أنواع التشبيه
يتم تقسيم التشبيه إلى عدة فئات بناءً على اعتبارات مختلفة، والتي تشمل ما يلي:
اعتبار وجه الشبه
يتم تصنيف التشبيه بناءً على وجه الشبه إلى الأنواع التالية:
- تشبيه تمثيلي: هو الشكل من التشبيه الذي يتم فيه استنباط وجه الشبه من عدة أمور، سواء كانت حسية أو غير حسية، كما جاء في قوله تعالى: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّـهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
- تشبيه غير تمثيلي: هو ذلك النوع من التشبيه الذي لا يتم فيه استنباط وجه الشبه، مثل قولنا: “خالد كالأسد”.
- تشبيه مفصل: هو التشبيه الذي يُحدد فيه بشكل واضح وجه الشبه وما يرتبط به، كما في قولنا: “الطفل كالزهرة في الصفاء والجمال”.
- تشبيه مجمل: هو التشبيه الذي يكتفي بالإشارة دون تحديد وجه الشبه بدقة، مثل: “العلماء مثل النجوم”.
- تشبيه قريب مبتذل: هو عندما يكون وجه الشبه واضحاً وسهلاً، مما لا يتطلب تفكيراً عميقاً للربط بين المشبّه والمشبّه به، كما في: “خِدكِ كالورد”.
- تشبيه بعيد غريب: هو حين يحتاج المتلقي إلى التفكير لفهم وجه الشبه، نظراً لعدم وضوحه، كما في قوله تعالى: (إِنَّما مَثَلُ الحَياةِ الدُّنيا كَماءٍ أَنزَلناهُ مِنَ السَّماءِ فَاختَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرضِ مِمّا يَأكُلُ النّاسُ وَالأَنعامُ حَتّى إِذا أَخَذَتِ الأَرضُ زُخرُفَها وَازَّيَّنَت وَظَنَّ أَهلُها أَنَّهُم قادِرونَ عَلَيْها أَتاها أَمرُنا لَيلًا أَو نَهارًا فَجَعَلناها حَصيدًا كَأَن لَم تَغنَ بِالأَمسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَومٍ يَتَفَكَّرونَ).
اعتبار أداته
يمكن تصنيف التشبيه استنادًا إلى أداته إلى ثلاثة أصناف كالتالي:
- التشبيه المرسل: حيث تُذكر الأداة، كما في قوله تعالى: (وَإِن يَستَغيثوا يُغاثوا بِماءٍ كَالمُهلِ يَشوِي الوُجوهَ بِئسَ الشَّرابُ وَساءَت مُرتَفَقًا).
- التشبيه المؤكد: هو الذي تُحذف فيه الأداة، مثل قول الشاعر:
أَرسى النَسيمُ بِواديكُم وَلا بَرِحَت
حَوامِلُ المُزنِ في أَجداثِكُم تَضَعُ
- التشبيه البليغ: هو حين يُحذف كل من وجه الشبه والأداة، مثل قولنا: “العلم نورٌ”.
اعتبار تعدد طرفي التشبيه
يتم تصنيف التشبيه بناءً على عدد الأطراف إلى أربعة أنواع كالتالي:
- التشبيه الملفوف: هو الذي يجمع بين كل طرف من طرفي التشبيه مع نظيره، باستخدام حروف العطف، كما في قول الشاعر:
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا
لدى وكرها العناب والحشف البالي
- التشبيه المفروق: حيث يجمع كل مشبه مع المشبه به، مثل قول الشاعر:
فالأرض ياقوتة والجوُّ لؤلؤةٌ
والنَّبتُ فيروزجٌ والماء بلورُ
- تشبيه التسوية: هو عندما يتعدد المشبه ويكون المشبه به واحد، كما في قول الشاعر:
آراؤكُمْ ووجوهُكُمْ وسيوفُكُم
في الحادثات إذا دَجَوْنَ
- تشبيه الجمع: وهو عندما يكون المشبه به متعددًا والمشبه واحداً، مثل قول الشاعر:
أسدٌ عليَّ وفي الحروبِ
فَتْخَاءٌ تَنْفِرُ من صَفِيرٍ
أنواع أخرى للتشبيه
التشبيه البليغ
التشبيه البليغ يتضمن كلاً من المشبّه والمشبّه به فقط، ويعتبر من أهم وأكثر أنواع التشبيه بلاغة؛ نظراً لقوة ادعاء وحدة طرفيه، ويتميز بالإيجاز نتيجة غياب وجه الشبه وأداة التشبيه، مما يتطلب مجهوداً عقليًا من السامع لاستنتاج الصفات المشتركة، كما في قولنا: “أخلاق الصالحين نسيمٌ”.
التشبيه الضمني
التشبيه الضمني هو المظهر الذي يفتقر إلى التصريح بالمشبّه والمشبّه به ويُفهمان من المعنى، ويتم استخدامه لإظهار إمكانية الصفة المرتبطة بالمشبّه، كما في قول الشاعر أبي فراس الحمداني:
سيذكرني قومي إذا جدّ جدّهم
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
هنا، يشتمل شعره على تشبيه ضمني، حيث يشبّه حاله عند تذكّر أهله المآسي بحال البدر الذي يُفتقد في ظلمة الليل.
التشبيه المقلوب
هو تشبيه يتحول فيه المشبّه إلى مشبّه به بادعاء أن وجه الشبه أكثر وضوحاً. مثال على ذلك قوله تعالى: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ)، حيث تساق الأفكار بشكل عكسي من المعاملات عوضاً عن القراء. وقد يشير إلى غلبة الصفات يوحي بالمعاني مع التفريق.
أقسام المشبّه والمشبّه به
حسيّان
التشبيه الحسيّ يشير إلى تأمين إدراك المشبّه ووجه شبهه من خلال إحدى الحواس, ليكون طرفا التشبيه متشاركان في صفة حسية، كما في حالات اللمس والتذوق والشم، ومن أمثلته:
- مبصران: كتشبيه الوجه الجميل بالشمس. مثال: (وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ).
- مسموعان: مثل: “صوت المدافع كالرعد”.
- مشمومان: مثال: “رائحة الأزهار كالمسك”.
- مذوقان: مثل: “عصيرها كالعسل المصفى”.
- ملموسان: مثل: “وجهكالحرير”.
بالإضافة إلى ذلك، يُضاف التشبيه الخيالي إلى الحسي، كونه يتكون من أجزاء حقيقية، بينما الشكل الكلي غير موجود في الواقع، مثال: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا).
عقليّان
التشبيه العقلي يتضمن حالات يتجاوز فيها الإحساس، ويكون مدركًا بالعقل، مثل قول الشاعر:
العشق كالموت لا مرد له
ما في للعاشق المسكين تدبير
يُدرج العلماء التشبيه الوهمي ضمن هذا النوع، وهو تشبيه غير مدرك لكنه مُحتمل، مثل: (إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ).
مختلفان
يشير التشبيه المختلف إلى وجود طرف حسي وآخر عقلي، مثال: تشبيه العطر بالخلق الحسن، حيث أن العطر محسوس عبر الشم، بينما الخلق الحسن عقلاني كما في قول الشاعر:
أهديت عطرًا مثل طيب ثنائه
فكأنما أهدى له أخلاقه
يده كالسّحابة جوداً. | (………………………) | (………………………) |
وجهها كنور الشّمس. | (………………………) | (………………………) |
ليلى كالنّهر في عطائها. | (………………………) | (………………………) |
أحمد كالفهد في سرعته. | (………………………) | (………………………) |
سلوى كالقمر. | (………………………) | (………………………) |
أغراض التشبيه
تتعدد أغراض التشبيه، والتي غالباً ما تعود بالنفع على المشبّه، والتي تشمل:
بيان حال المشبه
عندما يكون المشبّه مجهولاً دون وصف قبل التشبيه، يعكس التشبيه حالة أو صفة معروفة يُشير إليها، كما في قوله تعالى: (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ).
بيان إمكان حال المشبه
عندما يُعزى شيءٌ غريب إلى المشبّه، فإن تقديم تشبيه واضح يساعد في تثبيت صورة المشبّه في أذهان المتلقين، كما في قول الشاعر:
إنَّ القلوب إذا تنافر ورُّدها
مثل الزجاجة كسرها لا يجبر
بيان مقدار حال المشبه
عندما يُعرف المشبّه مسبقاً بمقدار صفة مرغوبة، يوضح التشبيه مقدار تلك الصفة، كما في قوله تعالى: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ).
تقرير حال المشبه
يؤكد التشبيه ما تم إسناده للمشبّه بهدف تعزيز مكانته في ذهن المتلقي، كما في قولنا: “هل عمر الصبا إلا أصيل أو سحر؟”.
بيان إمكان وجود المشبه
عندما يُنسب شيء غريب كحدوث للمشبه، يكون من المهم بيان التشابه لفهم إمكانية حدوثه، كقول الشاعر:
فتَى عِيش في معروفه بعْد موته
كما كان بعد السيْل مَجْراه مَرْتعَا
مدح المشبه وتحسينه
يبرز التشبيه صورة المشبّه بصورة إيجابية لاستحسانها، كما في قول الشاعر:
تفاريق شيب في الشباب لوامع
وما حسن ليل ليس فيه نجوم
تقبيح المشبه
هنا يتم استخدام التشبيه لتصوير المشبّه بصورة سلبية كما في قوله تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ).
استطراف المشبّه
يوضح التشبيه بتفاصيل جميلة، مما يعطي انطباعًا جديدًا حول المشبّه كما في قول الشاعر:
كأن عيون النرجس الغض حولنا
مداهن در حثوهن عقيق
أخلاق الصالحين كالنسيم في الرقة. | (……………….) |
قال الله تعالى: (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا). | (……………….) |
الشجاع أسدٌ والجبان نعامة. | (……………….) |
الجهل موت والعلم حياة. | (……………….) |
هو كالعسل حلاوةً. | (……………….) |
الأسنان كالثلج. | (……………….) |
كأنّ قلوب الطير رطباً ويابساً … لدى وكرها العناب والحشف البالي | (……………….) |
أركان التشبيه
يتكون التشبيه من أربع ركائز أساسية، وهي:
المشبّه | هو أحد طرفي التشبيه ولا يتم إلا بوجوده. |
المشبّه به | هو الطرف الآخر من التشبيه ودوره أساسي فيه ولا تصح المقارنة بدونه. |
أداة التشبيه | هي الكلمة التي تدل على معنى التشابه، مثل الكاف وما يماثلها، وقد تتواجد لفظاً أو تقديراً. |
وجه الشبه | هي الصفة المشتركة بين الطرفين. |
للمزيد من المعلومات حول أدوات التشبيه بالتفصيل، يُرجى قراءة المقال التالي: أدوات التشبيه.
تعريف التشبيه
تعرف البلاغة التشبيه بأنه صفة مميزة بين شيئين بمعنى خاص كما أشار إليه معجم “القاموس المحيط”، حيث يرتبط أمران بصفة مشتركة تعد أقوى في المشبه به، كما يظهر في تمييز صبر الرجل بالجمل. ثمة تنوع في التعريفات، رغم اختلاف الألفاظ لكنها تتشابه في المعنى. مثلاً:
قال أبو هلال العسكري: “الوصف بأن أحد الموصوفين ينوب عن الآخر باستخدام أداة التشبيه، مثل: “محمد شديد كالأسد”. حيث إن المقارنة هنا هي لما لا يُشبه محمد في قوته الحقيقية، كما عزز ابن رشيق رأيه بقوله: “تشبيه الشيء بما يجعله مقاربًا من جميع الجوانب، حيث لا يمكن أن يُعبر عنه بمطابقة كليّة.” كما عرّف الخطيب القزويني التشبيه بأنه الدلالة على مشاركة شيء لآخر في معنى.