء العصر الحديث، حيث استخدمه الشعراء بكثرة في المسرحيات ومواقفهم التمثيلية. الوزن الشعري له هو:
مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن
مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن
ولكن استعماله تاماً نادر، حيث يتم استخدامه بشكل مجزوء يحتوي على أربع تفعيلات:
مفاعيلن مفاعيلن
مفاعيلن مفاعيلن
والمفتاح الشعري لهذا البحر:
على الأهزاج تسهيل
مفاعيلُن مفاعيلُن.
ومن الأبيات التي جاءت على وزنه:
رَنَت ليلى إلى وجهي
بَألحاظٍ هِيَ السِحرُ.
بحر الرجز
يُعتبر بحر الرجز من أكثر البحور زحافاً واختصاراً، وسُمي بهذا الاسم لما يتميز به من اضطراب كاضطراب قوائم الناقة عند القيام. يُطلق عليه أيضًا “حمار الشعر” لقرب وزنه من النثر وتنوع صفاته. الوزن الشعري للبحر هو:
مستفعلن مستفعلن مستفعلن
مستفعلن مستفعلن مستفعلن.
ومفتاحه الشعري هو:
في أبحُرِ الأرجاز بحرٌ يَسهُلُ
مُستَفعِلُن مُستَفعِلُن مُستَفعِلُن
ومن الأبيات التي جاءت على وزنه:
حَسبُك مما تبتغيهِ القُوتُ
ما أكثَرُ القوتُ لمن يموتُ
بحر الرمل
يُعرف بهذا الاسم لأنها تُنطق بسرعة. كما يشبه رمل الحصير لضم بعضه إلى بعض، وهو يمتاز بالرقة مما جعله يتناسب مع موضوعات الغزل والخمر والمجون، وقد استخدمه شعراء الموشحات لملاءمته للأغراض الشعرية مثل الغزل والخمر، ووصف الطبيعة. ومفتاحه الشعري هو:
رَمَلُ الأبحُرِ ترويهِ الثِقاتُ
فاعِلاتُن فاعِلاتُن فاعِلاتُن
أما وزنه الشعري فهو:
فاعِلاتُن فاعِلاتُن فاعِلاتُن
فاعِلاتُن فاعِلاتُن فاعِلاتُن.
ومن الأبيات التي جاءت على وزنه:
جادًكً الغيثُ إذا الغَيثُ هَمى
يا زمانَ الوَصلِ بالأندلُسِ.
دائرة المشتبه أو السريع
تشمل دائرة المشتبه أو السريع بحور السريع، المنسرح، الخفيف، المضارع، المقتضب والمجتث:
البحر السريع
سُمّي بالسريع لسهولة نطقه، ويرجع ذلك إلى كثرة الأسباب الخفيفة فيه. يُعتبر بحرًا سلساً وعذبًا، مما يجعله مثاليًا لوصف العواطف والانفعالات. ومفتاحه الشعري هو:
بَحرٌ سريعٌ ما له ساحِلُ
مُستَفعِلُن مُستَفعِلُن فاعِلُن
أما وزنه الشعري فهو:
مُستَفعِلُن مُستَفعِلُن مَفعُولات
مُستَفعِلُن مُستَفعِلُن مَفعُولات
ومن الأبيات التي جاءت على وزنه:
إنّ الثمانــــينَ وَبُلّـــغتّها
قَد أحوَجَت سَمعي إلى تُرجُمان
البحر المنسرح
يسميّه الشعراء بالمنسرح لسهولة نطقه. هذا البحر لم يحظى بشعبية كبيرة نظراً لصعوبته واحتياجه لمجهود كبير. يأتي المنسرح على وزنين:
الوزن التام:
مستفعلن مفعولاتُ مستفعلن
مستفعلن مفعولاتُ مستفعلن
والمنهوك، الذي يقتصر على تفعيلتين، يأتي على هذا النحو:
مستفعلن مفعولات
أما مفتاحه الشعري فهو:
مُنسَرِحٌ فيه يُضربُ المَثَلُ
مُستَفعِلُن مفعولاتُ مفتَعِلُن
ومن الأبيات التي جاءت على وزنه:
مَن لَم يَعِظهُ التَجريبُ والأَدَبُ
لم يُثنِهِ الشَيبُ ولا الحِقَبُ
البحر الخفيف
سُمّي بالخفيف نظرًا لخفته، ويُستخدم لموضوعات تتطلب الجدية كالفخر والحماسة، وكذلك الموضوعات الرقيقة مثل الرثاء، والغزل، والوجدانيات. يُشبه البحر الوافر في ليونته. وزنه الشعري هو:
فاعِلاتُن مُستَفعِلُن فاعِلاتُن
فاعِلاتُن مُستَفعِلُن فاعِلاتُن.
أما مفتاحه الشعري فهو:
يا خفيفاً خفت بهِ الحركاتُ
فاعِلاتُن مُستَفعِلُن فاعِلاتُن
ومن الأبيات التي جاءت على وزنه:
عِش عزيزاً أو مُت وأنتَ كريمٌ
بَينَ طَعنِ القَنا وَخفقِ البُنودِ.
البحر المضارع
يوصف بالمضارع لأنه يضارع المقتضب. يُشبه الهزج من حيث التركيب، ويتواجد بوزني:
وزن تام:
مفاعيلن فاعلاتن مفاعيلن
مفاعيلن فاعلاتن مفاعيلن
وزن مجزوء:
مفاعيلن فاعلاتن
مفاعيلن فاعلاتن.
مفتاحه الشعري هو:
تُعد المضارعات
مفاعيلن فاعلاتن
ومن الأبيات التي جاءت على وزنه:
حُكوماتُ كُلّ عَهدٍ
تًهاويلُ غاضبينا
البحر المقتضب
سُمّي بالمقتضب إذ تم اقتطاعه من المنسرح عبر حذف تفعيلته الأولى. يُعتبر من الأبحر النادرة ويستخدم عادة في صورة مجزوءة، حيث وزنه وفق الدوائر العروضية هو مهمل:
مفعولات مستفعلن مستفعلن
مفعولات مستفعلن مستفعلن
أما الوزن المستعمل فهو المجزوء:
مفعولاتُ مستفعلن
مفعولاتُ مستفعلن
ومن الأبيات التي جاءت على وزنه:
بَعدَما ارتقى الأَدَبُ
قَد تَرَقّتِ العَرَبُ
البحر المجتث
يُعرف هذا البحر لأنه اجتُثّ، أي اقتُطع من البحر الخفيف بإسقاط تفعيلته الأولى. يُستخدم عادة مجزوءاً رباعي الأجزاء، وهو من الأبحر النادرة. وزنه الشعري التام هو:
مُستَفعِلُن فاعِلاتُن فاعِلاتُن
مُستَفعِلُن فاعِلاتُن فاعِلاتُن
أما الوزن المجزوء فهو:
مُستفعِلُن فاعِلاتُن
مُستفعِلُن فاعِلاتُن
والمفتاح الشعري هو:
إن جُثّتِ الحركات
مُستَفعِلُن فاعِلاتُن
ومن الأبيات التي جاءت على وزنه:
سئمتُ كُلّ قَديمٍ
عَرَفتُهُ في حياتي
دائرة المتفق أو المتقارب
تتضمن دائرة المتفق أو المتقارب بحرين هما: المتقارب، والمتدارك:
البحر المتقارب
سُمّي بهذا الاسم لتقارب أجزائه وتشابهها. يأتي البحر المتقارب تاماً ومجزوءاً، وزنه الشعري هو:
فعولن فعولن فعولن فعولن
فعولن فعولن فعولن فعولن
أما مفتاحه الشعري فهو:
عنِ المُتَقارِبُ قال الخليلُ
فَعُولُن فَعُولُن فَعُولُن فَعُولُن.
ومن الأبيات التي جاءت على وزنه:
أخي جاوزَ الظّالِمونَ المَدى
فَحق الجِهادُ وحق الفدا.
البحر المتدارك
يعود سبب تسميته إلى الأخفش الأوسط الذي عرّفه وأظهره، حيث لم يأخذه الخليل بعين الاعتبار. يُعرف أيضًا “كالمحدث” لحداثة عهده أو “المُختَرَع” لأنه من ابتكار الأخفش. يُعتبر هذا البحر قليل الاستخدام في الأوقات القديمة والحديثة، حيث يُستخدم غالباً في الموشحات أو الغناء أو لقولة شائعة. ومفتاحه الشعري هو:
حَرَكاتُ المُحدِثُ تُنتَقِل
فَعِلُن فَعِلُن فَعِلُن فَعِلُن
أما وزنه الشعري فهو:
فاعِلُن فاعِلن فاعِلُن فاعِلُن
فاعِلُن فاعِلن فاعِلُن فاعِلُن
ومن الأبيات التي جاءت على وزنه:
رَقدَ السُمّارُ وأَرقّهُ
أَسَقٌ للبَينِ يُرَدِدهُ